تقرض البنوك التجارية التقليدية عملائها مقابل فائدة ربوية محددة مسبقًا، وعلى النقيض من ذلك تأتي البنوك الإسلامية، فتوم باستخدام الأموال في إطار أشكال تمويلية لعلها متشابهة في النقطة النهائية وهي الحصول على النقد ولكنها تختلف من حيث الطريقة حيث انها تحاول ان تكون متوافقة مع احكام الشريعة الإسلامية حيث اصبح يلبي التمويل الإسلامي مؤخرا معظم متطلبات الأنشطة سواء كانت تجارية أو صناعية أو زراعية أو عقارية أو حتى متعلقة بالحرف البسيطة ويعتبر هذا النشاط التمويلي من أهم الأنشطة في البنوك الإسلامية حيث تشكل إيراداته أهم مصادر الأرباح.
وهناك عدة أنواع من صيغ التمويل الإسلامي العامة، مثل التمويل بصيغة المرابحة والمشاركة وتمويل التجارة وتمويل التصنيع، والسلم، ليشمل التمويل التأجيري وأخيرا التورق.
والجدير بالذكر بأن جذور التمويل الإسلامي تعود إلى عدة قرون، ويمكن الاشارة الى انها نشأت بصورتها المبسطة في بداية بزوج فجر الإسلام لتشمل جميع طرق التمويل المبنية على مبادئ الشريعة الإسلامية كما نص عليها القرآن الكريم والسنة النبوية واجتهاد الفقهاء والمفسرين.
وكمفهوم عام بصورته الكليه ظهرت المعاملات المالية منذ العهد النبوي الشريف حيث أقام الرسول صلى الله عليه وسلم معاملات عديدة تتعلق بعمليات الصيرفة الإسلامية بصورتها المبسطة، كالتحويلات والضمانات والمعاملات التجارية، كل هذه العناصر التمويلية المبسطة كانت موجودة في حياة الرسول الكريم حيث أقر بعضها صلوات الله وسلامه عليه وقام بتعديل بعضها وأبقى بعضها على حاله.
ومن ابرز واجمل ما ورد في التراث الاسلامي عن ادوات العمليات المصرفية او التجارية هوا ما يعرف بمسطلح "السفتجة" حيث استخدم المسلمون قديما السفتجة وهي الصورة الحديثة اليوم لما يعرف بالاوراق التجارية او الحوالة المالية كما فسرها البعض والاوراق التجارية هي اوراق تتداول بين الافراد لتداول النقد وقيمتها ليست في ذاتها ولكن بما مدوّن فيها من النقود.
وتتميّز السفتجة بسهولة انتقالها وإنشائها ولها درجة عالية من الأمان تتيح التنقل بين الاقطار دون الخوف من حمل النقود في القوافل، حيث تقوم السفتجة على أركان ثلاث وهي الدافع، والمدفوع لأمره، والمُرسل وقد انتشرت تحديدا بصورة موسعة في العصر العباسي حيث تم استخدام السفتجة لتحصيل الضرائب، وصرف المستحقات الحكومية، وتحويل الأموال عن طريق التجار وشاع استخدامها ايضا من قبل التجار المسافرين.
ويمكن دفع السفتجة في تاريخ محدد في المستقبل أو تدفع على الفور، وقد أشتهر الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير بأخذ الودائع من الناس في مكة وكتب المستندات لهم لتحصيل هذه المبالغ المودعة من ممثليه في بغداد وقد سميت بحوالات الزُبير.
تشير هذه الأحداث التاريخية إلى أن العمليات المالية الأسلامية التي كانت تقام في العهود الأسلامية المختلفة لها أصول وجذور راسخة كان بالامكان الابتداء من حيث انتهت دون الحاجة للتقليد الحاصل اليوم وتعطيل الفقه والاجتهاد حيث ان البنوك الإسلامية في شكلها الحالي ظهرت للأسف الشديد كمقلد للبنوك التجارية التقليدية في الغرب نتيجة للتطورات الصناعية والتجارية في الاقطار الاسلامية وانتشار هذه البنوك التقليدية في الدول العربية والإسلامية.
إن كمال الكمال وجمال الجمال وتمام الحسن والبهاء تشكل في الاية الكريمة رقم 70 من سورة البقرة والتي تحث على الابتكار وحث العقل البشري على كسر الصندوق والخروج من معضلة التقليد ومحاولة بناء قواعد جديدة لعلها تكون هي الشعلة التي نستطيع تقديمها للأجيال القادمة من بعدنا:
"إِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ"
صدق الله العظيم.
المراجع:
1- هيكل رأس المال للبنوك الإسلامية، المجلة الدولية للتمويل النظري والتطبيقي، سنغافورة 1999
2- الآثار الدينية والاجتماعية والاقتصادية للتأمين الإسلامي، المجلة الدولية للبحوث المالية 2019
3- النظام المالي الإسلامي، معهد البحوث والتدريب الإسلامي، البنك الإسلامي للتنمية 2016
خاص_الفابيتا
بمسطلح = بمصطلح ............خطأ املائي !