يتعلق مفهوم علم الاقتصاد بدراسة المشكلة الاقتصادية (مشكلة الندرة النسبية للموارد) وكيفية التعامل معها من خلال الموازنة بين جانبيها: محدودية الموارد الاقتصادية وعدم محدودية الحاجات الانسانية. يُقدم علم الاقتصاد نظام السوق الكفؤ القائم على التفاعل والتجاذب بين جانبي العرض والطلب موجدً الأسعار التي من شأنها -نظرياً- تخصيص الموارد بين الحاجات تخصيصاً أمثلاً. إن غير الاقتصاديين في مسيس الحاجة إلى فهمٍ وإدراكٍ رصينٍ للاقتصاد نظاماً ومفهوما، فالاقتصاد عصب الوجود لأمة ذات اعتبار، وعليه قامت أممٌ واعتلت عرش حضارة ردح زمان يوم غيرها ماج، فكان المُساهِم في غلبتها على أندادها، فالأصل بين الأمم التنافس على عروش حاضرة، فإن أمة علته؛ خفت شمس من كانت عاليته، وحجبته عن غيرها حتى حين، فالأيام دُول بين الناس، إنّ الأمم وإن كانت ذوات اقتصاد، فإن تباينها موقوفٌ على التباين في نظم الاقتصاد التي تعتقدها وتتبناها، وعليها تقيم عقائد أفرادها، فالنظام الاقتصادي بشكل او بآخر هو عقيدةٌ يعتنقها الأفراد وتفرضها الدول، فبناء على منظومة القيم التي يقيم لها الأفراد قائمة تُقامُ الحضارات. إن فهم منظومة يقيم عليها تجمع بشري قيمه مهم للمحاسب لتصميم نظام محاسبي يخدمهم ويقابل حاجاتهم، فالنظام المحاسبي لتجمع من التجمعات البشرية عاكسٌ للثقافة من منظومة قيم ونظام اقتصادي يدين له أفراده ورامزٌ لحضارة.
يُنظر للاقتصاد في بعض اطروحات الاقتصاديين على أنه عقيدة؛ كما يُنظر للمحاسبة على أنها نظام يقوم على قيم عقدية، يجزم أفراد المجتمع الذين يخدمهم النظام المحاسبي جدواها، ويقومون عليها أمر معاشهم. إن النظم الاقتصادية التي عرفها البشر مختلفة في جوانب عدة، قطعاً هي مختلفة على ما تقيم له قيمة، فنظرية القيمة متباينة، ففي حين يقيم نظام للمادة قيمتها ويُحجِم عن تقويم ما خلا من المادة، فثمة نظماً تقيم للكل قيما، كون مقاييس الأمور في النظامين غير متماثلة، والمقاييس كالموازين، وقد جُعل الميزان مِقياسُ ثقل ما عليه، وغير الثقل يعجز عن تقويمه. والمحاسبة في وضعها المعاصر تقوم على المحاسبة على ما له قيمة مادية، ويعجز نموذج القياس المعاصر عن المحاسبة بشكل يمكن الاعتماد عليه ما كانت قيمته معنوية او على الأقل غير ممكن تقويمها بموضوعية أو حيادية أو موثوقية، وقيم الأشياء أو الأحداث متباينة اعتماداً على نظرة المقوّم، فالقيمة كالجمال، تعظم في أعين، وتقل في أُخريات.
استعان المحاسبون بنظرية الدخل للفرد بتطبيقها على الشركات المساهمة لقياس دخلها، فظهرت قائمة الدخل بالشكل الذي يتعلمه المحاسب في بداية تلقيه المحاسبة فناً وعلماً، ثم يطبقها ليظهرها لقاري القوائم المالية. فالفرد يكون في وضع أفضل إذا كانت الثروة آخر الفترة أكبر منها في بداية ذات الفترة، وعلى هذا عُرِّف الدخل للشركة المساهمة، ثم تدخّل نموذج القياس المحاسبي التقليدّي لكيلا تقام قائمة لأي قيمة ليس عليها دليل موضوعي (تكلفة الفرصة البديلة كمثال)، وبذلك اختلف الدخل المحاسبي عن الدخل الاقتصادي. لذا استًحدث تعريف للدخل المحاسبي ليشمل التغيرات التي يراها الاقتصادي فيعتبرها، وكان لا يراها المحاسب مطبقا النموذج التقليدي في القياس، فسمي الدخل الشامل، وهو غير مغاير للدخل الاقتصادي، ولقد أخذت المعايير الدولية للتقرير المالي بمفهوم الدخل الشامل متطلبةً إِفرادَ قائمة للدخل الشامل أو دمجها في قائمة الدخل، ليطلع القارئ على الدخل المحاسبي والدخل الشامل والذي هو في حقيقته يقيم قيما لما يراه الاقتصاديون أنه ذا قيمة.
المقالة منشورة في النشرة الفصلية التي تصدرها جمعية الاقتصاد السعودية عدد ذي القعدة 1444هـ / يونيو 2023م
مقال مهم و مفيد مع الشكر والتقدير ليتك دكتورنا العزيز تتفضل و تتحفنا بما تراه مناسبًا لتيسير قراءة القوائم المالية لغير المختصين وفقت لكل خير