جهود كبيرة يقوم بها المركز الوطني لإدارة الدين، التابع لوزارة المالية، في ابتكار أساليب تمويل حكومية جديدة، والعمل على تطوير القطاع المالي في المملكة، وطرح منتجات مناسبة لشرائح عديدة من المستثمرين، بما في ذلك الأفراد السعوديين، حيث أعلن هذا الأسبوع طرح منتج ادخاري خاص بهم، عبارة عن صكوك حكومية يمكن الاشتراك بها وقت طرحها في كل شهر بطريقة سلسلة ودون رسوم وبعوائد متسقة مع أسعار الفائدة السائدة، كيف تختلف هذه الصكوك عن غيرها من الصكوك والودائع وصناديق النقد الاستثمارية وغير ذلك من منتجات مالية متوافرة في السوق السعودية؟
الاختلاف يكمن في ثلاثة أمور، أولها: عدم وجود رسوم اشتراك ولا عمولات، كما يتم عادة في كثير من المنتجات المالية، وثانيا: جودة درجة الموثوقية في كون الجهة المصدرة حكومة السعودية وليست جهة تجارية أو بنك، وثالثا: إمكانية الحصول على عوائد متسقة مع الأسعار السائدة وخالية من مخاطر تقلبات الفائدة. هذه النقطة الأخيرة تحتاج إلى مزيد من الإيضاح، فالذي سيحصل هنا أن الصكوك ستطرح بشكل شهري، وبذلك فالعوائد المتحققة للمدخر الفرد أقل مخاطرة من الطرق الأخرى التي يكون فيها العائد ثابتا طيلة فترة الاشتراك التي قد تمتد لعدة أعوام. ثبات العائد ليس دائما الخيار الأنسب للمستثمر، كون ذلك يعتمد على معدلات الفائدة في المستقبل، فمثلا الاشتراك بعائد ثابت لمدة عام أو أكثر قد يفوت على المشترك فرصة الحصول على عائد أفضل في حال ارتفعت معدلات الفائدة بعد أشهر قليلة، وبالطبع يستفيد المشترك من تثبيت العائد لو أن معدلات الفائدة انخفضت، لذا من لا يرغب في هذا النوع من المخاطرة فالادخار من خلال صكوك شهرية، وليس دفعة واحدة، يكون الخيار الأنسب.
من المهم الإشارة إلى أن هذه الصكوك ليست معدة للاستثمار، فهي ليست مثل الأسهم ولا الصناديق الاستثمارية، فلا توجد هناك سوق لتداولها، وقد يتم ذلك في المستقبل، لذا فإن التخارج من هذه الصكوك، في حال قرر المشترك بيعها قبل تاريخ استحقاقها، سيكون بالتخلي عما تم جمعه من فوائد والحصول على رأس المال فقط. فبحسب ما توفر من معلومات لن يكون هناك رسوم استرداد من قبل البنك الذي تم الشراء عن طريقه، ولو كانت لهذه الصكوك سوق لتداولها لأمكن بيعها وشراؤها في أي وقت من الأوقات بأسعار تحددها قوى العرض والطلب.
أخيرا، لدينا التجربة الأمريكية الكبيرة الناجحة في إتاحة الاشتراك والاسترداد من خلال منصة تديرها وزارة الخزانة، ويتم من خلالها طرح جميع أنواع السندات الحكومية، وهي متاحة فقط للمقيمين في أمريكا، وتتميز بإمكانية الاشتراك بحد أدنى 100 دولار، دون رسوم ولا عمولات، ويأتي تحديد العوائد من خلال مزادات تنافسية. في الوقت نفسه، يمكن تداول جميع ما يطرح من أدوات الدين هذه في الأسواق المالية من خلال الوسطاء التقليديين، أي أن المشترك يقوم بطلب تحويل سنداته إلى وسيط معين، ومن ثم يقوم ببيعها أو حتى شراء مزيد منها في السوق.
ميزة السندات الحكومية في الولايات المتحدة أنها تتمتع بحوافز ضريبية، لا تتوافر في سندات الشركات، التي تمنح عوائد أعلى من الحكومية، ولكن يستقطع من عوائدها ضرائب على مستويات المدينة والولاية والدولة، بينما السندات الحكومية تتخلص من بعض أو جميع هذه الضرائب.
علاوة على فوائد الصكوك الجديدة للمدخرين من الأفراد السعوديين، فهي كذلك مفيدة لمركز الدين الحكومي الذي يبحث عن أساليب تمويل حكومية بأقل التكاليف، فتكون الصكوك الشهرية وسيلة مناسبة، وتعين المركز في عملية التحكم بمتوسط عمر محفظة الدين وتكلفته وفقا لما يستجد من فرص وتطورات على مستوى معدلات الفائدة.
نقلا عن الاقتصادية