استراتيجية النقل مفتاح التنويع الاقتصادي

16/04/2023 0
د. ثامر محمود العاني

ضمن الجهود السعودية الرامية لتنويع قاعدة الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل القومي غير النفطي، تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجيستية، التي تضمنت حزمة واسعة وعريضة من المبادرات والبرامج الطموحة التي يُعول عليها الارتقاء بخدمات النقل والخدمات اللوجيستية في المملكة وتحويلهما إلى صناعة تسهم بفاعلية في تنويع القاعدة الاقتصادية وفي تعظيم حجم الإيرادات غير النفطية، والرفع من مستوى خدمات النقل عموماً، وبالذات المرتبطة بالخدمات اللوجيستية لدعم التنمية الاقتصادية المستدامة للسعوديةن تهدف الاستراتيجية إلى ترسيخ مكانة السعودية مركزاً لوجيستياً عالمياً يربط القارات الثلاث، آسيا وأفريقيا وأوروبا، والارتقاء بخدمات ووسائل النقل كافة، وتعزيز حزمة من التكامل في منظومة الخدمات اللوجيستية وأنماط النقل الحديثة لدعم مسيرة التنمية الشاملة. وتتضمن الاستراتيجية المشروعات الكبرى الممكِّنة لتحقيق المستهدفات الاقتصادية والاجتماعية، واعتماد نماذج حوكمة فاعلة لتعزيز العمل المؤسسي في منظومة النقل، والخدمات اللوجستية.

من الجدير بالإشارة، أن هذه الاستراتيجية ستسهم في تعزيز القدرات البشرية والفنية في قطاع النقل والخدمات بالسعودية وستعزز الارتباط بالاقتصاد العالمي، وتمكّن من استثمار موقعها الجغرافي الذي يتوسط القارات الثلاث في تنويع اقتصادها؛ من خلال تأسيس صناعة متقدمة من الخدمات اللوجيستية، وبناء منظومات عالية الجودة من الخدمات، وتطبيق نماذج عمل تنافسية لتعزيز الإنتاجية والاستدامة في قطاع الخدمات اللوجيستية، بوصفه محوراً رئيسياً في برامج «رؤية السعودية 2030»، وقطاعاً حيوياً ممكِّناً للقطاعات الاقتصادية، وصولاً لتحقيق التنمية المستدامة، علماً بأن مساهمة قطاعات النقل والمواصلات والتخزين بلغت ما يقارب 6.6 في المائة في توليد الناتج المحلي الإجمالي عام 2021 ضمن القطاعات الخدمية الإنتاجية (حسب التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2021)، وهي نسبة منخفضة إذا ما قورنت مع مثيلاتها في الدول المتقدمة.

من ناحية أخرى، تتضمن الاستراتيجية، الخطوط الحديدية التي تقدم خدماتها في قطاع نقل الركاب والبضائع لقطار الحرمين السريع بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، الذي يعدّ أكبر مشروع للنقل عالي السرعة في المنطقة، كما ستحقق زيادة في مجموع أطوال السكك الحديدية المستقبلية؛ إذ تتضمن مشروع الجسر البري بهدف ربط موانئ السعودية على ساحل الخليج العربي بموانئ ساحل البحر الأحمر، مع فتح فرص جديدة وواعدة لهذا الخط عبر مروره بمراكز لوجيستية حديثة، ومراكز للأنشطة الاقتصادية والمدن الصناعية والأنشطة التعدينية، حيث سيكون سوقاً مفتوحة للمشغلين والمستثمرين في السكك الحديدية، وبما يشجع على تحقيق هدف إقليمي مهم يتلخص في تحقيق الربط البيني مع دول الخليج العربي بخط سكة حديدية؛ مما يجعل للسعودية دوراً مؤثراً في اقتصادات النقل الإقليمي والدولي ومحور ربط للنقل التجاري.

وفي ضوء توجه السعودية نحو سياسة التنويع الاقتصادي ضمن استراتيجية النقل، أعلنت من خلال صندوق الاستثمارات العامة عن تأسيس شركة «طيران الرياض»، الناقل الجوي الوطني الجديد، للمساهمة في تطوير قطاع النقل الجوي، تعزيزاً لموقع السعودية الاستراتيجي والعمل على رفع القدرة التنافسية للشركات الوطنية وفق مستهدفات «رؤية السعودية 2030»؛ إذ تسعى الشركة من خلال امتلاك أسطول طائرات متطورة، إلى تطبيق أفضل ممارسات الاستدامة والسلامة عالمياً المعتمدة في مجال الطيران، إلى جانب توفير أحدث التقنيات الرقمية للريادة في هذا المجال، ويأتي تأسيس شركة «طيران الرياض»، تماشياً مع استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة لإطلاق إمكانات القطاعات الواعدة محلياً لدعم تنويع الاقتصاد، إن إطلاق الناقل الجوي الجديد يمثل إحدى المبادرات الجوهرية لاستراتيجية الطيران المدني بالسعودية، حيث تصدى لتنفيذها صندوق الاستثمارات العامة بما يملكه من إمكانات مالية وإدارية كبيرة؛ إذ إن انطلاق «طيران الرياض» يدعم تحقيق مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجيستية، واستراتيجية الطيران المدني.

وفي الختام، إن الناقل الجوي الجديد سيعمل على تعزيز التنافسية والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة في قطاع النقل الجوي، ويسهم كذلك في توسيع نطاق شبكة الربط بين السعودية والعالم، وزيادة العمليات التشغيلية في المطارات؛ الأمر الذي سيرفع نسبة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، ويرسّخ مكانة السعودية كمحور دولي للطيران ومركزاً لوجيستياً عالمياً وفق «رؤية السعودية 2030».

 

نقلا عن الشرق الأوسط