ما رأي مؤشر الخوف والطمع؟

21/05/2023 2
د. فهد الحويماني

في مثل هذا اليوم العام الماضي كان مؤشر الخوف والطمع يشير إلى حالة خوف شديد لدى المستثمرين في الأسهم، حيث كانت قيمة المؤشر في ذاك اليوم 13 نقطة، علما بأن الصفر يعني أقصى درجات الخوف و100 تشير إلى قمة الطمع بين المستثمرين، ما أهمية مؤشر الخوف والطمع للمستثمرين؟ وماذا يقول المؤشر هذه الأيام والأسهم الأمريكية، بالذات الأسهم التقنية منها، تحقق ارتفاعات كبيرة عوضت خسائر 2022؟

قبل عام من الآن كان صندوق ناسداك لأفضل 100 شركة في سوق ناسداك يتداول عند 288 دولارا، واليوم وصل إلى 338 دولارا، مضيفا 50 دولارا للسهم بارتفاع بلغ 17 في المائة. الفائدة من مؤشر الخوف والطمع أنه يعطي دلالات قوية عن واقع الأسواق ونفسيات المتداولين، وبالفعل سنجد أنه في جميع الأوقات التي يبلغ فيها المؤشر مستويات متدنية جدا فإن الأسهم ترتفع في المرحلة المقبلة. وبالمثل تنخفض الأسهم عندما تزداد حدة الطمع لما فوق 65 نقطة، حيث تبدأ مرحلة الطمع من نحو 55 نقطة إلى 75 نقطة، وإذا زاد المؤشر على 75 نقطة فهي تعد حالة طمع شديد تؤدي غالبا إلى هبوط كبير في حركة الأسهم.

بما أن الأسهم الأمريكية في حالة ارتفاع قوي، وبالأخص منذ بداية العام حيث ارتفع مؤشر ناسداك الشامل بنسبة 22 في المائة، نقوم هنا بإلقاء نظرة على مؤشر الخوف والطمع لمعرفة التوجه المحتمل للأسهم في الفترة المقبلة، اليوم يقف مؤشر الخوف والطمع عند 67 نقطة ويعد في حالة طمع مرتفع لكن لم يدخل بعد في مرحلة الطمع الشديد، التي تأتي عند 75 نقطة وأكثر، وفي عدة حالات سابقة كان تجاوز 65 نقطة يؤدي إلى تسارع في قيمة المؤشر ليتجاوز 70 نقطة خلال أيام قليلة. لذا نجد أن المستثمرين المتحفظين لا يدخلون إلى السوق عند هذه المستويات للمؤشر، ويفضلون الانتظار حتى تحين فرصة أفضل للدخول، لكن بجميع الأحوال هذا مجرد واحد من عدد من الدلائل الأخرى الكثيرة والمؤشرات المالية والاقتصادية والفنية التي يستخدمها المحترفون.

كيف يتم قياس مؤشر الخوف والطمع وإلى ماذا يستند في إعداده؟

مقياس الخوف والطمع يعتمد على سبعة عوامل اقتصادية ومالية تم اختيارها من قبل المختصين الماليين في شبكة "سي إن إن" الإخبارية، حيث يكون لكل عامل الوزن نفسه في المؤشر، أي: إن تأثير العوامل في حساب قيمة المؤشر متساو، فلا يوجد عامل أهم من الآخر.

العامل الأول هو حركة السوق، حيث ينظر إلى قيمة مؤشر S&P 500 مقارنة بمتوسط القيمة للستة أشهر الماضية، وكلما ارتفع المؤشر عن المتوسط زادت قيمة هذا العامل وزاد تأثيره في حساب مؤشر الخوف والطمع، وهو حاليا يعد مرتفعا بشكل كبير.

العامل الثاني قريب من العامل الأول إلا أنه ينظر إلى قوة الحركة من خلال مقارنة عدد الشركات التي حققت أعلى سعر خلال العام، مقارنة بتلك التي انخفضت أسعار أسهمها إلى أقل مستوى خلال عام كامل، والفكرة هنا أن زيادة عدد الشركات المرتفعة على أساس سنوي يدل على تفاؤل المستثمرين وتحملهم مخاطرة الشراء عند مستويات عالية. القيمة الحالية محايدة.

العامل الثالث يقيس متانة الارتفاع في أسعار الأسهم ويفيد بأنه يعطي دلالة أكثر عن طبيعة الارتفاع أو الانخفاض بأخذ جميع الأسهم في الحسبان، فلا يكون الاعتماد على مجرد عدد قليل من الشركات التي في الأغلب تكون مسؤولة عن جزء كبير من قيمة مؤشرات الأسهم. القيمة الحالية تشير إلى خوف متوسط.

العامل الرابع المستخدم في حساب مؤشر الخوف والطمع ينظر إلى سوق عقود الخيارات ويقيس عدد عقود البيع مقارنة بعقود الشراء calls and puts، الذي يدل على زيادة الخوف عندما يزيد عدد عقود البيع التي تستخدم للتحوط أو الوقاية من هبوط الأسعار، وفي المقابل تتضح معالم الطمع عندما تزداد شهية المتداولين نحو عقود الشراء التي بطبيعتها تراهن على ارتفاع الأسعار. حاليا هناك بالمتوسط 88 عقد بيع مقابل كل 100 عقد شراء، وتعد حالة طمع شديد لأن الحالة الطبيعية أن يكون هناك عدد أكبر من ذلك لعقود البيع، وانخفاض العدد يدل على عدم وجود تخوف كبير لدى المتداولين.

أما العامل الخامس فهو مقياس VIX الذي يقيس حدة التذبذب في عقود الخيارات وذلك بقياس ما يعرف بالتذبذب الضمني لأسعار العقود، فيرتفع المقياس إذا كانت العقود مسعرة بشكل عال من قبل المتداولين، وهو الأمر الذي يحدث في حالات الاندفاع الشديد نحو عقود الخيارات، وقيمته حاليا دون 20 نقطة ما يدل على حال حيادية إلى حد كبير.

العامل السادس يقيس ما يعرف بالملاذ الآمن للمستثمرين وهو في هذه الحال السندات قصيرة المدى حيث يلجأ إليها المستثمرون في حالات عدم اليقين أو التخوف من الأسهم، فكلما ارتفعت قيمة هذا العامل دل ذلك على عدم حاجة المستثمرين إلى أي ملاذات آمنة، وهو ما نراه هذه الأيام بتقلص الفارق بين عوائد السندات وعوائد الأسهم على المدى القصير.

أخيرا العامل السابع المستخدم في قياس مؤشر الخوف والطمع هو الطلب على السندات عالية المخاطرة، ويقاس ذلك بحساب الفرق بين عوائد السندات الآمنة والسندات عالية المخاطرة، فإذا كان الفرق بين الفئتين عاليا جدا دل ذلك على أن المستثمرين لا يقبلون بالسندات عالية المخاطرة إلا إذا كان العائد عليها مرتفعا بشكل كاف ليبرر المخاطرة بها. حاليا الفارق أقل من 2 في المائة ويدل على ضعف الطلب على السندات عالية المخاطرة كون المستثمرين يتوقعون عوائد أعلى في الأسهم وغيرها من أصول.

كما ذكرنا مؤشر الخوف والطمع يقف حاليا عند مستويات مرتفعة، 67 نقطة، ويدل على ارتفاع حدة الطمع لدى المستثمرين، والأسلوب المتبع في هذا الشأن من قبل المحترفين هو الأسلوب المعاكس حيث يتم البيع عندما يكون المتداولون في حالة طمع شديد، والشراء يكون عندما ترتفع حدة الخوف لديهم، والخوف يحدث عندما يكون المؤشر دون 50 نقطة، وبالذات عندما ينزل إلى ما دون 25 نقطة.

 

نقلا عن الاقتصادية