في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار العام 2018م تحدث سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن رؤيته لمستقبل الشرق الأوسط، الذي اعتبره «أوروبا الجديدة». لم يتوقف العمل منذ ذلك اليوم، حيث مضى سموه في تحقيق رؤيته، من خلال إستراتيجية شاملة منبثقة عن رؤية 2030 والتي تهدف لتعزيز التنمية الاقتصادية في الدول الإقليمية وتحقيق نهضة شاملة للمنطقة.
وتزامناً مع انعقاد مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في نسخته السادسة، أعلن سمو ولي العهد، عن قيام صندوق الاستثمارات العامة بتأسيس 5 شركات إقليمية، تستهدف الاستثمار في كل من: الأردن، البحرين، السودان، العراق، وعمان، وذلك بعد إطلاق الشركة السعودية المصرية للاستثمار في أغسطس الماضي، حيث ستبلغ قيمة الاستثمارات المستهدفة ما يقرب من 90 مليار ريال «24 مليار دولار» موجهة للاستثمار في قطاعات مختلفة بحسب المقومات المتاحة لكل دولة.
لم تعد رؤية المملكة 2030 مرتبطة بالمملكة فحسب، بل باتت مرتبطة أيضاً بالدول الإقليمية من خلال شراكات استثمارية ومشروعات كبرى معززة للتنمية الاقتصادية، ومحققة في الوقت عينه، عوائد مجزية لصندوق الاستثمارات.
التشاركية في التنمية الاقتصادية والاستثمار الذي تنتهجه المملكة سيسهم في تحقيق حلم «أوروبا الجديدة» وسينعكس إيجاباً على شعوب المنطقة. فالمملكة تنتقل بنجاحاتها المحلية إلى الشراكات الإقليمية المحققة للتنمية والأمن والاستقرار ورفاهية الشعوب.
من المهم الإشارة إلى تحول الرؤية السعودية في تقديم الدعم للدول الإقليمية، من المساعدات المباشرة، إلى الشراكة الاقتصادية، وضخ الاستثمارات النوعية التي تسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية وخلق الفرص الوظيفية، والاستثمارية، بالإضافة إلى العوائد المالية المشتركة. فالاستثمار في القطاعات الحيوية مدعاة لتنميتها وتعزيز مشاركتها في الناتج المحلي الإجمالي للدول المستهدفة، والمساهمة في معالجة التحديات الاقتصادية وفق رؤية استثمارية حديثة.
فصندوق الاستثمارات العامة، بقيادة سمو ولي العهد رئيس مجلس الإدارة، بات يستهدف تعزيز استثماراته في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وبناء شراكات اقتصادية استراتيجية طويلة الأمد، محققاً بذلك أهدافاً رئيسة منها، العوائد المجزية، والتنمية الاقتصادية في الدول المستهدفة، وتنويع استثمارات الصندوق نوعياً، وجغرافياً، وتحقيق هدف تنويع مصادر الدخل. فالشركات المعلن عنها تستهدف الاستثمار في قطاعات رئيسية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وهي من أقوى الأسواق الناشئة في العالم، وتمتاز بفرصها الاستثمارية المستهدفة من الصندوق، والمرتبطة بقطاعات استراتيجية كالبنية التحتية، التطوير العقاري، التعدين، الرعاية الصحية، الخدمات المالية، الأغذية والزراعة، التصنيع، والاتصالات والتقنية، وغيرها من القطاعات الاستراتيجية المهمة.
أثبت صندوق الاستثمارات العامة نجاحه في إدارة استثماراته المحلية وإطلاق مشروعات كبرى غير مسبوقة عالمياً، كما نجح في عقد شراكات عالمية ساهمت في تدفق الاستثمارات للسوق المحلية، وتوطين صناعات مهمة كانت المملكة في أمس الحاجة لها، كالصناعات العسكرية والتكنولوجية، والطاقة النظيفة على سبيل المثال لا الحصر، وتنمية القطاعات الواعدة ورفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي من خلال استثمارات نوعية ومشروعات مهمة في قطاعات حيوية كالسياحة والصناعة والتعدين.
اليوم يتجاوز الصندوق دوره في التنمية الاقتصادية المحلية، إلى العالم العربي لتحقيق حلم «الشرق الأوسط الجديد» وبناء شراكات اقتصادية إستراتيجية مستدامة، وفق رؤية إستراتيجية واضحة، كما يركز بشكل كبير على الشراكات العالمية، ولعل إطلاق الصندوق لـ «مبادرة مستقبل الاستثمار» من الأدوات المهمة لتحقيق ذلك الهدف، إضافة إلى الأهداف المهمة الأخرى في الجوانب السياسية والإعلامية والإستراتيجية.
نقلا عن الجزيرة