قطعت السعودية مسافات طويلة نحو التحول الرقمي خلال فترة وجيزة. وشهدت الخدمات المقدمة من القطاعين الحكومي والخاص في هذا المجال قفزات كبيرة وتطورا ملحوظا من حيث تضاعف عدد المستفيدين بدعم من سهولة الخدمات وبساطتها. طوت السعودية معها حقبة كانت تتسم بصعوبة الأعمال واعتمادها على المراجعات الشخصية والحضورية، يلزم معها إرفاق عديد من الملفات الورقية، فضلا عن صعوبة طباعتها وفهرستها واحتمال ضياعها، وتسليمها يدويا عند مراجعة الجهة المعنية بشكل مباشر، ما يسهم في زيادة الازدحام المروري حول تلك الجهات، وتبعات أخرى، اليوم، وبدعم وإصرار من القيادة الحكيمة لتطوير الخدمات المقدمة للشركات والأفراد محليا ودوليا، تم اختصار كل تلك الإجراءات وتقليص تكلفتها زمنيا وماديا، بل جسديا بشكل كبير، من خلال إنشاء هيئة الحكومة الرقمية في مارس 2021، تختص وتعنى بالتحول الرقمي داخل المملكة ومتابعته وتطويره بشكل مستمر، وخلال عامين فقط استطاعت تحقيق منجزات مهمة في التحول الرقمي للخدمات، يرى ذلك ويلمس أثره كل مواطن ومقيم على حد سواء.
اليوم، تعد المملكة أنموذجا يحتذى في مجال التحول الرقمي وتطويع التكنولوجيا لتشمل كل القطاعات والخدمات المقدمة من الجهات الحكومية، وكلف هذا التحول ميزانيات ضخمة وجهودا بشرية حتى تصل إلى المستوى الذي يراه الجميع اليوم، وحيث جاء في البند السادس من مهام الهيئة "قياس أداء الجهات الحكومية وقدراتها في مجال الحكومة الرقمية ورضا المستفيد". ورغم الرضا الذي يشعر به ويثمنه الجميع، حيث ينعم المراجع بإنجاز أغلب معاملاته عبر جهازه الجوال أينما كان، إلا أن بعض القطاعات الحكومية لا يزال تربطه علاقة وثيقة بالنماذج والملفات الورقية التي تسعى حكومتنا لتخطيها منذ زمن، فرغم استخدام التقنية "التطبيقات" للتواصل بين بعض الجهات الحكومية والمراجعين إلا أنها تطلب عند مراجعتها طباعة النماذج التي تمت تعبئتها إلكترونيا، وربما حتى الموعد الإلكتروني الذي قام المراجع بحجزه. وكأن بعض الجهات في بعض القطاعات تربطه حتى الآن علاقة وثيقة بالورق لم يستطع التخلي عنها.
وعند زيارة لإحدى الجهات الحكومية يطلب التطبيق المخصص للجهة حجز موعد وطباعة أكثر من ثلاثة نماذج وإحضارها عند المراجعة، رغم وجود كل المعلومات المرفقة بالنموذج في جهاز الجهة "المقصودة"، ذلك قبل أن يطلب الموظف نفسه طباعة الموعد ورقيا رغم وجود الباركود، وصورة منه بالهاتف المحمول. ولتوفير قيمة ملايين الأوراق التي تطبع دون حاجة وعبء إتلافها، وليكتمل النجاح المنتظر من التحول الرقمي في الخدمات ونحقق الاستفادة القصوى منه، نتمنى أن تراجع الجهات التي لديها عدد مراجعين أكبر اشتراطاتها ومتطلباتها الورقية والاكتفاء بما تمت تعبئته من نماذج إلكترونية عبر التطبيقات التي تربط بينها وبين المستفيد، خاصة إذا كانت البيانات المطلوب طباعتها تظهر للموظف في شاشة الحاسب الآلي، مثمنين للهيئة والجهات الداعمة لها، كمراجعين، الدور الكبير الذي قامت وتقوم به، والمرحلة التي وصلنا إليها من تقدم.
نقلا عن الاقتصادية