من التـناقضات التي نلاحظها في جميع المجتمعات، حب المال، وذمه في الوقـت نفسه، في داخـلنا، نحب المال حبا جما، وفي العلن نكرر أمثلة ومقولات تحمله جميع المصائب والمآسـي، نسعى خلفه، ونتصارع من أجله، ثم ندعي أنه أصل الشرور، ووسخ دنيا، ومنبع الرذيلة، وسبب الفساد، لا نكتفي من جمعه وكنزه، ثم نذم أصحابه وندعي أنه أداة الظالم، وسلاح الطغـيان، وجنة الأغـنياء، نربي أطفالنا على نصائح "وحكم" تـمنعهم من جمعه وتحصيله، مثـل "القناعة كنز لا يفنى"، و"المال لا يشتري السعادة"، غير مدركين أن موقفنا المنافق والمزدوج من المال يربك عقولهم ويصنع سياجا لا واعيا وأصيلا يمنعهم من جمعه وتحصيله، المثاليات الزائفة تضع أطفالنا في آخر السلم الاجتماعي، في حين أن "الجشع الحميد" يرفعهم إلى قمته دون ظلم أو إساءة أو كسر للقوانيـن.
لا أنصحك بتشويه طريقة تفكير أبنائك تجاه المال، أو حتى تجاه الأثرياء الذين يجمعون المال. فتصرفاتنا قدوة لأبنائنا، وحياتنا ترجمة لأفكارنا، ودخلنا المادي تطبيق لموقفنا من أساليب جمعة ـ ولو اقتنع الناس بما لديهم لما عمرت الأرض، سيتعلم أطفالك منك الكثير حين تجعـل المال شغـفك، ونقطة انطلاقك، وثاني هدف في حياتك "بعد كل شيء لا يستطيع شراؤه". لا يمكنك بكل بساطة أن تصبح ثريا وأنت تملك موقفا مناوئا من المال أو منافقا تجاه الثراء. دون وعيك هذه الحقيقة سيتولى عقلك الباطن زمام المبادرة، ويوجد دون انتباهك أربعة حواجز سلبية هي:
ـ شل حركتك وتثبيطك قبل أي خطوة لتحسين دخلك.
ـ تـشكيكك في أي مشروع أو فرصة أو حتى اقتراح لجمع المال.
ـ إشعارك بالذنب حين تحصل على كـثير منه "دون بقية الناس حولك".
ـ اتخاذك موقـفا مناوئا تجاه كل من يكسر هذه الحواجز الثلاثة وينجح بجمع مزيد من المال.
وهذه كلها معوقات دفـينة وغـير واعية تـفسـر لماذا يتحدث البعض كثيرا عن مشاريع لا ينفذونها، أو يتراجعون عنها بعد تنفيذها ـ ويموتون في النهاية في الطبقة التي ولدوا فيها.
أيها السادة:
ـ يقول غاندي: الفقر أسوأ أنواع العنف.
ـ ويقول الإمام علي رضي الله عنه: لو كان الفقر رجلا لقتلته.
ـ أما الفقير إلى الله "كاتب هذا المقال" فيقول: أخبرني بموقفك من المال، أخبرك هل ستصبح ثريا أم ستطارد الراتب طوال حياتك.
نقلا عن الاقتصادية
مرحبا اخ فهد, متابع قديم لك وسعدت بوجودك في ارقام امل الاستمرار. شكرا