نحو مؤشرات اقتصادية جديدة «2»

07/06/2022 5
فواز حمد الفواز

في الأسبوع الماضي تحدث المقال عن حيثيات المؤشرات الاقتصادية المناسبة في ظل التغير المهم في المملكة وبالتالي الحاجة إلى مؤشرات جديدة، وفي هذا نذكر بعض ما أعتقد أنه أهمها. بعض المؤشرات يهدف إلى قياس الأداء المالي وبعضها يهدف لمحاولة تلمس محاولات المملكة الانتقال من اقتصاد يقوده المال إلى اقتصاد يقوده التصدير والتراكم المعرفي والتنظيمي. البعض الآخر يقيس العلاقة بين المؤسساتي والاقتصادي، وأخرى تقيس بعض العناصر المؤسساتية كالتنافسية وسلم القيمة. وأخيرا ربما هناك تركيز على النواحي البشرية لأنها في نظري توجد الفرق في المدى البعيد.

ربما أهم مؤشر هو القدرة على التصدير وتنافسية منتجاتنا لأنه في الأخير مصدر النقد الأجنبي لا بد أن تكون الصادرات وغالبا إذا لم تستطع التصدير سيكون الاستيراد مكلفا أو محدودا أو كليهما. كما أن للتصدير جانبا آخر يظهر في نوعية وكفاءة وأداء الاستثمارات الوطنية. قراءة دقيقة للاستثمار سنعرف مصادره الخاصة والعامة والوطنية والأجنبية ونوعيته وترتيبه في سلم التقنية. فكلما ارتفع تعقيد المواد المصنعة دل على روابط وتنظيم عال. المؤشر الآخر هو تحويلات العملة الصعبة خاصة للوافدين. التحويلات مصدر نزيف مالي يتحمله الاقتصاد بقدر استمرار فوائض مالية مريحة في الحسابين الجاري والرأسمالي. ليس الهدف قيودا مالية لكن رصدا لتطوير المركز في العملة الصعبة. استقرار سعر الصرف وحرية التحويلات مفيدان وينبغي المحافظة عليهما قدر الإمكان لكننا نعيش في عالم متحرك. أستثني التحويلات لشراء السلع التي تدخل في التصنيع والضرورات لكن تحويلات الأجور والأرباح مختلف. المؤشر الآخر هو أعداد الفنيين السعوديين في القطاع الخاص لسببين، الأول أن تسعير أعمالهم سيكون ذا مدلول اقتصادي، والثاني ارتفاع أعدادهم ووصول أجورهم إلى المقبول معيشيا يدل على قطاع خاص صحي ومخرجات تعليم جيد بما في ذلك التعاون مع القطاع العام. الفني الوطني معيار حقيقي لمدى المعرفة المهنية في المجتمع وليس خريجا جامعيا متوسط الحال في تخصص لمجرد الرضا المعنوي بالتخرج في الجامعة.

المؤشر الآخر أيضا في الميدان البشري، لكن في أعلاه التعليمي، أغلب حملة الدكتوراه لدينا في تخصصات اجتماعية وإنسانية، ليس الهدف الطعن في أي تخصص فكلها مهمة بل نحتاج إلى مختصين في كل منها، لكن كلما ارتفع العدد قلت الكفاءة واتجهنا لقبول الضعيف كمتوسط مقبول. لذلك أرى أن التوازن بين خريجي العلوم المادية والاجتماعية ضروري، التقدم التقني والبحثي يتطلب خريجي فيزياء وكيمياء ورياضيات وليس تخصص تعليم ودراسات اجتماعية. كذلك لا بد من تمحيص للجامعات والأقسام للتخلص من الراكب المجاني. في ميدان التوظيف أرى مؤشر مستوى مشاركة السعوديين في سوق العمل أهم من مؤشر البطالة على الأقل في الأعوام الأولى للتحول. مؤشر آخر في قراءة حقيقية لسلم القيمة المضافة من خلال تقوية هيئة المحتوى المحلي. هيئة مهمة إذا استطاعت السيطرة تحليليا على تفاصيل ارتقاء سلم المحتوى والمعرفة ودرجة الترابط الرأسي خاصة في الصناعة. آخر مؤشر لا بد أن يهدف إلى قياس المرونة في عدد ونوعية الشركات التي تدخل وتخرج من السوق. ممكن تطوير مؤشرات أخرى أكثر تخصصا وتعمقا.

ليست الأهداف من هذه المؤشرات التخلص من المؤشرات التقليدية لكن أجد التقليدية في أغلبها لا تناسب المرحلة، حيث إنها تكتفي بالظاهر لذلك لا بد من البحث في مؤشرات تخدمنا وليس مجرد تقليد لا يخدم الاقتصاد الوطني. الجهات الدولية لن تسعفنا كثيرا لذلك لا بد من تحليل بمنظور داخلي نحو العالم وليس العكس.

 

 

نقلا عن الاقتصادية