الاستراتيجية الوطنية للصناعة «1 من 2»

24/10/2022 0
عبد الحميد العمري

أطلق الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الأسبوع الماضي "الاستراتيجية الوطنية للصناعة"، التي تستهدف الوصول إلى اقتصاد صناعي جاذب للاستثمار يسهم في تحقيق التنوع الاقتصادي، وتنمية كل من الناتج المحلي والصادرات غير النفطية، توافقا مع المستهدفات الاستراتيجية لرؤية المملكة 2030، التي ركزت على سن وتحسين الأنظمة والتشريعات وتبني إصلاحات عملاقة في مختلف المجالات، ومنها المجال الاقتصادي كأهم تلك المجالات، عبر إطلاق حزم واسعة من المبادرات الهادفة في مجموعها إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية للرؤية، والوصول إلى اقتصاد مزدهر للمملكة، ويمثل إيجاد قطاع صناعي حيوي ومستدام ومنافس، والوصول به إلى قدرته على النفاذ إلى الأسواق العالمية عبر زيادة صادراته، واحدا من أهم ركائز الاقتصاد الوطني، نظرا إلى ما يمثله القطاع الصناعي من كونه محركا رئيسا على مستوى مساهمته في الصادرات غير النفطية، والأهمية القصوى التي تحملها جهود العمل على زيادتها بصورة مطردة، إضافة إلى زيادة استقطاب الاستثمارات الأجنبية، والاستثمار في مجالات البحث والتطوير والابتكار، وإيجاد الوظائف ذات النوعية للمواطنين والمواطنات.

وصرح ولي العهد، بمناسبة إطلاق هذه الاستراتيجية الطموحة قائلا، "لدينا جميع الممكنات للوصول إلى اقتصاد صناعي تنافسي ومستدام، من مواهب شابة طموحة، وموقع جغرافي متميز، وموارد طبيعية غنية، وشركات صناعية وطنية رائدة، ومن خلال الاستراتيجية الوطنية للصناعة وبالشراكة مع القطاع الخاص ستصبح المملكة قوة صناعية رائدة تسهم في تأمين سلاسل الإمداد العالمية، وتصدر المنتجات عالية التقنية إلى العالم".

جاءت الاستراتيجية مبنية على التركيز على 118 مجموعة من السلع الصناعية المختارة وفق أسس استراتيجية لنحو 12 قطاعا صناعيا، تتمتع المملكة في مجالاتها بفرص واسعة وواعدة، يمكن من خلالها زيادة قدرتها التنافسية على المستويين الإقليمي والعالمي، الذي دفع بدوره إلى ارتكاز هذه الاستراتيجية الوطنية الطموحة عند تصميمها على ثلاثة أهداف رئيسة طويلة الأجل.

الهدف الأول، بناء اقتصاد صناعي وطني مرن، قادر على التكيف مع المتغيرات، من خلال زيادة المرونة الصناعية بالاعتماد على زيادة التصنيع المحلي، وتقليل مخاطر اضطرابات سلاسل الإمداد بالدخول في اتفاقيات استراتيجية للتأكد من استمرارية الوصول إلى السلع المهمة، لضمان رفاهية المواطنين واستمرارية النشاط الاقتصادي. الهدف الثاني، تكوين مركز إقليمي صناعي متكامل لتلبية الطلب، من خلال الاستفادة من حجم السوق المحلية والأسواق الإقليمية، عبر نموذج اقتصادي في السلاسل القيمية، والمنتجات المرتبطة بها، الذي يستهدف في مجمله إيجاد القدرة التنافسية المؤسسة لقاعدة صناعية إقليمية، يمكن لها الإسهام في تحويل المنطقة إلى مركز صناعي رئيس وتنافسي. الهدف الثالث، تحقيق زيادة عالمية في صناعة مجموعة من السلع الصناعية المختارة، تلك التي تتطلب تبني مجموعة من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، والتركيز في مجالات البحث والتطوير والابتكار فيها.

ولأجل تحقيق تلك الأهداف الاستراتيجية، فقد اعتمدت الاستراتيجية في سبيل الوصول إليها على أربعة محاور ممكنة "تتضمن 15 ممكنا صناعيا في المملكة"، وهي، المحور الأول، بناء وتعزيز سلاسل إمداد بمعايير عالمية. المحور الثاني، تنمية بيئة الأعمال المحلية. المحور الثالث، تعزيز التجارة الدولية للمملكة. المحور الرابع، تنمية وتعزيز ثقافة الابتكار والمعرفة.

تتوقع الاستراتيجية الوطنية للصناعة أن تحقق تأثيرات إيجابية في الاقتصاد الوطني، يأتي في مقدمتها ارتفاع الناتج المحلي الصناعي إلى نحو 895 مليار ريال بحلول 2030، بمتوسط معدل نمو سنوي خلال الفترة 2020 ـ 2030 يصل إلى 10.5 في المائة، وأن يستمر في الارتفاع إلى أعلى من 1.4 تريليون ريال بحلول 2035، بمتوسط معدل نمو سنوي خلال الفترة 2030 ـ 2035 يصل إلى 9.6 في المائة، وهي الوتيرة المطردة من النمو المستهدف وفقا للاستراتيجية التي تناهز أربعة أضعاف معدلات نموها الطبيعية دون الاستراتيجية. كما تتوقع أن تسهم الاستراتيجية في القفز بأعداد العمالة في القطاع الصناعي من 893 ألف عامل "2020" إلى نحو 2.1 مليون عامل بحلول 2030، أي بمتوسط معدل نمو سنوي للعمالة الصناعية يبلغ 8.8 في المائة خلال الفترة 2020 ـ 2030، ومحققة لزيادة في أعداد عمالة القطاع الصناعي مقارنة بوضعه الطبيعي بأكثر من 894 ألف وظيفة خلال الفترة نفسها، وأن يستمر نمو وظائف القطاع الصناعي لتصل إلى نحو 3.3 مليون عامل بحلول 2035، أي بمتوسط معدل نمو سنوي للعمالة الصناعية يبلغ 9.6 في المائة خلال الفترة 2030 ـ 2035.

أما على مستوى الصادرات الصناعية غير النفطية، فتتوقع الاستراتيجية أن ترتفع خلال الفترة 2020 ـ 2030 إلى نحو 557 مليار ريال، مقارنة بمستواها في بداية الفترة 169 مليار ريال، بمتوسط معدل نمو سنوي للفترة يناهز 12.7 في المائة، وأن تستمر تلك الصادرات الصناعية في الارتفاع لتصل إلى نحو 892 مليار ريال بحلول 2035، محققة متوسط معدل نمو سنوي يبلغ 9.9 في المائة خلال الفترة 2030 ـ 2035. تؤكد مقارنة مسارات تلك المتغيرات أعلاه في وجود الاستراتيجية وفي حال غيابها، فوارق جوهرية بالغة الأهمية، بما يؤكد أهمية نجاحها والتزام جميع الأطراف بتنفيذ مسؤولياتهم تجاهها، وهو الأمر المأمول تحققه بمشيئة الله تعالى، وللحديث بقية... يتبع.

 

نقلا عن الاقتصادية