السوق المالية تعني محل تداول الأوراق المالية، تحت تنظيم وإشراف رسمي. وفي الأغلب المقصود سوق الأسهم، أي المكان أو التنظيم الذي تباع وتشترى من خلاله أسهم الشركات المتاحة للتداول بيعا وشراء. ويلي سوق الأسهم في الأهمية والانتشار سوق السندات. وأسواق المال حديثة نسبيا، بخلاف أسواق السلع الموجودة عبر آلاف السنين، ما الورقة المالية؟ مستند للامتلاك القانوني لملكية مثلا: أسهم في شركة مساهمة. ولهذه الملكية قيمة نقدية طبعا. وكانت في الماضي وثيقة مطبوعة، لكن التطورات التقنية جعلتها في الأغلب تصدر بصورة وثيقة إلكترونية، الاستثمار في الأوراق المالية توسع توسعا هائلا مع التطور التقني. وهذا التوسع بطبيعته زاد منها ومن أهميتها في الاقتصادات. والمسمى الدارج عالميا لأسواق الأوراق المالية بورصات، مثل بورصة نيويورك وغيرها. وفي بلادنا وفي أكثر الدول العربية تسمى السوق المالية. وكلمة سوق مالية أعم من كلمة بورصة، فالسوق المالية بناء سوقي إلكتروني عادة يجمع بين المتعاملين البائعين والمشترين والوسطاء في الأورق المالية.
بورصة أو سوق مالية تعني سوقا منظمة يشرف عليها هيئة وفق أنظمة ولوائح وأعراف. وكانت البداية بمهنة الصرافة الموجودة قبل أكثر من ألفي عام. ومع بدايات التطور الصناعي قبل قرون قليلة، ظهرت أول بورصة في أوروبا، وتحديدا في بلجيكا. وتفصيلا، تعود كلمة بورصة إلى اسم العائلة البلجيكية ديربورصن، التي كانت تملك مكانا في القرن الـ15 يلتقي فيه التجار، يتبادلون فيه المعلومات عن أسعار السلع، الأسواق المالية كغيرها من الأسواق متفاوتة في بنيتها وكفاءتها وطرق عملها ومواردها وما إلى ذلك. وكفاءة السوق تنطلق من كون المتعاملين فيها يعرفون المعلومات الجديدة والتغيرات بسرعة. بمعنى آخر، أسعار السوق تدل على كل المعلومات المتاحة، بما يجعل تحقيق الأرباح لا يعتمد فقط على المعلومات القديمة مثلا. وأهم معايير قياس كفاءتها تكلفة التبادل فيها ومدى سرعة التكيف فيها للتغيرات من أسعار وغيرها.
من المعايير مدى قوة المنافسة، وهذه تتأثر بعوامل مثل مدى توفر السيولة وعدد البائعين والمشترين ومدى الشفافية التي تحكم تعاملاتهم، التي بدروها تتأثر بعوامل كثيرة، لكن نظرية كفاءة الأسواق لا تخلو من اعتراضات عليها، مثلا: الناس ليسوا سواء في الذكاء والفهم، وليسوا سواء في القدرة على الاستعانة بالمعلومات المتاحة، تتأثر أسواق المال بالوقائع والأحداث. هذه قضية ليست موضع شك، ففي وقتنا هذا تتأثر على سبيل المثال بما يحدث من نزاعات وخلافات في عدة أماكن في العالم، لا تخفى على الإخوة القراء.
لكن التغير في أسعار الأسهم تبعا بما يحدث من أحداث صعب التنبؤ به جيدا. عندما تعلن المعلومات التي هي موضع توقع السوق، فإن أسعار الأسهم لا تتأثر بقوة بإعلان هذه المعلومات. هذا يفسر لماذا في حالات كثيرة تنخفض أسعار أسهم عند إعلان نتائج جيدة. رغم أن هذا يبدو غريبا، إلا أن النتائج المعلنة ليست جيدة بالجودة التي توقعها السوق. مثلا لو غلبت التوقعات في السوق بزيادة الأرباح بنسبة 25 %، بيمنا الواقع أنها زادت بنسبة 15 %، فإن هذا يعني أن إعلان النتائج دون الطموحات، ومن ثم تنخفض أسعار تلك الأسهم.
هناك عدة نظرات تحاول تفسير كيفية تغير وتطور أسعار الأوراق المالية، وعلى رأسها الأسهم. من هذه النظريات نظرية "المشي العشوائي". random walk هي وجهة نظر تقول بأن جميع المعلومات المتوافرة مدمجة فعلا في أسعار الأوراق المالية وعلى رأسها الأسهم. والتغير في أسعار الأوراق يستند على ورود معلومات جديدة، وهذه النظرية كانت ومازالت عالميا محل اختبار كم هائل من الدراسات التطبيقية، بعضها مؤيد وبعضها غير مؤيد، استنادا إلى اعتبارات كثيرة. وبالله التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية