أخطأت وأرجو أن أكون قد تعلمت

30/11/2023 4
د. إبراهيم بن محمود بابللي

نعيش في مجتمعات مختلفة، متنقلين يوميا بين عدد منها: من المنزل إلى العمل، وفي الطريق بينهما، وفي المسجد ومع الأصدقاء، وفي أماكن التسوق، وعند السفر سياحة أو دراسة أو عملا. لكل مجتمع نسَقٌ معين وطابع خاص، وأقوام وأخلاق تتلاقى وتتباين. ولكن القاسم المشترك بينها هو كيفية تصرف الواحد منا في هذه المجتمعات، أخلاقه، تعامله، ردود فعله، قرارته، تسامحه، إعراضه. رحم الله أحمد شوقي الذي قال:

وَكُن رَجُلاً إِن أَتَوا بَعدَهُ               يَقولونَ مَرَّ وَهَذا الأَثَر

في إحدى أمسيات الخميس في الرياض العامرة، كنا ضيوفا في دار الشيخ أحمد باجنيد (رحمه الله)، والذي تكرّم بفتح بيته كل خميس لمحبي الشعر والأدب من روّاد خميسية الأديب الشريف عبد العزيز الرفاعي (رحمه الله) التي توقفت بوفاة رائدها بعد عقدها كل خميس دون انقطاع أكثر من أربعة عقود، في الرياض وفي جدة وفي ماربيا وفي كل مدينة حطّ الأديب الشريف رحاله فيها، مقيما أو زائرا، كان المتحدث في تلك الأمسية أحد رواد تطوير الذات. تعلمت في تلك الأمسية الكثير، ولكن رسخ في ذهني أمر يقوم به المتحدث مرة في نهاية السنة، كل سنة. كان يخلو بنفسه في مكان بعيد منقطع عن الآخرين، يراجع سنته المنصرمة: ماذا عمِل؟ ماذا أنجز؟ فيمَ أخطأ؟ ما هي القرارات التي ينبغي عليه مراجعتها؟ وتلك التي كانت صحيحة، هل يتخذها من جديد؟ إلى غير ذلك من المراجعات التي تشحن طاقته الإيجابية وتعِدُّه لعام جديد.

سألت نفسي وقتها: ما هي الأخطاء التي اقترفتها، وهل تعلّمتُ منها؟

ثم بدأت في تدوين مواقف مررتُ بها، أدركت وقتها أو بعدها أنني أخطأت في تصرفي أو في قراري أو في فهمي، وأحيانا أخرى احترت هل كنت مخطئا أم أن قراري كان هو القرار الصحيح. وحاولت عند التدوين قراءة المواقف بحيادية، لعلي أستفيد منها دروسا لنفسي لعدم تكرار الخطأ، أو للتعلم منها، أو لتحسين قدرتي على التعامل مع مواقف مشابهة، وقد خطر ببالي مؤخرا أن أنشر عددا من هذه المواقف وأطرحها بين أيديكم أيها الكرام. وإنّي إذ أفتح قلبي وسجِلّي أتمنى عليكم إكرامي بمرئياتكم وملحوظاتكم ومقترحاتكم، لعل الله أن يجعل في مثل هذا السِفْرِ فائدة لقارئ أو مطّلِعٍ أو متعلِّم، وأسأل الله أن يكون فيما سأطرحه فائدة، وأن يلهمني الصواب في القول والعمل.

 

 

 

خاص_الفابيتا