من فترة لأخرى أستعرض اقتصادات الدول المجاورة للمملكة من منطلقات اقتصادية. وأول ما يقال عن اقتصاد الأردن إنه مثقل بعدة مشكلات، وحين بدأ يستقر بموارده القليلة بدأت تبعات أزمة كورونا بتفاقم المعاناة خاصة السياحية ونقص المعونات الخارجية لأسباب اقتصادية عالمية وأيضا ضعف تحويلات الأردنيين العاملين في الخارج.
يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي في الأردن نحو 44 مليار دولار مع عدد سكان يبلغ عشرة ملايين نسمة، ما يهم عادة في قياس الأداء الاقتصادي ليس الحجم ولكن التوجهات قياسا إلى المؤشرات.
وطبقا لتقرير البنك الدولي الصادر في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2021 هناك نقص حاد في العوائد العامة لنقص التحويلات وارتفاع الأسعار العالمية، خاصة أن الأردن يعتمد على الاستيراد لأغلب السلع الاستهلاكية والرأسمالية وانخفاض عوائد السياحة وتكاليف التعامل مع موجة كورونا التي تسببت في أكثر من وفاة لكل ألف ساكن. هذه الصعوبات المالية رفعت التوقعات للدين العام من 109 في المائة من الدخل القومي الإجمالي في نهاية 2021 إلى 123 في المائة في نهاية 2023 حسب تقديرات البنك ما يجعل الاقتراض من الأسواق العالمية صعبا جدا نظرا لضعف الملاءة المالية. ويتوقع البنك أن يحقق الأردن نموا اقتصاديا حقيقيا يصل إلى 1.9 في المائة لهذا العام مقارنة بتوقعاته للاقتصاد العالمي 2.3 في المائة بعد نمو سلبي يصل 1.6 في المائة لعام 2020. ربما الأهم من عدة نواح أرقام البطالة التي ارتفعت 5 في المائة في 2020 لتصل 25 في المائة عامة و28 في المائة للنساء و48 في المائة لفئة الشباب ما يدل على ضعف المشاركة العمالية في الاقتصاد، نسبة بطالة ربما من الأعلى في المنطقة، وتصل نسبة المشاركة إلى نحو 45 في المائة أيضا رقم منخفض ولكنه قريب من بعض دول المنطقة.
مؤشرات الصورة الكبيرة مثل عجز ميزان الحساب الجاري ارتفع إلى 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020 لنقص العوائد وتأخر بعض المساعدات المالية، ربما يستمر العجز عند هذا المستوى لهذا العام، وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي للنمو الأكثر تفاؤلا قليلا من البنك الدولي.
احتياجات الأردن المالية ارتفعت بنحو 1.1 مليار دولار لهذا العام لتبعات كورونا ولا تزال السياسة النقدية سهلة بعض الشيء والوضع المصرفي مستقر مع ارتفاع محدود في نسبة القروض المتعثرة إلى نحو 5 في المائة.
حاولت الحكومة تأسيس صندوق تحفيزي بنحو 200 مليون دينار لإنعاش الاقتصاد وأيضا استمرار الإصلاحات الهيكلية المتفق عليها مع الصندوق ولكن الضغوط المالية وضعف النمو جعلها تحافظ على الممكن أكثر من تحقيق أهداف جديدة. المحافظة على الممكن لا بد أن يتماشى مع إصلاحات مثل الرواتب العامة وجودة الاستثمارات والضمان الاجتماعي والفقر وبعض القضايا التفصيلية مثل ارتفاع أسعار الكهرباء لأعمال القطاع الخاص. لا تزال هناك مخاطر مالية واقتصادية ولكن يبدو أن الوضع تحت السيطرة على الرغم من الصعوبات غير المتوقعة. الأمل في مواصلة الإصلاحات وتحسن الوضع الصحي وعلاقات تجارية أوسع مع الجيران، فمثلا هناك توافق على استيراد غاز مصري لتوليد الكهرباء وتصديرها إلى لبنان عبر سورية، وكذلك استمرار التحسن خارجيا لعودة التحويلات المالية والسياحة التي بدأت الرجوع تدريجيا. كذلك سيستفيد الأردن من تحسن الاقتصادات النفطية على أكثر من مستوى.
نقلا عن الاقتصادية