جاور السعيد

09/04/2023 0
علي المزيد

هناك مثل منتشر في الأقطار العربية دون استثناء، والمثل يقول «جاور السعيد تسعد»، ويقصد بالمثل أن السعادة عدوى، فأنت إن جاورت السعيد فستسعد، والسعيد قد لا يعطيك شيئاً من ماله ولكنه قد يدلك على طرق السعادة.

خطر لي هذا المثل حينما رأيت مشروع «جود الخيري»، وهو مشروع خيري سعودي للمعدمين، بحيث يسكنون فيه حتى يغنيهم الله فيتركونه لغيرهم.

وفي التخطيط العمراني للمدن، ينصح علماء العمران بأن تخصص نسبة بسيطة في الأحياء الراقية لذوي الدخل المحدود ليقيموا عليها منازلهم، ويقول العلماء إن مزج الشريحتين الغنية والأقل غنى يحقق مجموعة فوائد، منها أن الطبقة محدودة الدخل حينما تحتك بالطبقة الغنية ينشأ لديها طموح بأن تحسن من دخلها ووضعها لتصل لمستوى متطور ومقبول لها، كما أن أبناء الطبقة الأقل غنى قد يحاولون مسايرة أبناء الأغنياء تعليمياً، ثم إن احتكاك الطبقات قد يجعل الطبقة الغنية تنظر بعين العطف لهذه العائلة الأقل غنى، فتأخذ بيدها وتساعدها على التطور، وهذا مكسب اقتصادي واجتماعي، فالأخذ بيد عائلة وتطويرها من محتاجة إلى مستغنية قد يجعلها مستقبلاً تأخذ بيد عائلة أخرى.

الأمر الآخر أنه قد يعجب رجل غني بشاب حسن الخلق من أبناء العوائل الفقيرة فيأخذ بيده ويساعد في تعليمه وتوظيفه، وقد يوظفه في إحدى شركاته أو إحدى شركات أصدقائه، أي أنه سيسعى للأخذ بيده ودفعه للأمام ونقله من طبقة إلى طبقة، وهنا يتحقق المثل «جاور السعيد تسعد».

ولعله ليس بغائب عن المشرفين على مشروع «جود الخيري» مثل هذا الأمر، بحيث لا يكون السكن الخيري في حي واحد، بل يوزع على عدد من الأحياء بحيث تمتزج الطبقات.

وقد تبرز مشكلة وهي أين نجد هذه الأراضي في الأحياء الراقية؟ لنبني عليها مثل هذا السكن، نقول إن بعض تجار العقار يقومون بتخطيط وبيع مخططات جديدة، ولو طلب منهم تخصيص 1000 متر مربع، لما تأخروا بالتبرع بها لـ«مشروع جود»، ويمكن أن يعرض عليهم أن تكون الأرض مقابل بعض الرسوم الحكومية، وأظنهم وفق هذا المقترح سيقبلون.

وهنا نمزج الطبقات ليستفيد بعضها من بعض، بدلاً من أن نعزل الطبقات عن بعضها البعض، وهذا له جوانب سلبية متعددة قد أتطرق إليها في مقال آخر إن شاء الله. ودمتم.

 

 

نقلا عن الشرق الأوسط