الحديث عن أهمية الإعلام لأي دولة أو منشأة أصبح الوعي فيه سائداً لأنه من البديهيات أن يكون الإعلام قوياً ويسير وفق معطيات تتماشى مع الأهداف العامة بكافة المجالات، فإذا كان الإعلام الصادق يقوم على عملية نشر المعلومات الصحيحة وتقديم الحقائق بشكل واضح وينقل الأخبار دون أي تحريف ويحيطها بتوسع وشرح عبر آراء متعددة وتقارير مهنية صادقة للوصول لتصورات واقعية للجماهير مع ذكر مصادر الخبر لتعزيز المصداقية خدمة للمصلحة العامة فإنه بالمقابل يبرز الإعلام المضلل الذي ينشط لتشويه الحقائق وبث الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة لأغراض وأهداف دنيئة حيث بات سلاح الإعلام بممكنات ذات تأثير بالغ بسرعة نشر المعلومات والأخبار والوصول لكافة المحتمعات ولعبت وسائل التواصل الاجتماعية الحديثة دوراً كبيراً في ذلك، فالمجتمعات الحديثة تحتاج لإعلام مبني على استراتيجية متطورة تأخذ بعين الاعتبار احتياجات الفرد للمعلومات الصحيحة مع صعوبة ذلك بسبب العدد الهائل من المصادر العشوائية قياساً بالوسائل المرخصة والمهنية كما أن التقدم العلمي والاكتشافات متسارعة بشكل كبير ويحتاج كل مجتمع للاطلاع عليها ولذلك فوسائل الإعلام هي أفضل طريقة لسهولة إيصال المعلومات الدقيقة حول ما يجري في العالم وذات الأمر يندرج على القضايا السياسية والاقتصادية وغيرها ومن هنا تظهر أهمية أن تكون الاستراتيجية الإعلامية شاملة لكل هذه التطورات والمؤثرات على المجتمعات حتى تشكل جدار حماية لتحصين ورفع الوعي المجتمعي في عالم يتصارع عبر أنواع عديدة من الحروب غير التقليدية ومن أهمها الحرب الإعلامية.
والمملكة اليوم التي أصبحت الاقتصاد الأهم في الشرق الأوسط من حيث الجاذبية والفرص والنمو وتتمركز في المرتبة السابعة عشرة عالمياً ولديها طموحات بأن تكون من بين العشرة الكبار بالعالم تحتاج لإعلام يوازي هذه التطلعات المستقبلية والمكانة الحالية ورغم أننا نمتلك وسائل كثيرة وتاريخاً طويلاً في الإعلام لكن المرحلة المقبلة بالتأكيد تحمل معها تحديات أكبر في التنافسية على جذب الاستثمارات بالإضافة لمواكبة الأحداث بمختلف أنواعها فالمنطقة العربية أحداثها الجيوسياسية لا تكاد تتوقف وتتطلب إعلاماً ذا تأثير واسع في كشف الحقائق وتقديم الأخبار الصحيحة والآراء الدقيقة بالإضافة أيضاً لأن يكون الإعلام مواكباً لتطورات القطاعات الاقتصادية فالرياضة على سبيل المثال دخلت مرحلة جديدة مع برنامج الخصخصة والاستثمار للأندية وتم استقطاب نجوم بارزين بكرة القدم والهدف أن يكون الدوري السعودي من بين أقوى الدوريات بالعالم لكن الإعلام الرياضي مازال بعيداً عن هذه الرؤية ويحتاج لتطوير في أغلب تفاصيله وخصوصاً الكوادر البشرية من مقدمين للبرامج التلفزيونية الرياضية والصحافة والمحللين والنقاد وكذلك استخدام وسائل التقنية الحديثة والنقل التلفزيوني وكل ما يحتاجه هذا المشروع إعلامياً لتقليص المهاترات وأساليب الاستفزاز للجماهير واستثارتها من قبل البعض بغرض تنشيط حساباتهم بوسائل التواصل فكُرة القدم لعبة شعبية يتفاعل مع أخبارها والتعليق عليها أعداد ضخمة من الجماهير ولذلك أثر الإعلام كبير في عالم كرة القدم أما في الاقتصاد فحجم الفرص فيه ضخم جداً لكن هل الإعلام واكبها أو ساهم بالتعريفبها فمازالت أغلب التغطيات من مجمل الوسائل لا تدخل إلى عمق التحليل والكشف عن الفرص والاحتياجات من أطراف كل قطاع للمساهمة بزيادة تدفق الاستثمارات واستغلال الإمكانيات المتاحة فالإعلام في الغرب مساهم رئيسي في صنع القرار للمستثمرين نتيجة المهنية العالية والتدفق الهائل للمعلومات.
الاستراتيجية الإعلامية لها أهمية بالغة خصوصاً في مرحلة أثبتت رؤية 2030 أنها ذات فاعلية كبيرة في نقل الاقتصاد والمحتمع السعودي لمرحلة متقدمة كما أن استضافة فعاليات عالمية كبرى مثل إكسبو وكأس العالم لكرة القدم واليطولات الآسيوية والأولمبية وغيرها من الفعاليات الثقافية والسياحية تحتاج لإعلام يستعد لأن يكون ذراعاً مهماً في دعم أهداف كل هذه المبادرات والنجاحات التي تحققت باستضافة هذه الأحداث التي تحظى باهتمام عالمي كبير ويمثل ذلك فرصة ذهبية لكي يتعرف العالم على تطور المملكة والفرص فيها وجودة الحياة والثراء الثقافي والغنى بالمواقع السياحية وغيرها من المكاسب فالأهم في الإعلام ليس فقط الأنظمة والتشريعات الحديثة بل رفع كفاءة الإنفاق والاستفادة من الوسائل بحسب قوتها في التأثير والمهنية فالصحافة والقنوات الفضائية مازالت تعد أقوى المؤثرين في العالم بينما وسائل التواصل هي وسيلة نشر لأن أغلب ما ينقل فيها مصدره المؤسسات المرخصة من وكالات أنباء وصحف وقنوات ومنصات إعلامية.
نقلا عن الجزيرة