نشرت صحيفة "الاقتصادية" في عدد الثلاثاء الماضي تقريرا عن شركة المحاماة كيركلاند التي تمارس أعمالا تجارية بصورة تجعلها أقرب إلى صندوق تحوط أو بنك استثماري مثل جولدمان ساكس. صندوق التحوط ترجمة للمسمى Hedge fund، وتقوم أعمالها على الدخول في استثمارات عادة مخاطرها أعلى من الصناديق الاستثمارية التقليدية بهدف تحقيق عوائد أكبر. أما البنك الاستثماري فعادة لا يقبل ودائع من الناس، ولكنه يركز في تحصيل عوائد من الشركات والحكومات عن طريق التعامل في الأوراق المالية، وتمارس كيركلاند ما سبق باستثمار أموال معتبرة في صناديق موكليهم. ولها طرق كثيرة منها بناء علاقات جيدة مع شركات استحواذ، أي تلك التي تستهدف السيطرة على شركات عن طريق تملك نسبة كبرى من أسهمها، دول تسمح بما سبق. فبعض الدول تمنع الجمع بين مهنة المحاماة وممارسة التجارة، والسبب الانشغال عن المهنة، ولكنه تعليل لا أراه مقبولا، فوجود غير متفرغين في ممارسة باستقلال لمهن قائمة على تخصصات علمية جامعية لا يستلزم التقصير في أداء المهنة. والمنع من جهة أخرى سهل الالتفاف عليه، من خلال طرق نظامية مختلفة. عدم التفرغ طبعا لا يعني التساهل في أداء الواجبات والالتزام بتطبيق أصول المهنة.
تسهلت الممارسة في وقتنا مع التطورات التقنية، حيث يمكن للممارس أن يمارس في مكتبه أو بيته أو في مكان آخر يختاره، بالاعتماد على ضغطات أزرار وشاشات عبر برامج تواصل وعلمية كثيرة. بمعنى آخر، صارت التجارة الإلكترونية واقعا. وتبعا، صارت أعمال كثيرة في المحاماة لا تتطلب حضور جلسات، بل تتم عن بعد، وصاحب المهنة كغيره من الناس، له حق ممارسات كشراء أسهم سواء بقصد المضاربة أو لا. والممارسة مع الوقت تجلب خبرات وثقافات ليست من لب مهنة الممارس، لكنه من خلال عمله غالبا، توافرت له ظروف قادته إلى التعرف على ممارسات تجارية، في شركة كيركلاند تحصلت مع مرور الأعوام على خبرات في إدارة رؤوس أموال لا يستهان بها من مجموعة من الشركاء عملاء الشركة. وبداية الممارسة كان بتوظيف محام يعمل في بنك استثماري. وتبعا فإن منشآت المحاماة لها أن تتبع طرقا مشابهة. من الطرق أنها عند التوظيف على وظيفة محاماة، فإنها تهتم بنوعية خبراته، مثلا أنه عمل أو يعمل في منشآت مالية من بنوك وغيرها، وخلاف الخبرات في جوانب قانونية لقطاعات مالية، هناك أعمال تجارية أخرى تساعد على إكساب مهارات تجارية. وهنا أمثلة.
من الأمثلة الوساطة التجارية تحت ضوابط في عقود بتفاصيل أكثر من المعتاد. مثال آخر أعمال الوساطة في التوظيف، للمحامين ذوي الخبرة في جوانب متصلة مباشرة بالتوظيف وأنظمة وتعليمات العمل. مثال ثالث أعمال الوساطة العقارية، للمحامين العاملين أو ذوي الخبرة في شؤون وقضايا العقار، من الطرق تقديم خدمات محاماة لشركات مساهمة، متخصصة أو ذات اهتمام مباشر بمجالات تجارية، والكلام السابق المقصود به أولويات. وإلا فإن أي نشاط تجاري سواء في بداية تأسيسه أو بعد تأسيسه أو خلال جهود توسعه وتطويره فإنه بحاجة إلى مختصين قانونيين في أمور لها علاقة بالأنظمة والتعليمات، ولذا فإنه من المعتاد قيام رجال أعمال بالتعاقد مع محامين، بغض النظر عن حجم وطبيعة ما يقومون به من أنشطة ومشاريع تجارية، يساعد على تحقيق أو رفع مستوى تحقيق ما سبق أن تراعى أيضا في مناهج وتخصصات الشريعة والقانون، أو يفتح المجال لدورات وبرامج بما يوسع من ثقافة وخبرة الدارسين أو المتخرجين. أي أنه لا يكفي الاكتفاء بكتب ومقررات الشريعة والقانون المعروفة لدى أهل التخصص.
بصفة عامة، هناك حاجة لاكتساب مهارات، فخبرات لا تدرس أو تكتسب عادة في إطار وحدود التخصص، تساعد على نجاح المحامي في فهم أمور خارج المهارات القانونية المعتادة، ما يساعد على تحقيق كل ما سبق، إعطاء تراخيص لشركات محاماة في تقديم خدمات مثل خدمات التدريب الاحترافية. وهذا يساعد على مزيد تطوير في مجال المحاماة وفي القطاع المهني بصورة عامة، كما يساعد على تحقيق كل ما سبق قوله من أفكار، يساعد على تحقيقها إعطاء مزيد عناية في أخلاقيات وواجبات العمل المهني. من ذلك الاهتمام بإعطاء مزيد تعاون وتخصص واحترام بين الشركاء في عمل المحاماة. وتبعا لا ينبغي للمحامي أن يدخل في ممارسة تجارية على حساب مصلحة الجهة التي يعمل فيها أو يتعامل معها، أو دون علم شركائه. وبصفة عامة دخول صاحب مهنة في أعمال تجارية لا يعني البعد عن المشكلات والمخاطر. والأهم طلب التوفيق من الله سبحانه.
نقلا عن الاقتصادية