تتلخص الإجابة المباشرة عن سؤال المقال: "من المسؤول الأول عن حماية سوق العمل المحلية؟" في أنه القطاع الخاص بالدرجة الأولى، ذلك أن منشآته هي من أوجدت وظائفها، وهي أيضا من يتوسع فيها أو يقلصها أو حتى يلغيها، وهي أيضا من تتولى توظيف العمالة الوطنية أو الوافدة فيها، وتتولى أيضا مسؤولية إنهاء عقودهم، وهي من تتولى تحديد مستويات الأجور الشهرية وفقا للأنظمة المعمول بها، وتتولى أيضا تحديد سياساتها الداخلية للتعامل مع كل موظفيها وفق الأنظمة المعمول بها. كما لا بد من التأكيد بعد ما تقدم آنفا أن الأنظمة والبرامج السائدة، كما أنها فرضت معدلات للتوطين على تلك المنشآت، سمحت لها أيضا باستقدام حاجتها من العمالة من خارج الحدود، التي يفترض أن تنشأ بحال عدم توافر من يشغلها من العمالة الوطنية، إلا أنه كما أثبتت التجربة الممتدة لأكثر من ثلاثة عقود مضت، فقد تجاوز أغلب منشآت القطاع الخاص حدود تلك الحاجة، ووصلت إلى أبعد منها بمسافات بعيدة.
ولا تقف حدود تلك المسؤولية عند ما سبق ذكره أعلاه، بل تمتد إلى ضمان وحماية حقوق العاملين لدى تلك المنشآت، سواء كانوا عمالة وطنية أو وافدة، والعمل المستمر على توطيد استقرارهم الوظيفي، وانتظام دفع أجورهم الشهرية، وتوفير البيئة التنافسية للعاملين، وتحفيزهم معنويا وماديا وفق استحقاق الأداء الوظيفي لكل عامل، وبحال عدم تحققه بأي درجة كانت، فإن المحاكم العمالية تتولى الفصل فيه متى تقدم إليها الطرف المتضرر.
نعم، تتحمل بقية الأطراف ذات العلاقة جزءا من المسؤولية أعلاه "وزارة الموارد البشرية، هدف، العمالة الوطنية نفسها"، إلا أن ثقلها لا ولن يتجاوز بأي حال من الأحوال الثقل الملقى على كاهل منشآت القطاع الخاص. يأتي التأكيد مجددا على هذه الجوانب المحورية في بيئة سوق العمل المحلية، بالتزامن مع ما يستجد يوميا من حالات توظيف واستقدام العمالة الوافدة، التي تأتي في حالات كثيرة على حساب الموارد البشرية المواطنة، وضرورة معالجة كثير من الممارسات الموجودة لدى أغلب منشآت القطاع الخاص في الشأن، وقد تتجاوز تلك الممارسات حدود ما سمحت به الأنظمة المعمول بها لتقع في دائرة المخالفات التي منعا لآثارها العكسية على الاقتصاد الوطني والمجتمع والتنمية، أوجدت الأنظمة والبرامج ما يردعها ويصوب سلوكها، وهو الأمر الذي كان مفترضا أن تدركه منشآت القطاع الخاص قبل أي طرف آخر، استشعارا منها بانتمائها الوطني، وأنها جزء من اقتصادها الوطني، ومشارك رئيس في تنميته المستدامة، وأن أي قرارات تصدر منها ستكون لها آثارها النهائية على الاقتصاد والمجتمع، وهو الأمر الذي لا حاجة إلى تذكيرها به من أي طرف كان.
تتحمل الغرف التجارية والصناعية ممثلة في لجانها المختصة بالتوظيف والتوطين جزءا مهما من تلك المسؤولية أعلاه، التي تقتضي منها بكل ما تمتلكه من موارد وقدرات أن تعمل على تكثيف جهودها المشتركة مع كل منشآت القطاع الخاص في هذا السياق، وأن ترفع بدرجة أكبر مستويات التواصل والتنسيق مع تلك المنشآت في اتجاه رفع معدل التوطين، وتقديم الباحثين عن عمل من المواطنين والمواطنات على ما سواهم، والعمل المتكامل على النهوض بجهود توطين فرص العمل المتوافرة لديها، وإعادة ترتيب أولوياتها على مستوى التوظيف، فتتجه بالدرجة الأولى إلى الموارد البشرية المواطنة، وبذل الجهود اللازمة والكافية لخفض الاعتماد على خدمات العمالة الوافدة، وزيادة إحلال الوظائف المناسبة والملائمة للمواطنين والمواطنات من حيث نوع العمل ومستوى الأجور.
أن يتكرر عديد من المفاجآت عبر وسائل التواصل الاجتماعي معلنة حصول وافدين حديثي التخرج على وظائف، يتوافر لها مئات الآلاف من المواطنين والمواطنات، وغيرها من القصص المؤسفة في هذا السياق، ثم تأتي ردود الفعل للتصدي لها ومعالجتها بشكل سريع، لا يعني إلا ترسبا كبيرا ونفوذا قويا لسيطرة العمالة الوافدة على أجزاء واسعة النطاق من مخزون الوظائف في القطاع الخاص، وأن الحجم الكبير من السياسات وبرامج التوطين التي تمت طوال الأعوام الماضية، لم يوازه تحركا حتى بعشر سرعته لدى منشآت وكيانات القطاع الخاص، وهنا يقع الخط الفاصل بين ما تبذله الأجهزة الإشرافية والرقابية على سوق العمل من جهة، ومن جهة أخرى أرباب وملاك منشآت القطاع الخاص، الذين إما بقرارات منهم مباشرة أو بتفويضهم العمالة الوافدة لديهم، ما زالت الفكرة المسيطرة لديهم هي الأولوية للاستقدام من خارج الحدود، وتأتي قضية التوطين والاعتماد على المتوافر من الموارد البشرية المواطنة في درجات متأخرة جدا، وأن أي جهد منهم في اتجاه التوطين لا يتجاوز مجرد الوفاء بالحدود الدنيا من معدلات التوطين المطلوبة نظاميا.
قد يكون للغة العقوبات النظامية دورها في هذا المجال، وقد يكون لرفعها إلى مستوى أكثر إيلاما على المتورطين دور أيضا، إلا أن هذه الثقافة ستكون لها أيضا انعكاسات سلبية خارج حدود التقييم لآثارها على بيئة الأعمال والاستثمار المحلية؛ ما يدعو إلى فتح مزيد من قنوات الاتصال والتنسيق مع أرباب القطاع الخاص على مستوياتهم كافة بصورة مستمرة، وإظهار حجم الآثار الاقتصادية والاجتماعية العكسية نتيجة قراراتهم ضيقة الأفق على مستوى توطين الوظائف، وأن كياناتهم ومنشآتهم ستكون ضمن من سيتحمل أعباء تلك الآثار في الأجلين المتوسط والطويل، وسيكون جيدا بكل تأكيد الاستماع إلى تبريراتهم لتلك القرارات غير المواتية من حيث التوطين، والعمل على معالجة ما هو حقيقي منها، والرد بالحقائق على ما هو مجرد أعذار وتبريرات واهية لعدم الاعتماد على الموارد البشرية المواطنة، ورغم أنها جهود قد تستغرق عدة أعوام، إلا أنها بالتأكيد ستحمل نتائج إيجابية وراسخة على الجميع بمشيئة الله تعالى.
نقلا عن الاقتصادية
للاستفادة الحقيقية من استقدام الوافد، يجب ان يكون حاصل على خبرة لا تقل عن 15 سنة كما معمول به في الشركات العالمية و الا فسيكون الوافد عبىء على الاقتصاد و مزاحم للمواطن حديث التخرج
.والسبب الرئيس هو ان الاداره العليا والقياده لازالت بيد الوافدين ...اصبح واضحا الان انه اذا لم يتم توطين الوظائف القياديه بشكل كبير فلن تستطيع عجلة التوطين ان تسير ..القيادات العليا هي من تقوم بوضع العصي في الدواليب !!...آن الاوان لتغييرهذا الوضع ...والله الموفق والمعين ....