مما ورد في مقالات العقاد:
(.. أعرف فتى من فتياننا الموسرين تزوّج فأراد أن يستعين على المخدع بالمطبخ فأُصيب بداء السكَّر في أقلّ من شهرين، وكان مصابه بالمطبخ المعُين قبل مصابه بالمخدع المُستعان عليه، لأنه أقبل على الحلا والدسم والتوابل والمشهيات فأرهق الكبد والبنكرياس وأجحف بالبدن كله من حيث أراد له الصحة والمتاع.. فبئس المطبخ مطبخ اللذة، ونعم المطبخ مطبخ الغذاء، وأعني مطبخ الفرد والأمة على السواء..) جزء من مقال رواه الأستاذ طاهر الضاحي وتمّ نشره في مجلة الهلال..
قلت: والأمراض الاجتماعية والجسدية إنما تعود - في معظمها - للاهتمام المسرف بالمطبخ والمخدع، ويجمع هذا كله - مع مساوئ أخرى لا تُعد ولا تحصى - كلمة واحدة قاتلة على المدى البعيد وهي (الترف)..
ما إن يصيب (الترف) فرداً أو أمة ويصبح هماً وهدفاً حتى يأتي معه بالضعف المتواصل بالتدريج، إلى أن يقضي على صحة الفرد والمجتمع والأمة..
دروس التاريخ واضحة.. مُدونة.. أثبتت أن الأمم المتقشفة في حياتها - دون جوع شديد أو سوء تغذية - تكون أقوى وأقدر على البقاء - بإذن الله - وجميع الحضارات الكبرى قضى عليها الترف، وكل الأمم التي كانت قوية بسمعتها وأموالها واتساع رقعتها غزتها أمم أقل منها مالاً وسلاحاً وعدداً وعدة فاستولت عليها بسهولة بالغة، لماذا؟ لأن تلك الأمم المغلوبة غرقت في ترف المطبخ والمخدع ففقدت الصحة والقدرة على التحمل والصبر وصارت مجرد (نمر من ورق).
نقلا عن الرياض