تنفست الدول الأوروبية الصعداء بعد أن امتلأت مرافق تخزين الغاز الخاصة بها قبل بداية فصل الشتاء بمستويات أعلى من المعتاد. ومع ذلك، لا يزال يصل مزيد من شحنات الغاز المسال إلى أوروبا بمعدلات تفوق طاقة استيعاب الموانئ. في الوقت نفسه وصلت أسعار الشحن إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، ما زاد من أسعار الغاز المسال المرتفعة أساسا.
في هذا الجانب أعلنت إسبانيا وضعا تشغيليا استثنائيا، حيث تنتظر العشرات من ناقلات الغاز المسال عند محطات التغويز regasification، وهو ما يتجاوز بشكل كبير الطاقات المتاحة. قبل أسبوعين، وفرت إسبانيا ست خانات تفريغ فقط، وفقا لـ"رويترز"، لكن هناك أكثر من 35 ناقلة للغاز المسال تنتظر قبالة سواحلها. تمتلك إسبانيا ست محطات تغويز وهي أكبر مستورد للغاز المسال في الاتحاد الأوروبي.
تراكم الناقلات هذا يسلط الضوء على مشكلة أوروبا فيما يتعلق بقدرة استيراد الغاز المسال التي دفعت ألمانيا إلى إبرام صفقة عاجلة لبناء منشأتين عائمتين حتى تتمكن من استقبال الغاز المسال مباشرة. وفي الوقت نفسه، هناك مزيد من الغاز المسال العائم قبالة السواحل الأوروبية، حسبما ذكرت وكالة رويترز، ما يشير إلى أن حشد الناقلات البالغ قوامه 35 ناقلة قبالة إسبانيا ليس سوى جزء من التراكم الفعلي. هناك أيضا العشرات من ناقلات الغاز المسال في انتظار التفريغ أو العمل كمخزن عائم بالقرب من الموانئ الأوروبية الأخرى. ومع استمرار اندفاع الغاز المسال إلى أوروبا، يلوح نقص كبير في الناقلات.
في الواقع، كل مشتر جاد للغاز الطبيعي استحوذ على عدد من الناقلات. هناك طاقة محدودة جدا ومكلفة للغاية للحصول عليها. جميع السفن المتاحة مستأجرة، مع ذلك سلسلة التوريد تعاني اختناقات. يتم استخدام نحو نصف الأسطول مخزنا عائما، ما يؤدي إلى تأخير أوقات التسليم، وفرض مزيد من الرسوم على العملاء النهائيين مع استمرار أسعار الغاز في الارتفاع، وفقا للوسطاء ومالكي السفن. بالفعل، قانون العرض والطلب يعمل هنا بصورة مثالية، لكن هذا القانون نفسه يدفع أيضا أسعار الشحن لشركات نقل الغاز المسال إلى مستويات عالية، ما يضيف إلى فواتير الاستيراد العالية بالفعل في أوروبا وآسيا. بالفعل، وصلت أسعار الشحن اليومية إلى مستوى قياسي مرتفع، ومن المتوقع أن ترتفع الأسعار أكثر مع اقتراب فصل الشتاء. وفقا لبيانات بورصة البلطيق، ارتفعت أسعار ناقلات الغاز المسال في السوق الفورية ستة أضعاف منذ بداية العام، لتصل أخيرا إلى 450 ألف دولار يوميا. ويتوقع المحللون أن يرتفع هذا المبلغ مرة أخرى إلى نصف مليون دولار يوميا، حيث لا يزال الطلب قويا قبل فصل الشتاء. وقد لا يكون هذا هو الحد الأقصى، لأن إحدى شركات البورصة في المملكة المتحدة توقعت أن ترتفع أسعار الشحن إلى ما يصل إلى مليون دولار يوميا قبل نهاية العام. في عام 2021، كانت الأسعار في حدود 30 إلى 300 ألف دولار يوميا. لكن منذ الأزمة الأوكرانية تم تسجيل أرقام قياسية عدة مرات وتعطيل خطوط إمداد الوقود.
هناك عامل إضافي يجعل شحن الغاز المسال أكثر تكلفة، وهو أن جزءا كبيرا من الأسطول المتاح يستخدم حاليا مخزنا عائما، حيث ينتظر التجار ارتفاع سعر الغاز مع بدء الشتاء. في هذا الجانب، أشار تقرير "رويترز" عن اختناقات ناقلة الغاز المسال، إلى أن الأسعار للتسليم في تشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر) أعلى بمقدار دولارين لكل مليون وحدة حرارية بريطانية من الأسعار الحالية.
تعمل الاختناقات أيضا على تحويل بعض الناقلات التي تنتظر التفريغ إلى مخازن عائمة، على الأقل مؤقتا، بمساعدة انخفاض الطلب بسبب الطقس الأكثر دفئا من المعتاد في إسبانيا وانخفاض الطلب الصناعي على الغاز في جميع أنحاء أوروبا بسبب التباطؤ الاقتصادي الذي كان أحد أسبابه نقص الغاز الذي بدأ العام الماضي.
هناك أخبار أيضا عن ارتفاع الأسعار تلوح في الأفق. حيث قد تتأخر إعادة تشغيل محطة فريبورت Freeport LNG للغاز المسال في الولايات المتحدة، التي أغلقت بعد حريق في يونيو، ما أضر بالقدرة على تحمل التكاليف والوفرة لأوروبا التي أصبحت مدمنة على الغاز المسال بأي ثمن. في هذا الجانب، توقعت شركة استشارات الطاقة النرويجية ريستاد للطاقة أخيرا عودة محطة فريبورت للغاز المسال إلى العمل الطبيعي بحلول نهاية الشهر المقبل، لكنها أضافت أنه لا يزال هناك احتمال للتأخير. وأشارت الشركة إلى أن هذا التأخير قد يدفع أسعار الغاز للارتفاع في الولايات المتحدة. سيؤدي ارتفاع أسعار الغاز في الولايات المتحدة إلى زيادة أسعار الغاز المسال تلقائيا في السوق الدولية أيضا.
يحدث هذا في الوقت الذي يحاول فيه الاتحاد الأوروبي الاتفاق على وضع سقف لأسعار الغاز. تم تقديم اقتراح بهذا الصدد قبل أسبوعين من قبل المفوضية وناقشه القادة الأوروبيون في اجتماع عقد أخيرا. حتى قبل الاجتماع، كان من غير المرجح التوصل إلى اتفاق لأن الدول الأعضاء منقسمة بشأن هذه القضية، لكن الضغط لخفض أسعار الغاز، وبالتالي التضخم القوي، قد ينتهي الأمر بالموافقة على شكل من أشكال التحكم في الأسعار لتقليل تداعياتها.
مع كل هذه الأخبار الصعودية عن أسعار الغاز، هناك بعض الجوانب الإيجابية. حيث من المتوقع أن تنخفض واردات الصين من الغاز المسال بشكل حاد بسبب ضعف الطلب وارتفاع أسعار السوق الفورية، ما سيوفر مزيدا من الشحنات لأوروبا. لكن، التحدي الكبير هو أن أوروبا لا يمكنها بناء مزيد من محطات استيراد الغاز المسال في غضون أسابيع أو حتى أشهر. وفي الوقت نفسه، لا تزال صادرات الغاز المسال الأمريكية إلى أوروبا قوية رغم الانقطاع في محطة فريبورت. حيث أفادت "رويترز"، في وقت سابق من هذا الشهر، نقلا عن بيانات تتبع الناقلات، أن منتجي الغاز المسال في الولايات المتحدة قاموا بشحن 87 شحنة من الغاز المسال إلى الخارج في سبتمبر بإجمالي 6.25 مليون طن، وأظهرت البيانات أن 70 في المائة من هذه الشحنات ذهبت إلى أوروبا.
نقلا عن الاقتصادية
اتناقات وارتفاعات في اسعار الغاز والديزل والبنزين وفي النهايه خسائر بترورابغ بالمليارات؟ من سرق بترو رابغ؟؟؟ الله المعين