قفز الاقتصاد الوطني خلال 2016 ـ 2023 قفزات قياسية على طريق الإصلاحات والتطوير الهيكلي، وحقق خطوات متقدمة في جميع مسارات التنمية المستدامة والشاملة، وضعته ضمن أكبر وأهم 20 اقتصادا في العالم، وهو المركز الاقتصادي المرموق الذي حظي بشهادة المجتمع الدولي عن جدارة واستحقاق خلال فترة قياسية لم تتجاوز نصف عقد زمني مضى، وما زال الاقتصاد الوطني يتطلع بعزم وهمة لا يفارقهما طموح القيادة، ومن خلفها تطلعات المجتمع بأكمله من مواطنين ومقيمين، لأجل الوصول إلى تحقيق المستهدفات النهائية والعملاقة لرؤية المملكة 2030، ولن يتوقف التقدم عند تلك المستهدفات التي بدأ جزء منها في التحقق قبل موعده، بل ستندفع ـ بعون الله ـ نحو آفاق مستقبلية لا سقف لها، هدفها النهائي الارتقاء بحياة الإنسان على سطح أرض المملكة، وتوسيع خياراته المعيشية وتحسين جودتها بأفضل نمط تنافسي على أعلى المعايير العالمية.
تكفي الإشارة إلى ما تم إطلاقه خلال أقل من نصف عقد زمني من استراتيجيات ومبادرات وإصلاحات وتطوير، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، استراتيجية تنمية السياحة الوطنية، استراتيجية التقنية المالية، الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، استراتيجية برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، الاستراتيجية الوطنية للثقافة، استراتيجية قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية، الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية.
كما تم إطلاق مشاريع عملاقة تقدر قيمتها بعدة تريليونات من الريالات، مشروع نيوم، مشروع ذا لاين، مشروع البحر الأحمر، مشروع القدية، مشروع الرياض الخضراء، مشروع الرياض آرت، مشروع حديقة الملك سلمان، انضمت تلك الاستراتيجيات والمشاريع العملاقة إلى ما سبقها من استراتيجيات ومبادرات تنموبة، سيتم العمل المتكامل والمشترك على إنجازها حسبما تم التخطيط لمواعيدها النهائية، وكل ذلك استهدافا لإحداث النقلة النوعية والملموسة حسب مجال كل استراتيجية، التي ستقدم للاقتصاد الوطني مزيدا من التحفيز والدعم، إضافة إلى زيادة حظوظه المشروعة من النمو والازدهار، التي ستصب نتائجها الإيجابية النهائية - بتوفيق الله وعنايته - في مصلحة الاقتصاد الوطني والمجتمع على حد سواء.
بالنظر إلى الحجم العملاق للمنجزات المتحققة وتلك التي في طريقها للتحقق - بمشيئة الله تعالى - وإلى حجم الموارد المالية والبشرية الهائلة التي تم تسخيرها لإتمام وإنجاز المشاريع والمبادرات والاستراتيجيات التي ولدتها رؤية المملكة 2030، التي تتجاوز تكلفتها في الإجمال عشرات التريليونات من الريالات، فإن من أهم المستهدفات والجهود اللازمة هنا هو "حمايتها" والرقابة عليها بالكامل من أي وجه للتقصير أو التأخير أو الإهمال أو عدم الكفاءة أو الفساد بأي شكل من الأشكال، الذي سيكفل بتوافره "استدامة" جميع ما أنتجته وأوجدته رؤية المملكة 2030 من برامج ومبادرات ومشاريع واستراتيجيات حظيت بأكبر تسخير من الموارد المالية والبشرية في تاريخ الاقتصاد الوطني بأكمله، وهذا بكل تأكيد من أهم ما يجب أن تحتزم به أي رؤية استراتيجية في مجال كان، حماية لوجودها ولكل ما ستقوم بإنتاجه وتقديمه لبيئة العمل التي تستهدف تطويرها والنهوض بها، واستراتيجية المملكة 2030 بحجمها العملاق تعد الأجدر بكل تأكيد بهذه الحماية، وما حرصت القيادة على إقراره منذ الخطوة الأولى لإعلان وبدء تنفيذ الرؤية، "لن نتهاون أو نتسامح مطلقا مع الفساد بكل مستوياته، سواء أكان ماليا أم إداريا.
وسنستفيد من أفضل الممارسات العالمية لتحقيق أعلى مستويات الشفافية والحوكمة الرشيدة في جميع القطاعات. وسيشمل ذلك اتخاذ كل ما هو ممكن لتفعيل معايير عالية من المحاسبة والمساءلة، عبر إعلان أهدافنا وخططنا ومؤشرات قياس أدائنا ومدى نجاحنا في تنفيذها للجميع، وسنعمل كذلك على توسيع نطاق الخدمات الإلكترونية، وتحسين معايير الحوكمة، بما سيحد من التأخير في تنفيذ الأعمال، وتحقيق هدفنا في أن نقود العالم في مجال التعاملات الإلكترونية"، "ص 60" وثيقة رؤية المملكة 2030، والحديث هنا لا يتجاوز مجرد التأكيد على الأهمية القصوى لهذا المشروع "حماية مخرجات الرؤية"، الذي ازدادت أهميته بدرجة أكبر خلال الفترة الراهنة، التي تشهد مزيدا من تدفق مخرجات ومنتجات الرؤية من خلال برامجها ومبادراتها التنفيذية الكبيرة العدد والحجم، بما يكفل التطابق التام بين المستهدفات والمخرجات أو المنتجات.
لا تقف خسائر التباين بين المخرجات والمنتجات من جانب، ومن جانب آخر المستهدفات المنصوص عليها في المبادرات والبرامج، عند مجرد هدر أو فقد الأموال والجهود الكبيرة التي تم تسخيرها من الدولة، لأجل تلك المبادرات والبرامج، بل تتجاوزها إلى التأثير سلبا في برامج ومبادرات أخرى، ذلك أن الرؤية قامت على التكامل المشترك والتام بين جميع برامجها ومبادراتها، وهو ما يؤكد دقة وديناميكية تصميمها، وفي الوقت ذاته يضاعف بدرجة كبيرة من أهمية الرقابة والمتابعة والمراجعة والمحاسبة لجميع تفاصيل تلك البرامج والمبادرات. الله ولي التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية