يعد النفط "الذهب الأسود" أبرز مؤشرات النمو الاقتصادي من خلال تسعيره في الأسواق من حيث الطلب والعرض، ما يعني أن تحسن نمو الاقتصاد العالمي يؤدي إلى ارتفاع مستويات الطلب، وبالتالي ترتفع أسعار النفط، والعكس تماما، عندما يتراجع النمو يتراجع الطلب على النفط، وبالتالي تنخفض أسعاره.
لذلك، تعد أسعار النفط أبرز المؤشرات المهمة لقياس تحسن النمو العالمي "اقتصاديا". وفي الآونة الأخيرة تراجعت أسعار النفط نحو 35 في المائة من قمتها التي حققتها عند 139 دولارا للبرميل "خام برنت"، حيث تراجع سعر البرميل إلى مستويات قريبة من 90 دولارا. هذه التراجعات مؤشر مهم لما تخشاه السوق النفطية من ضعف الطلب على الذهب الأسود، وذلك بضغط من عدة عوامل، فالعامل الأول وهو الأقوى، تراجع النمو الاقتصادي للصين، حيث خفضت بكين من توقعاتها بشأن نموها اقتصاديا للعام الحالي من 5.5 في المائة إلى 4 في المائة، بينما يرى بعض الخبراء أنه سيكون أقل من ذلك أيضا.
فالناتج الصناعي الصيني في الربع الثاني من هذا العام تراجع 3 في المائة، بينما كانت التوقعات تشير إلى العكس تماما، حيث كانت تتوقع نمو الناتج التصنيعي 4 في المائة، وهذا المؤشر في قطاع التصنيع يعد الأكثر طلبا للنفط من حيث الاستهلاك والاحتياج على حد سواء، ما سبب تراجعا لسعر البرميل في ظل خشية السوق النفطية، ما قد يضعف الطلب عليها بشكل أو بآخر.
هذا التراجع الذي يشهده ثاني اقتصاد في العالم ينذر بحالة ركود على أسواق النفط قد تستمر لفترة، خاصة أن الصين تعد في المرتبة الأولى عالميا من حيث الاستهلاك للنفط، فضلا عن أن الاقتصاد الأمريكي الذي يعد في المرتبة الثانية بعد الصين من حيث استيراد النفط قد دخل في حالة انكماش نموه الاقتصادي لربعين متتاليين، ما يعني أن أكبر اقتصادين في العالم اللذين يستهلكان أكثر من ثلث الطلب على النفط بين الدول المستوردة يعيشان في حالة تراجع من النمو قد يستمر تأثيره في الأسعار سلبا لفترة من الوقت.
يضاف إلى ذلك انتظار الأسواق لما ينتج عن الاتفاق النووي بين إيران من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى، وهل سيتضمن الاتفاق السماح بدخول النفط الإيراني إلى السوق تحت شروط معينة، ما قد يزيد المعروض ويضغط على الأسعار سلبا.
من جهة أخرى، هناك بعض العوامل تدعم تماسك أسعار النفط، فاستمرار الأزمة الروسية - الأوكرانية التي كانت شرارة لارتفاع أسعار الطاقة عموما، ما رفع خام برنت إلى مستويات قريبة من 140 دولارا، لا تزال مستمرة، وخشية الأسواق من نقص المعروض مستقبلا يدعم بقاء الأسعار مرتفعة عما كانت عليه قبل بداية الصراع العسكري بين البلدين، كما أن تراجع المخزون الاستراتيجي من النفط إلى أدنى مستوياته تاريخيا في الولايات المتحدة يدعم بقاء الأسعار مرتفعة، حيث إن تعويض المخزون مستقبلا سيسهم في دعم مستويات الطلب.
من جانب آخر، استمرت السوق السعودية في الصعود على الرغم من تراجع النفط الذي تربطها به علاقة طردية متجاوزة متوسطاتها المتحركة لـ250 يوما عند 12350 و11950 نقطة، حيث تعد أهم مناطق الدعم حاليا، وذلك بدعم من النتائج الإيجابية للشركات القيادية، ويتبقى أمام السوق مقاومة مهمة عند منطقة 12850، حيث تجاوزها يعيدها إلى مسارها الصاعد.
نقلا عن الاقتصادية