منذ عدة أعوام انتشر أسلوب الاشتراك الدوري، وأصبح السمة الغالبة لتقديم الخدمات وبيع المنتجات بدلا من طريقة الشراء المعتادة، وآخر ذلك إعادة إحياء المغاسل الآلية للسيارات بهذا الأسلوب التسويقي، بحيث يدفع العميل مبلغا سنويا مقابل إمكانية غسل السيارة عدة مرات في الشهر الواحد، لذا بدأت تنتشر المغاسل الآلية للسيارات هنا وفي أمريكا، ليس فقط بسبب تطور أجهزة ومعدات الغسل وارتفاع تكلفة الأيدي العاملة، بل لأن أسلوب الاشتراك له دور كبير في ذلك. وقبل ذلك اتجهت شركات البرمجيات إلى أسلوب الاشتراك للحصول على البرامج، بدلا من شرائها مرة واحدة، فأصبحت كأنها عملية تأجير وليست بيعا لبرامج الكمبيوتر والإنترنت، مقابل الحصول على النسخ المحدثة وبعض الحوافز الأخرى، هذا الأسلوب التجاري الجديد مربح بشكل كبير، فأصبحت جميع الشركات تحاول توظيفه بشكل أو آخر، حتى إن لم تكن فكرة الاشتراك ملائمة جدا لمنتجات الشركة، بل في بعض الحالات لا يمكن الحصول على الخدمة أو المنتج دون القيام بالاشتراك.
سبب ربحية هذا الأسلوب التسويقي أنه يستخدم في بعض الحالات كعقد ملزم لمدة معينة، عادة عاما كاملا، وبالتالي تضمن الجهة مبيعات عام كامل بدلا من بيع يحصل مرة واحدة. وحتى إن قرر العميل إنهاء الخدمة فسيكون ملزما بدفع قيمة بقية الاشتراك أو دفع جزء كبير منها، كنوع من العقاب لإنهاء العقد، إضافة إلى أنه بسبب انتشار وسائل الدفع الإلكتروني ومرونتها، هناك فائدة أخرى لهذه الجهات في أن كثيرا من عقود الاشتراك تتجدد تلقائيا بعلم أو دون علم من المشترك. وبالمناسبة، يمكن للبنوك وشركات الخدمات المالية المساعدة في ذلك بعدم تنفيذ أي عمليات دفع إلكترونية إلا بموافقة العميل، وهذا بالفعل الذي يحدث في الشراء الإلكتروني العادي، لكن ذلك لا يتم القيام به في حال قامت الجهة التجارية بالسحب التلقائي من بطاقة العميل!
بخصوص مغاسل السيارات، يبدو أن فكرة الاشتراك الدوري جاذبة وناجحة، لأن مبلغ الاشتراك السنوي محسوب على أساس متوسط عدد المرات التي يقوم فيها العميل بغسل السيارة، وكثير من العملاء لن يذهب للمغسلة كثيرا حتى إن كانت مدفوعة التكلفة، بسبب الوقت اللازم للقيام بذلك ولعدم وجود حاجة ماسة دائمة لغسل السيارة. من جهة أخرى، أعلنت بعض شركات السيارات العام الماضي إدراج نموذج الاشتراك للحصول على عدد من مواصفات السيارات، بحيث يدفع مالك السيارة اشتراكا دوريا للحصول على الميزة المطلوبة، منها مثلا ميزة تدفئة مقاعد السيارة لإحدى الشركات بمبلغ 50 ريالا اشتراكا شهريا، وغير ذلك من ميزات، بحيث يكون سعر شراء السيارة فقط للحصول على سيارة عادية، ومن ثم تأتي بقية الميزات باشتراكات دورية.
المشكلة أن العميل أصبح لديه اليوم مجموعة كبيرة من الاشتراكات عليه متابعتها وإدارتها بشكل جيد، وإلا وجد نفسه يقوم بسداد اشتراكات لسلع وخدمات ربما هو ليس بحاجة حقيقية إليها، فبعض الناس لديهم اشتراكات في خدمات تخزين سحابية أو لبرمجيات معينة كالحماية من فيروسات الحاسب، أو لصحف ومجلات رقمية، أو لخدمات إضافية من شركات الاتصالات، أو للحصول على خدمات تلفزيونية رقمية أو لمشاهدة "يوتيوب" بدون إعلانات، أو لاشتراك في ناد رياضي، أو لخدمة توصيل معينة، أو لغسل السيارة.
أسلوب الاشتراك الدوري مجد وناجح، وبالفعل يصنع الفارق في كثير من الحالات، لكن هناك مبالغة في توظيفه من قبل بعض الجهات، فيجب ألا يكون هو الطريقة الوحيدة للحصول على الخدمة أو المنتج، ولا بد من تعاون مؤسسات الدفع الإلكتروني في تنبيه العميل والحصول على موافقته في حين ورود عمليات دفع تلقائية، وكذلك هناك فرصة لريادة الأعمال في مجال التقنية المالية لإيجاد حلول مناسبة، تعين العميل في إدارة ما لديه من اشتراكات دورية والسيطرة عليها.
نقلا عن الاقتصادية