تتجه الأنظار نهاية كل عام إلى تحركات الأسهم كون هناك ظواهر عدة يعتقد أنها تتكرر كل عام، ولها مصداقية عالية في تقرير مصير حركة الأسهم في الأسابيع القليلة ما قبل نهاية العام وما بعده، فمثلا ما يعرف بصعود "سانتا كلوس"، حيث ترتفع الأسعار قبل يوم الميلاد وما بعده بأيام قليلة بالفعل له مصداقية محيرة رغم كون ذلك يخالف مبدأ كفاءة الأسواق. ولكن هل 2023 مختلفة عن الأعوام السابقة؟، بطبيعة الحال كل فترة زمنية في أسواق الأسهم تختلف عن غيرها، والتطورات والتغيرات والتقلبات والأحداث تتنوع وتصعب معرفة تأثيراتها في الأسواق، ومع ذلك بعض الظواهر المتعلقة بنهاية العام قد يصعب تحقيق أي منها بنهاية 2023 بسبب التحركات القوية وغير المتوقعة للأسواق، ولا ننسى أن كثيرا من المحللين كانوا يعتقدون أن 2023 ستعاني ركودا اقتصاديا وتدهورا في أسعار الأسهم. حتى وقت كتابة هذه المقالة نجد أن الأسواق الأمريكية حققت ارتفاعات قوية، فمؤشر S&P500 مرتفع 24 في المائة، وناسداك 42 في المائة، وداو جونز 13 في المائة، كما أن هناك شركات فردية كبرى حققت ارتفاعات بمقدار 50 إلى 200 في المائة، فهل سنرى مزيدا من الارتفاعات في نهاية العام؟
المسببات المعتادة هي أن أجواء الأعياد والابتهاج والتفاؤل تدفع عامة المتداولين نحو شراء الأسهم فترتفع أسعارها، وبسبب غياب كبار المتداولين نتيجة الأعياد تكون السيولة ضعيفة فتسهل عملية رفع الأسعار، إضافة إلى أن غياب كبار المتداولين تغيب معه عمليات البيع على المكشوف فتقل عوامل الضغط على انخفاض الأسعار. في اعتقادي أن هذه المسببات تصدق أكثر في حال كانت الأسهم في حال ضعف وتراجع بنهاية العام، وأن ذلك لا يطبق على الفترة الحالية، الظاهرة الأخرى عملية ما يعرف بتجميل محافظ المستثمرين، أو زخرفة الواجهات window dressing، التي يقوم فيها مديرو المحافظ الكبيرة والصناديق الاستثمارية بتحسين صور محافظهم المالية بجعلها تحتوي على شيء من الأسهم التي حققت ارتفاعات قوية خلال العام، وهذه الظاهرة قد تتحقق هذا العام بشكل أكبر من المعتاد بسبب وجود شركات كبرى، كثير من الناس يتمنون لو أنهم قاموا بشرائها، لذا فمن المتوقع أن تواصل هذه الشركات ارتفاعها ما تبقى من العام. في الوقت نفسه الظاهرة ذاتها تعني أن بعض مديري المحافظ سيقومون ببيع ما لديهم من أسهم خاسرة لإخراجها من محافظهم، مرة أخرى للتظاهر بعدم وجود شركات خاسرة لديهم، وهذا يعني مزيدا من الضغوط البيعية على الأسهم الخاسرة.
إلى جانب الحركات التجميلية هذه هناك تحركات عملية أكثر ومنطقية تؤدي بالفعل إلى إحداث عمليات بيع تجاه الأسهم المتراجعة طيلة العام، وهي ظاهرة الاستفادة من الفوائد الضريبية، حيث يقوم مديرو المحافظ ببيع ما لديهم من أسهم خاسرة، كون الخسائر المتحققة تخفف من الضرائب الواجب دفعها مقابل ما تم جنيه من أرباح رأسمالية في الأسهم الرابحة. لذا يحدث في كل عام، وربما بشكل أكثر هذا العام، أن تواجه الشركات المتراجعة مزيدا من التراجع بنهاية العام، وهنا يمكننا الخروج باستراتيجية معقولة لما تبقى من العام، وما يلي ذلك من أسابيع قليلة في أول العام الجديد، الاستراتيجية الممكنة للفترة المقبلة، استنادا إلى ما تم ذكره من ظواهر متعلقة بتحركات نهاية العام، هي القيام بشراء الأسهم الرابحة وبيع الأسهم الخاسرة خلال 2023، باستخدام أسلوب الشراء والبيع على المكشوف. هذا الأسلوب يهدف إلى تحقيق أرباح متواضعة ولكن باحتمالية أعلى من أي استراتيجية أحادية الاتجاه، وهذه الاستراتيجية قصيرة المدى لا تتجاوز شهرين من الآن. فمثلا يمكن للمضارب إنشاء محفظة من عشر شركات ممن حققت ارتفاعات عالية هذا العام، بغض النظر عن مستويات أسعارها الحالية، وفي المقابل البيع على المكشوف لعشر شركات ممن حققت انخفاضات أو أداء أقل من المؤشرات الرئيسة، ومن ثم الخروج من جميع هذه الشركات بنهاية يناير أو بداية فبراير.
تطبيق هذه الاستراتيجية يمكن أن يتم بعدد أقل من الشركات، كما يمكن استخدام عقود الخيارات بدلا من شراء الأسهم ذاتها، وكذلك الاستفادة من عقود الخيارات في محاكاة البيع على المكشوف، من خلال عقود الهبوط "عقود بوت". كذلك من المهم الانتباه إلى أن الاستراتيجيات مثل هذا النوع تختلف على المراهنة على اتجاه واحد، صعودا أو هبوطا، رغم أن الأرباح تأتي بشكل أكبر في الاستراتيجيات أحادية الاتجاه ولكن بطبيعة الحال يتحقق الربح فقط في حال سلكت الأسهم الاتجاه المتوقع. وكما ذكرت هنا مرات عدة، هناك استراتيجيات تناسب المحافظ الصغيرة وأخرى تناسب المحافظ الكبيرة، فبشكل عام المراهنة على اتجاه معين مناسبة أكثر للمحافظ الصغيرة التي تسعى إلى تعظيم الأرباح مع قبول مخاطرة عالية، بينما الاستراتيجية المذكورة هنا تناسب أكثر المحافظ المتوسطة والكبيرة.
تحركات الأسهم بنهاية 2023 ستكون مختلفة هذا العام بسبب عوامل عدة كبرى مؤثرة، أهمها ما تبين عن مسار معدلات الفائدة للعام المقبل وما بعده نتيجة قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع، حيث إن الاعتقاد السائد أن مسلسل رفع معدلات الفائدة قد انتهى وإن هناك مرات عدة في المرحلة المقبلة ستشهد عمليات خفض لمعدلات الفائدة. في الوقت نفسه هناك من المتداولين ممن يأخذ بأسلوب الاتجاه المعاكس، أو أسلوب الشراء على الشائعات والبيع على الخبر، وبالتالي هؤلاء يرون أن إعلان مثل هذه الأخبار الجيدة يأتي بعد أن ارتفعت الأسعار بشكل كبير طيلة العام، أي إن الناس كانوا يشترون لأنهم على انتظار خروج أخبار مشجعة، وبالتالي فبعد خروج هذه الأخبار يبدأ وقت الخروج من الأسواق. ولذا فإن أسلوب عدم المراهنة على اتجاه واحد يأتي لتجنب الوقوع في مثل هذه القناعات من خلال التحوط والاستعداد لكل الاحتمالات.
نقلا عن الاقتصادية
دكتورنا الغالي / كلما أتمناه على السوق أن تزداد كفاءته !؟ ( أي = ) أن يقيم السوق أسعارالشركات بناءً على نتائجها . ... كلنا يتذكر شركة نوكيا : كيف كانت وكيف صارت ، وكيف آبل و سامسونج حلت مكانها .
المشكلة يادكتور فهد إنك دكتور اقتصاد ولك خبرة وباع طويلة جدا في الأسواق المالية والاقتصاد ولا زلت تعتقد بأن الأفراد لهم تأثير على تحديد مسار المؤشر يادكتورنا العزيز أسواق المال في جميع دول العالم تدار من قبل ( صانع ) ومن خلفه صناع متواجدين من خلال الذكاء الصناعي والخوارزميات وليس بشر بحصول على ايجارات قبل نهاية العام مثل ما اقول لا يمكن لأي شخص أو متداول أن يؤثر على المؤشر العام ربما الشركات الصغيرة ويتم كشفه مبكرا من خلال أجهزة الرصد والتتبع للعمليات والتي تسجل جميع العمليات والتداولات يوميا