ينطلق الأسبوع القادم مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار (FII) بالرياض بنسخته السابعة في ظروف استثنائية يواجه فيها المجتمع الدولي والمنطقة، تحديات جيوسياسية واقتصادية عميقة. ورغم التحديات الدولية المختلفة، نجح المؤتمر في تحقيق نجاحات كبيرة في نسخه السابقة، وتمكن من فرض اسمه على خارطة المؤتمرات الاقتصادية لعالمية، وتجاوز جميع العراقيل السياسية والاقتصادية والتوسع في تحقيق مكاسب استثنائية انعكست إيجاباً على التنمية والاستثمار المحلي والعالمي. التخطيط الإستراتيجي، والرؤية الفاحصة، والارتباط الوثيق بين رؤية السعودية 2030 ومبادرة مستقبل الاستثمار أسهمت في تحقيق النجاح المتراكم للمؤتمر.
تحديان رئيسان يواجههما المجتمع الدولي حالياً، وبالتالي مستقبل الاستثمارات. الأول مرتبط بالأمن والاستقرار الدولي، والمنطقة بشكل خاص، والثاني على علاقة بالاقتصاد العالمي وما يواجهه من مشكلات عميقة قد تتسبب في نشوء أزمات مالية واقتصادية حادة. لا يمكن التهاون بارتفاع معدلات المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية وتأثيرها السلبي على تدفق الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتنفيذ المشروعات التنموية واستدامتها. وهو ما أشار إليه معالي ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة ورئيس معهد مبادرة مستقبل الاستثمار FII بقوله «بينما نعقد هذا التجمع لزعماء العالم في هذا الوقت الحرج من التاريخ، يواجه الكوكب والاقتصاد العالمي والمجتمع مجموعة من التحديات الصعبة، والتي تشمل الاستقرار والنمو الاقتصادي العالمي والبيئة، وتسريع التقدم التكنولوجي بما في ذلك الذكاء الاصطناعي التوليدي والتعليم والصحة». تحديات مختلفة أشار إليها الرميان، إلا أن استهلاله بتحدي الاستقرار والنمو الاقتصادي العالمي يؤكد تأثيرهما المطلق على مستقبل الاستثمارات، واستدامة القائم منها، وحاجتهما لمزيد من الناقشات وطرح الحلول واتخاذ القرارات الجريئة من زعماء العالم وبما يجنب العالم ويلات الأزمات ويسهم في تحقيق الاستقرار واستدامة نمو الاقتصاد العالمي.
ومن القضايا المحورية التي سيتناولها المؤتمر، تغير المناخ، ودور الحكومات، والإمكانات التحويلية للتكنولوجيا والتعليم والرعاية الصحية في خلق عالم أكثر عدلاً وأمانًا وازدهارًا. وهي ملفات مهمة، وساخنة، غير أن ملف التغير المناخي وانعكاساته على الاستثمار في قطاع الطاقة، المحرك الرئيس للاقتصاد العالمي، يمكن أن يكون الأهم والأبرز، خاصة للدول النفطية وفي مقدمها السعودية، فما يتعرض له قطاع النفط والغاز من تحيز سلبي، وسعي الغرب لتحميله تبعات تغير المناخ، والتضخم العالمي، أثر سلبا في حجم الاستثمارات الموجهة للقطاع، ما يعني خلق تحديين رئيسين، الأول حجب الاستثمارات عن قطاع الإنتاج وانخفاضها بشكل مؤثر وبالتالي تأثيره السلبي على أمن الطاقة العالمي، والثاني تأثيره المباشر في الأسعار التي ستشهد ارتفاعاً كبيراً بسبب نمو الطلب العالمي الذي سيواجه بانخفاض حاد في الإنتاج، والمعروض النفطي، ما سيعمق من أزمات الاقتصاد العالمي، الذي يسعى العالم لمعالجتها اليوم.
للحوارات العالمية تأثير مباشر في تجاوز الأزمات، والأحوال المضطربة، وهو ما يسعى لتحقيقه المؤتمر من خلال مخرجاته التي تتطلب الكثير من العمل لتفعيلها وبما يسهم في معالجة قضايا الاستثمار وتحدياته، الرئيس التنفيذي لمؤسسة «مبادرة مستقبل الاستثمار»، ريتشارد أتياس، أشار إلى أنه «من الضروري أن يجتمع مجتمع المؤسسة معاً لإعادة تصميم بوصلة جديدة كأداة للملاحة والإلهام»، وذلك في تعليقه على اختيار «البوصلة الجديدة» كعنوان للمؤتمر في نسخته السابعة.
أجزم أن بوصلة المملكة تم تحديدها منذ إطلاق رؤية 2030، وكل ما نشهده من استثمارات ومشروعات تنموية ضخمة، وإعادة هيكلة وإصلاحات اقتصادية، إنما تمت وفق بوصلة البناء والتحول التي يقودها بكفاءة عالية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومن مخرجاتها المباركة مبادرة مستقبل الاستثمار الذي تحول إلى منصة عالمية، يجتمع فيها قادة العالم وكبرى الشركات الصناعية والمستثمرون والمبتكرون وصانعو السياسات، وتنطلق منها أهم المشروعات العملاقة التي باتت المملكة حاضنة رئيسة لها.
نقلا عن الجزيرة