إلى أين يتجه النظام العالمي الأحادي القطب المتعثر؟

06/07/2023 4
د.عبد الوهاب بن سعيد القحطاني

كانت الثورات العربية أو ما يسميها مخططو وقادة الفوضى الخلاقة في الولايات المتحدة «ثورات الربيع العربي» بدافع من النظام العالمي للتخلص من بعض السياسيين العرب، الذين يقاومون هذا النظام الأحادي القطب الذي يمهد للسيطرة على سياسات وثروات دولهم، تحت شعارات الديموقراطية وحقوق الإنسان وغيرها من المبررات الواهية. كانت ملامح ضعف هذا النظام الأحادي القطب المتحول الشذوذي في بداية إدارة باراك أوباما، الذي اعتقد أنه سينجح في تمرير سياسته الخبيثة، لكن صقور المملكة تصدوا له وكسروا أجنحته وفضحوا خطته. الغباء الديموقراطي ينكشف بسرعة لخبث نواياه وكراهيته المزمنة للقيم والأخلاق، كانت التحولات التاريخية للنظام العالمي المتعثر خلال إدارة الرئيس رونالد ريجان، الذي ساهم في هدم جدار برلين لتوحيد الألمانيتين في عام 1987م، وذلك لإضعاف العدو اللدود الاتحاد السوفيتي، وتفكيكه فيما بعد، ثم تلاه الرئيس الأمريكي السابق الراحل جورج بوش الأب بإعلان النظام العالمي الجديد في عام 1992م.

كانت تلك الأحداث مؤشرات واضحة لقيام القطب الأوحد الأمريكي منذ هزيمة السوفييت في أفغانستان. كان تفكك الاتحاد السوفيتي دليل أحادية القطب وتفرد الولايات المتحدة بالنظام العالمي وتسييرها لسياساته، لقد كان النظام العالمي الجديد موضوعاً أكاديمياً ساخناً في الجامعات والمؤسسات الإعلامية والسياسية الأمريكية. وقد ناقشه الأكاديميون المتخصصون في السياسة، من حيث الأهداف والإستراتيجيات والآليات والخارطة السياسية والجغرافية للعالم، على وجه الخصوص في منطقة الشرق الأوسط. ولم يكن سراً أن يدير هذه النقاشات أكاديميون لهم أهداف تخدم مصالح الولايات المتحدة، فقد تحدث البروفيسور ناعوم تشومسكي عن المسار السريع لتحقيق التجارة الحرة التي تخدم التوسع الأمريكي في الأسواق العالمية، حيث قال إن التغيير السياسي للأنظمة في بعض الدول يعد ضرورة.

وقد تحدث عن نوايا حكومة الرئيس السابق أوباما فيما يتعلق بالنظام العالمي الجديد. وقد كانت الكلمة الطويلة التي ألقاها أوباما في القاهرة مليئة بالمؤشرات الخطيرة، التي يفترض في القيادات والشعوب العربية فهمها والتيقظ لما تحتويه إستراتيجية التغيير العالمي من مخاطر عليهم، ولقد كان احتلال العراق مطلباً أساسياً لتنفيذ خطة النظام العالمي الجديد لخدمة الولايات المتحدة ومن معها من الحلفاء، حيث سارعت إسرائيل إلى تطوير علاقات سياسية واقتصادية مع حكومة كردستان بعد سقوط نظام صدام حسين، وذلك بهدف السيطرة على العراق اقتصادياً، وما المؤسسات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي إلا نماذج واضحة لآليات النظام العالمي القديم بثوب جديد، حيث تخدم أهداف الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا التي تسيطر على القرارات السياسية والاقتصادية في هذه المنظمات وفي مجلس الأمن، يؤكد المهتمون بدراسات النظام العالمي على نظرية المؤامرة التي أصبحت واقعاً وحقيقة واضحة لقادة وشعوب الدول النامية. وقد فسر الإستراتيجيون النظام العالمي الجديد بأنه عودة الاستعمار القديم بثوب جديد.

النظام العالمي الجديد مدروس بعناية فائقة، حتى لا يؤثر سلباً على رفاهية اقتصادات الدول الصناعية المتقدمة في مجال الطاقة. وأعني بهذا الحرص على استقرار بعض الدول النفطية المؤثرة في الاقتصاد العالمي، الذين يرون أن الثورات العربية الربيعية ذاتية ونابعة من الشأن والسيادة العربية مخطئون، لذا يجب ألا نثق بصداقة بعض الشركاء الاقتصاديين الذين يثيرون هذه الثورات ويوجهونها، فقد تخلوا عن أنظمة سياسية كانت أكثر قرباً وانسجاما وأداءً لتحقيق مصالح هذه الدول التي تسعى إلى عولمة النظام العالمي، كذلك يجب عدم الثقة المطلقة بالديموقراطية المستوردة والتي تحركها المصالح والأموال الأجنبية، تكمن الحلول في التعامل مع النظام العالمي الجديد في وعي العرب بأهمية سيادتهم واستقلالهم السياسي، وعدم الاندفاع وراء الشعارات الزائفة التي تهدف إلى الفوضى التي يحقق الأعداء مصالحهم من خلالها.

 

 

نقلا عن اليوم