صدر خلال الأسبوع الماضي قرار مجلس الوزراء بإنشاء «الهيئة السعودية لتسويق الاستثمار»، تحقيقا لأهداف برنامج التحول الوطني، المتمثلة في تحقيق التكامل والتعاون بين الجهات، والارتقاء بجميع الأعمال والخدمات ذات الصلة بتسويق الاستثمار، وتسويق السعودية لتكون وجهة استثمارية جاذبة في جميع القطاعات.
وجاءت أهم الأهداف المأمولة من إنشاء هذه الهيئة الفتية متمثلة فيما يلي: أولا، تحقيق التكامل والتعاون بين الجهات والارتقاء بجميع الأعمال والخدمات ذات الصلة بتسويق الاستثمار. ثانيا، إدارة الهوية الوطنية الموحدة لتسويق الاستثمارات وجذبها إلى السعودية. ثالثا، إعداد الخطط والبرامج المتعلقة بالتسويق محليا ودوليا للتعزيز من جاذبية الاستثمار في السعودية. رابعا، إدارة منصة «استثمر في السعودية» الإلكترونية. خامسا، تشجيع ودعم الشراكات المحققة لأهداف التنمية بين المستثمر المحلي والمستثمر الأجنبي. سادسا، دعم أنشطة تسويق استثمارات السعودية.
سيشكل إنشاء هذه الهيئة بما تحمله من مستهدفات تنموية شاملة، وإزاء ما يزخر به الاقتصاد الوطني من فرص استثمارية واعدة ومجدية، إضافة إلى ما يتمتع به من قدر رفيع على مستوى الاستقرار السياسي والاقتصادي والمالي والاجتماعي، كل تلك الاعتبارات الراسخة، تؤكد أنه سيشكل نقلة نوعية للاقتصاد الوطني - بمشيئة الله تعالى -، تنطلق بلغة الأرقام من مستوى 4.0 تريليونات ريال التي حددتها الاستراتيجية الاستثمارية للمملكة حتى 2030، وبوجود هذه الهيئة وبالإمكانات والموارد التي سيتم تسخيرها للعاملين فيها، ستتجاوز حدود تلك المستهدفات بعد تحققها - بمشيئة الله تعالى - فيما بعد 2030، قياسا على ما يشهده الاقتصاد الوطني من توسع وتنوع خلال الفترة الراهنة، سينشأ عنه بكل تأكيد فيما بعد 2030 اقتصاد أكثر حيوية وتنوعا على مستوى قاعدة الإنتاج.
لقد أنتجت الإصلاحات الهيكلية والجذرية التي خضع لها الاقتصاد الوطني منذ منتصف 2016 حتى تاريخه، فرصا استثمارية كثيرة بحمد الله، وأثبتت للاستثمار المحلي والأجنبي قوة جاذبيتها، ولن تجد الهيئة صعوبة كبيرة في إقناع الاستثمارات محليا أو خارجيا بجدوى تلك الفرص، بقدر ما أن الجهود والعمل الدؤوب ستنصب بدرجة أكبر على إيصال الحقيقة الكاملة إلى تلك الاستثمارات، وإيضاحها بالقدر الكافي، وبالشفافية اللازمة، وبالمعلومات الشافية، التي تلبي مجتمعة متطلبات متخذي القرار بخصوص تلك الاستثمارات، ودون إغفال عوامل الجذب والتنافسية في خضم التنافس العالمي على اجتذاب الاستثمارات الأجنبية، والاعتماد أيضا على المزايا الفريدة للاقتصاد الوطني من حيث النمو والاستقرار والمتانة المالية والمجتمع الفتي، وسط اقتصاد عالمي مضطرب في أغلب أنحائه تحت وطأة الأزمات المتتالية التي عصفت ولا تزال تعصف به، وكل ذلك في مجمله يرجح بدرجة كبيرة توقعات النجاح المرتقب - بمشيئة الله تعالى - لفريق العمل في «الهيئة السعودية لتسويق الاستثمار».
إن من أهم الفرص الاستثمارية "خارجيا"، والتنموية "محليا"، المؤمل أن تحظى بالأولوية ضمن مستهدفات «الهيئة السعودية لتسويق الاستثمار»، ما هو متمثل في سوق الإسكان المحلية، التي تتمتع بكثير من المزايا النادر توافرها في كثير من الدول من حولنا، خاصة أمام كبرى شركات التطوير العقاري العالمية في الدول الصناعية، وبما تتمتع به من خبرات طويلة جدا، مقارنة بمثيلاتها في السوق المحلية، والأخذ أيضا في الحسبان ما تواجهه تلك الشركات من صعوبات مالية وتمويلية في دولها، قياسا على مختلف أشكال الأزمة المالية والاقتصادية التي يواجهها الاقتصاد العالمي وأسواقه، ومن ضمنها حتى تلك الشركات العاملة في مجال التطوير العقاري، التي ستجد كياناتها أمام فرص استثمارية واعدة جدا متى ما تم اجتذابها إلى السوق المحلية، ووفقا لما أصبح معلوما لدى الجميع من تحديات عاصفة تواجهها تلك الشركات، فإن كل ذلك يرجح كفة المفاوض السعودي في «الهيئة السعودية لتسويق الاستثمار»، ويجعله في موقف أقوى مقابل أي من تلك الشركات، وهذا يشمل حتى بقية القطاعات والنشاطات الأخرى بكل تأكيد، الذي سيؤدي في مجمله إلى تجاوز مجرد اجتذاب تلك الاستثمارات، وصولا إلى انتقاء النوعية الأمثل والأفضل للاستثمار في السوق المحلية على اختلاف نشاطاتها وقطاعاتها.
إن الدخول في شراكات استراتيجية مع أكبر وأبرز شركات التطوير العقاري في سوق الإسكان المحلية، من خلال توفير الأراضي الحكومية أو لدى الهيئات شبه الحكومية، وضخها في سوق الإسكان المحلية، والاستجابة للطلب المحلي المتنامي بوضعه الراهن، أو المتوقع ضمن مسار ارتفاع حجم السكان خلال العقدين المقبلين على أبعد تقدير، يؤكد أن المكتسبات التنموية العملاقة المؤمل تحققها، ستتجاوز كثيرا مجرد المكتسبات الاستثمارية المجدية، ما سيؤدي فعليا إلى تسريع رفع مساهمة القطاع العقاري في الاقتصاد الوطني، ويؤدي أيضا عبر تسارع نمو العرض من المنتجات الإسكانية المتنوعة في مختلف أنحاء المملكة، إلى الوصول سريعا إلى نقطة التوازن في سوق الإسكان، عدا ما سينشأ عنه كل ذلك من نمو كبير في الطلب على بقية المنتجات العقارية "تجاريا، خدميا، صناعيا، زراعيا"، ستسهم مجتمعة في النمو الاقتصادي وتوسيع قاعدته وزيادة تنوعها، إضافة إلى توفير أي من المنتجات العقارية على اختلاف أنواعها بجودة أعلى، وبسعر عادل وملائم، وبمزيد من توفير مئات الآلاف من فرص العمل المجدية أمام الموارد البشرية المواطنة، إضافة إلى كثير من العوائد والمكتسبات الاقتصادية والمالية والاستثمارية والاجتماعية الأخرى، المتوقع تحققها - بمشيئة الله تعالى - قياسا على تحقق ما تقدم ذكره باختصار شديد من مكاسب مباشرة، نتيجة اجتذاب تلك الشركات العالمية في مجال التطوير العقاري، وهو ما لن يتسع المجال لحصره وذكره بالتفصيل في هذا المقام المحدود المساحة.