حقيقة الفائدة على التمويل العقاري

14/03/2010 4
محمد القويز

في الأسبوع الماضي ذهبت لمساعدة أحد الأصدقاء في البحث عن منزل. وكان مشروع بحثنا في غاية الصعوبة إذ إن كلاً منا منشغل بعمله لذا فمجرد استقطاعنا لساعة من وقتنا لزيارة موقع كان أمراً شاقاً، فما بالك باستقطاع أيام للدوران بين أحياء الرياض المختلفة ومكاتب عقارها المتعددة بحثاً عن المسكن المناسب. لذا فقد كانت مشاريع التطوير العقاري بمثابة المُنقِذ لنا. حيث كان بإمكاننا تحديد مجموعة من المشاريع الكبيرة بسهولة وزيارتها والاطلاع على جميع تفاصيلها بسرعة وسلاسة.

وكان أحد المشاريع التي زرناها، مشروع بجوار مقر «سابك» في الرياض، نقلة نوعية بالفعل في مجال التطوير والتسويق العقاري، حيث كان يقدم مساكن بأسعار تبدأ بأقل من مليون ريال ضمن منطقة مطورة ومخططة بالكامل، إضافة إلى قيامنا بالتجول في مجموعة من الفلل النموذجية المختلفة بأحجام وتصاميم متباينة، كلها مشطبة ومجهزة بالكامل ليسهل على المرء تصور حاله فيها بعد السكن. كما كان الجو العام في موقع المشروع يوحي بتغير جذري في التسويق للعقار من عالم عشوائي مخصص للرجال فقط إلى تجربة منظمة ومجهزة للعائلة بأكملها. ولكن تجربتنا تغيرت تماماً لدى زيارتنا لمراكز التمويل العقاري الموجودة في مقر الموقع.

ففي أحد هذه المراكز قام الموظف بالسؤال عن دخل صاحبي ومقدار القسط الذي يتحمله ومن ثم قدم له عرض التمويل المناسب به بناء على المنزل الذي اختاره. ووجد صاحبي في هذا الأمر غاية السهولة والسلاسة. ولكن بصفتي «المستشار المالي الملقوف» فقد قمت بإخراج آلتي الحاسبة المالية فأخذت الأقساط ومدة التمويل التي تضمنها العرض وقارنتها بسعر المنزل النقدي «رغبة في تبرير مرافقتي لصاحبي».

وعند إجرائي لبعض حسابات بسيطة أخذتني الدهشة عندما اكتشفت أن عرض التمويل الذي قدمه البنك كانت تكلفته تفوق 13 في المائة سنوياً! (وأود الإيضاح في هذا الصدد أن تكلفة الإقراض التي أشير إليها في هذا المقال هي معدل الفائدة أو الأرباح التناقصية التي تعد المقياس الدقيق والحقيقي لتكلفة القرض، وليس عن الفائدة الثابتة أو غير التناقصية التي دأبت معظم البنوك على الإشارة إليها وتسويقها، نظراً لعدم دقتها، إذ إنها دائماً تُظهر السعر على أنه أقل من الواقع. وكقاعدة عامة، ومن باب التقريب فإن فائدة ثابتة بمقدار 5 في المائة سنوياً تعادل فائدة تناقصية بنحو 10 في المائة، أي بمقدار الضعف تقريباً).

في سياق القصة ما أدهشني كان أمرين:

أولهما: ارتفاع تكلفة الإقراض. فتكلفة 13 في المائة سنوياً على أي قرض هي تكلفة عالية للغاية، خصوصاً إذا أخذنا بالاعتبار أن القرض العقاري ينبغي أن يكون أقل تكلفة من القروض الأخرى نظراً لأنه مضمون بكل من العقار المرهون وبراتب المقترض، بينما القروض الأخرى مضمونة براتب المقترض فقط بالرغم من أنها أقل تكلفة. كما أن أسعار الفائدة المنخفضة حالياً تحتّم انخفاض تكلفة الإقراض وليس فقط ترجمتها إلى هوامش إضافية تذهب للبنك.

ثانيهما: وهو الأمَرّ، أن موظف البنك لم يصارحني وزميلي في أي حال عن تكلفة القرض الفعلية بالإفصاح عن معدل الربح السنوي التناقصي الذي يعد هو المعيار الفصل في الفروض والذي قمت بحسابه بمفردي. بل إني «من زود لقافتي» قمت بالاطلاع على شاشة الموظف فوجدت أن معدل الربح لا يظهر حتى على شاشته، مما يعني أن المسألة ليست مجرد خطأ موظف، إنما هي سياسة ثابتة للبنك في عدم الإفصاح عن سعر التمويل، مما يخالف تعليمات مؤسسة النقد، والأمر الأهم أنه يُعَدّ مجافاة لأصول النزاهة والإفصاح والبعد عن عقود الغرر.

*** لذا فإني أوصي بالتالي: * على كل مستهلك أن يسأل جهة التمويل عن «معدل الربح التناقصي للقرض» والذي تفرض مؤسسة النقد الإفصاح عنه، وذلك للتمكن من المقارنة بين جهات التمويل المختلفة.

* على كل مؤسسة التأكد من الإفصاح عن أسعار الإقراض بشكل موضوعي وشفاف ودون تغرير بالمستهلك.

* على مقام مؤسسة النقد التأكد من تفعيل قرارات الإفصاح عن طريق جهاز التفتيش وعن طريق فرض غرامات على المخالفين وعن طريق إعطاء المستهلك حصة من الغرامة لإعطائه دافعا للإبلاغ عن الجهات المخالفة.