هناك أهمية بالغة لمتابعة حركة عوائد السندات وطرق تفسير تباين العوائد بين الآجال المتعددة للسندات، ومن أهمها رصد الفارق بين عوائد السندات الحكومية الأمريكية القصيرة والطويلة، فمثلا هذه الأيام عائد سندات عام واحد يساوي 5.42 في المائة، بينما عائد سندات عشرة أعوام فقط 3.94 في المائة، أي بفارق 1.48 في المائة لمصلحة سندات عام واحد. ولو نظرنا إلى الماضي فسنجد أنه في معظم الأوقات كان عائد السندات العشرية أعلى من عائد سندات عام بمقدار 1 إلى 2.5 في المائة، فما السبب في ذلك التباين؟ وكيف يمكن تفسير هذه الاختلافات وما الذي تعنيه للمستثمرين وللاقتصاد على وجه العموم؟، قد يظن من لا يتعامل بالسندات أنه من الأفضل شراء سندات عام واحد وتحقيق 5.42 في المائة وتكرار ذلك للأعوام التسعة المقبلة بدلا من القبول بعائد سنوي 3.94 في المائة جراء شراء السندات العشرية! طبعا المشكلة هنا أننا لا نعلم كم سيكون عائد سندات عام واحد في العام المقبل، لذا هناك من يقبل بعائد السندات العشرية الأقل نسبيا، وهناك من يعتقد أنه سيتحصل على عائد أفضل في العام المقبل فيقوم بشراء سندات قصيرة المدة. ومثل هذه الصراعات هي ما نشهده يوميا في سوق السندات التي يقدر حجمها على مستوى العالم بنحو 120 تريليون دولار، وفي أمريكا السندات معظمها حكومية، تلي ذلك من حيث الحجم سندات الشركات، ثم سندات الرهونات العقارية، ثم سندات المدن والولايات وأقل من ذلك حجما سندات الجهات الحكومية غير وزارة الخزانة.
التباين الكبير بين عوائد السندات القصيرة والسندات الطويلة لمصلحة السندات القصيرة يعرف بظاهرة انعكاس منحنى عائد الاستحقاق، وهي أقل حدوثا من ظاهرة الشكل الطبيعي الذي تمنح فيه السندات الطويلة عائدا أعلى من السندات القصيرة. وانعكاس المنحنى هذا يؤخذ كدليل على ارتفاع احتمال حدوث ركود اقتصادي في الأشهر المقبلة، ولكن لا يعرف متى يحدث ذلك بالضبط على الرغم من حقيقة حدوث انعكاس في المنحنى في جميع حالات الركود الاقتصادي السابقة على مدى عشرات الأعوام.
ظهرت هناك ثلاث نظريات تفسر حركة عوائد السندات وأسباب حدوث التغيرات في شكل المنحنى ما بين الشكل العادي والمنعكس والحيادي، أولى هذه النظريات نظرية التوقعات التي تفسر شكل المنحنى على أنه مبني على توقعات المستثمرين للعوائد المستقبلية، وأن العائد على السندات الطويلة ليس إلا المتوسط الحسابي للعوائد القصيرة. كمثال سريع دون الدخول في حسابات العوائد، اليوم عائد سندات عامين يساوي 4.92 في المائة، بينما عائد عام يساوي 5.42 في المائة، وبالتالي هذا يعني أن توقعات المستثمرين هي أنه في العام المقبل سيكون عائد عام واحد يساوي 4.43 في المائة، أي أن معدل الفائدة لمدة عام سينخفض في العام المقبل من 5.42 في المائة حاليا إلى 4.43 في المائة، ولذلك فالنظرية هذه تسمى نظرية التوقعات. وبالمثل سبب كون عائد السندات العشرية اليوم 3.94 في المائة ذلك لأن المستثمرين يعتقدون أن معدلات الفائدة المتوسطة ستنخفض في الأعوام المقبلة، وبالتالي من يشتري سندات خمسة أعوام اليوم بعائد 4.19 في المائة متوقع له أن يستثمر للأعوام الخمسة التي تلي ذلك بعائد 3.69 في المائة، والسبب أن نتيجة هذين العائدين تساوي العائد الحالي للسندات العشرية.
بحسب نظرية التوقعات، إذا كانت التوقعات أن الفائدة ستنخفض في المستقبل، فستصبح السندات الطويلة ذات جاذبية للشراء الآن لسببين، الأول بسبب كون عوائدها الحالية أفضل من عوائد السندات في المستقبل فيشتريها المستثمرون، والسبب الثاني هو أن المستثمرين سيستفيدون من ارتفاع أسعار السندات كربح رأسمالي نتيجة العلاقة العكسية بين سعر السند والفائدة على السند. وفي المقابل، إذا كانت التوقعات أن معدلات الفائدة في المستقبل سترتفع، فكثير من المستثمرين سيبيعون السندات الطويلة الآن، وذلك لأنهم سيتمكنون من شراء هذه السندات في المستقبل بسعر أقل وبعائد أعلى بحكم أن أسعار الفائدة سترتفع.
النظرية الثانية هي نظرية أفضلية السيولة التي تنظر إلى الموضوع بطريقة أخرى وهي أن التوقعات بشأن أسعار الفائدة في المستقبل مهمة، كما في نظرية التوقعات، ولكنها تركز أكثر على أهمية السيولة للمستثمرين، بمعنى أن السندات القصيرة تتميز بجودة السيولة، ليس فقط بسبب حجم تداولها اليومي ولكن بسبب ميزة البيع دون تلقي خسارة كبيرة من سعر السند نفسه، والسبب في ذلك أن أسعار السندات الطويلة معرضة لتقلبات سعرية أكبر من السندات القصيرة، فمثلا بالإمكان شراء سندات ثلاثة أشهر وبيعها دون تغير كبير في سعر السند، بعكس السندات الطويلة التي تتأثر أسعارها بحدة نتيجة تغير أسعار الفائدة.
أما النظرية الثالثة لتفسير حركة عوائد السندات فهي نظرية تقسيم السوق حسب الآجال، بمعنى أن هناك مستثمرين يتعاملون بسندات ذات آجال أقل من عامين، وآخرون يتعاملون بسندات متوسطة المدى مثل سندات خمسة وسبعة أعوام، ومستثمرون آخرون كمستثمري معاشات التقاعد والحكومات فيفضلون التعامل بالسندات طويلة الأجل كعشرة أعوام وأكثر. ولذلك فالعرض والطلب على السندات يعتمد على احتياجات هؤلاء المستثمرين ومدى إقبالهم من عدمه على هذه السندات، وبالتالي فعوائد السندات التي نراها على منحنى العوائد ليست بسبب التوقعات المستقبلية، كما في النظرية الأولى، بل إنها نتيجة العرض والطلب على هذه السندات من قبل المستثمرين الذي يتعاملون بها.
دراسة حركة السندات مهمة للمستثمرين ومتخذي القرارات الاقتصادية والتجارية لكونها تعطي دلالات معينة حول توجه أسعار الفائدة المستقبلية وتأثير ذلك في النمو الاقتصادي، فمثلا بسبب انعكاس منحنى عائد الاستحقاق هذه الأيام، تشير أغلبية التوقعات إلى أن ركودا اقتصاديا يلوح في الأفق، والدليل أن العوائد طويلة المدى أقل من العوائد قصيرة المدى، ما يعني بحسب نظرية التوقعات أن أسعار الفائدة ستنخفض في المستقبل.
نقلا عن الاقتصادية
يعطيك العافية يادكتور / فهد ............صياغة بسيطة وجميلة وموصلة للفكرة بطريقة رائعة .....اعتقد ان سوق السندات الصكوك في بداياته ......لكن انشاء شركة SRC من قبل الدولة لتوريق الرهون العقارية وبادرة المركزي السعودي بالطلب من بعض البنوك السعودية باصدار صكوك مستديمة Preputual Bonds للتوافق مع متطلبات بازل ....مثل ماحدث مع الراجحي المصرفية ....ستكون بدايات رفع شعبية الصكوك والسندات وايجاد سوق محلي فعال لها .....وبالتالي يستطيع المركزي السعودي القيام بعمليات السوق المفتوح للتحكم بالسيولة في الاقتصاد ...على غرار Fedral Open Market Committe FOMC ...........كل هذه العمليات تشي بان هناك احتمالية في المستقبل بعد عشر سنين او اكثر لتعويم صرف الريال السعودي وفك ربطه بالدولار ....ربما بعد عقد او عقدين من الزمن .........هل من تفسير لديك لتحركات المركزي في السنين الاخيرة لتنشيط سوق ادوات الدخل الثابت وجعلها شعبية ؟
أتفق معك إن هناك تحركات من عدة جهات، منها كذلك هيئة السوق المالية وصندوق الاستثمارات العامة لرفع شعبية السندات لعدة أسباب، منها لكي تتمكن شركة إعادة التمويل من ممارسة عملها بشكل صحيح كون حالياً لا توجد سوق لسندات الرهون العقارية التي تنشئها، وبشكل عام لفتح مجالات للاستثمار الآمن غير المتاجرة المباشرة في العقار. الجميل إن لدينا تجربة تاريخية طويلة ومهمة من عدة دول، مثل فريدي ماي وفريدي ماك في أمريكا.
أستطيع أن أقول بصراحة أن الاتحاد الأوروبي جعل تجربة شراء منزل لأول مرة ممتعة للغاية. من محادثتنا الأولى شرحوا كل خيار كان متاحًا لي ولم أشعر أبدًا بالضغط في أي قرار. بشكل عام ، لم أستطع تخيل أن عملية شراء المنزل أصبحت أسهل بعد تلقي قرض بقيمة 1،000،000 دولار منهم. حتى الآن بعد إتمام الصفقة ، ما زلت أشعر بالراحة بنسبة 100٪ للاتصال بالاتحاد الأوروبي لطرح أي أسئلة. لقد وسعوا خبراتهم خارج نطاق الصفقة التجارية وأنا أتطلع إلى الاتصال بالاتحاد الأوروبي لطلب القرض التالي. شكرا على كل شيء الاتحاد الأوروبي !! أنا هنا لأوصي بالاتحاد الأوروبي لكل من يبحث عن عقارات أو شركة إقراض ؛ الاتحاد الأوروبي هو أفضل شركة إقراض هنا عبر الإنترنت لتحويل قرضك إلى حسابك دون رسوم تسجيل معروفة. هم مجموعة إقراض نزيهة وموثوقة مع معدل فائدة جيد. إذا كنت بحاجة إلى قرض أو مساعدة عاجلة ، فيرجى الاتصال بهم أدناه. البريد الإلكتروني: EuropeanUnion_loansyndication@outlook.com WhatsApp: +393510709856 ، +393509828434.
إبدااااع بطرح الموضوع. يا ريت كل الكتاب يكتبو بهذه الطريقة و السرد الواضح.
ألف شكروتحية 🌹
الدكتور. فهد من افضل الكتاب الاقتصاديين بس ياليت يرد على الردود
أحاول أرد وما أخفيك (لا تعلم أحد) إني أستفيد كثير من الردود، كمثال عندي موضوعين ناوي أكتب فيهم واحد من نقاش مع أبو أيهم عن إفلاس الصندوق الاستثماري، والآن من شاري راسي عن دور إعادة التمويل العقاري ودور الشركتين الأمريكيتين المعروفتين في هذا المجال !