صحافة البيانات

30/09/2021 0
ندى الفايز

صحافة البيانات Data journalism تعد اختصار لـ صحافة قواعد البيانات أو صحافة تعتمد على البيانات حيث يجد الصحفيون قصصهم الخبرية أو يضيفون أبعادًا جديدة لها وذلك من خلال قواعد البيانات, وتعتبر صحافة البيانات من ضمن تخصص الصحافة وتعبر عن الدور المتزايد لإستخدام البيانات الرقمية في إنتاج وتوزيع المعلومات, بمعني أخر تعتبر بمثابة مزيج تعاون بين منتجي المحتويات ( الصحفيون ) والعديد من المجالات الأخرى مثل علم الإحصاء وعلوم الحاسب والتصميم .

ونظرا لأهمية الأرقام بالعمل الإعلامي وضرورة القيام بخطوات جمع وتحليل الوقائع في الحياة اليومية لإستنباط مجموعة من القصص الصحفية تكون فيها الأرقام متقدمة على الرأي, تُعتبر صحافة البيانات من ضمن أشكال الصحافة التي تهتم بعمل قصة صحفية عن طريق البحث عن البيانات بالإضافة إلى تحليلها وإصدار تفسيرات ملائمة لها عبر استغلال الكم الضخم من البيانات المنتشرة في كل مكان حولنا, فضلا أنها تقوم على علم الإحصاء والأساليب الكمية من خلال شرح طرق عرض وتفسيرالبيانات باستخدام الرسوم البيانية والجداول والموجزات العددية وغير ذلك الكثير, آما عن أهم نوعيات مصادر تلك البيانات جرت العادة بأن تنقسم مصادر البيانات إلى ثلاثة أنواع رئسية :

- البيانات مفتوحة المصدر:  يمكن لأي شخص الوصول إليها وإعادة استخدامها وإنتاجها على سبيل المثال لا الحصر الإحصائيات الوطنية والتشريعات ونتائج الانتخابات بالغرف التجارية ومجالس البلدية . 

- البيانات مغلقة المصدر:  بيانات محمية داخل المؤسسات ذات الاختصاص، ولا يمكن الوصول إليها إلا بتصريح أو اختراق مثل: البيانات الأمنية والبنوك والقطاع الخاص . 

- البيانات مُشارَكة:  وهي ما بين مفتوحة المصدر ومُغلقة المصدر معا, حيث يمكن مشاركتها مع مجموعة صغيرة من الأشخاص لهدف محدد كالتعديل والإحصاء. 

آما فيما يخص أهم الأدوات والبرامج التي يحتاجها صحفي البيانات, يتطلب عمل  صحفي البيانات في المقام الأول استخلاص البيانات وعلية يحتاج أن يكون على دراية وعلم بالمصادر التي ذكرت أعلاه  للبيانات, ومن ثم يحتاج إلى القدرة على التعامل مع برنامج (Tableau) 

بعدها لتنقيح وتحليل البيانات معتمدًا على بعض البرامج مثل (Google spreadsheet) وكذلك (Microsoft Excel) وحتى تكون البيانات على شكل رسم مرئي وجذاب مما يحقق أقصى استفادة منها لإعداد العرض البصري وذلك عبر استخدام كلا من  (Flourish)  أو (Infogram) ويفضل كذلك أن يستخدم صحفي البيانات بعض المنصات التي تخرج العمل بشكل أفضل مثل (workbench) . 

الأمر الذي يعد بالنسبة لإقتصاديين والإحصائين بمثابة معلومات أولية ومعروفة لديهم, وعلية يمكن القول بأن صحفي البيانات عمله يتشابة مع عمل الإقتصادي والإحصائي الذي يعد من أبرز صفاته أن يكون ملماً بالرياضيات والاحصاء وأيضا معالجة البيانات وجمعها وتحليلها, حيث تهدف صحافة البيانات بالمقام الأول الى تحويل كم هائل ومتناثر من البيانات عبر آلية التعامل معها آليا بطريقة ذكية بعيدا عن الأسلوب التقليدي, هذة وينقسم العاملون في صحافة البيانات إلى ثلاثة مستويات : 

المستوى الأول: صحفي يعمل على بيانات منظمة وله بعض المعرفة بقواعد البيانات والإحصاء. 

المستوى الثاني: صحفي لديه معرفة صحفي المستوى الأول, بالإضافة إلى المعرفة الجيدة بعلوم الكمبيوتر وإنشاء التقارير بمساعدتها والعلوم الإجتماعية. 

المستوى الثالث: صحفي لديه معرفة بما يمتلكه صحفي المستوى الأول والثاني، بالإضافة إلى كونه عالم بيانات ومعرفته الجيدة بعلوم البرمجة. 

آما فيما يتعلق بالمراحل الرئيسية لآليات عمل صحفي البيانات تتضمن مايلي :

١/ وضع مخطط وعناصر قصة صحفية. 

٢/ البحث عن البيانات المُساعِدة للقصة. 

٣/ تنقيح وتحليل البيانات. 

٤/ كتابة المقال والاهتمام بالجانب البصري.

ومن المهم لصحفي البيانات خلق التوازن بين العمل التحريري والتقني. 

الخلاصة التي يمكن إستنتاجها أن صحافة البيانات تعد بحقيقة الأمر عملية آلية سريعة تهدف إلي تحويل كم هائل ومتناثر من البيانات عبر آلية التعامل معها آليا بطريقة ذكية بعيدا عن الأسلوب التقليدي الذي يطلق علية الكلاسكيون المطبخ الصحفي ( مطبخ التحرير ) والتي تم تحويلها آليا وبالتالي أصبحت مواضيع صحفية بصرية تختزل المعلومات ومن ثم تصممها في أشكال ورسوم وبيانية حتى تعرض للقارئ في صورة جذابة بمساعدة تطبيقات الذكاء وبرامج الكمبيوتر عبر جمع وتنظيم أو تحليل تلك البيانات ومن ثم بثها أو نشرها, ويتفاعل معها الجمهور أكثر للاستفادة من العالم الغني بالبيانات، وتُستخدم التكنولوجيا لاستخلاص المعلومات التي يهتم بها الجمهور وليس مهارة استخدام التقنية الحديثة فقط. بينما الصحافة التقليدية فتعتمد على رواية الأشخاص ونقل الخبر بشكل ممتع وشيق للجمهور. 

هذة وبالرجوع الى ما شهدت الصحافة من تمردا على القواعد والمعايير الصحفية المتعارف عليها والخروج عن نطاق السيطرة وعدم التحكم الى الانفتاح المعلوماتي الهائل, من الاهمية إلقاء

الضوء على ما مرت به الصحافة من عدة أشكال منذ البدايات حيث كانت صحافة الأخبار والنقل  تقوم على إعادة النشر وبث مايرسل إليها,كما كانت الصحافة قديمًا عبارة عن نقل خبر مكتوب مع أو بدون صورة للحدث, ومن ثم أصبحت صحافة الرأي والنقد وظهر كتاب الرأي والناقدين بمختلف وجهات النظر ومن بعد ذلك تحولت إلى صحافة الاتصال وانتقل الإعلام من التركيز على الحدث إلى التركيز على بناء علاقة مع الجمهور ومد جسور التواصل مع الجماهير حتي وصلت اليوم الى صحافة البيانات التي تزامنت مع ثورة الانترنت واستخدام الوسائل الذكية التى فرضت تغيرات على مراحل عملية النشر أو الإنتاج الاخباري عبر الخمسة عناصر الرئيسية :

جمع الأخبار والتحقق والتثبت، المعالجة البصرية والتحريرية، النشر، التغذية العكسية .

ختاما ,, الفكرة عموما لا تعد جديدة كليا بل تعود جذورها إلى ما يعرف اليوم بصحافة البيانات إلى القرن التاسع عشر وتحديداً إلى المهندس الاسكتلندي ويليام بلايفر (1759- 1823) الذي كان أول من استخدم الرسم البياني الإحصائي في كتابه «أطلس التجارة والسياسة» الذي نشر عام 1786م, كما كان أول من استخدم الرسم البياني الدائري في كتابه «الأدعية الإحصائية» الذي نشر في لندن عام 1801م وصار أكثر الأشكال الإحصائية شهرة ولم يتغير كثيراً منذ 200 عام.

بعد ذلك بسنوات عديدة ومديدة ظهر برنامج الاكسل  Excel وهو برنامج خدمي من إنتاج شركة Microsoft يتيح للمستخدمين تنظيم وتنسيق وحساب البيانات باستخدام صيغ مختلفة عبر نظام الجداول ويتميز بالقدرة على إجراء العمليات الحسابية الأساسية واستخدام أدوات الرسوم البيانية وإنشاء الجداول المحورية وإنشاء وحدات ماكرو, الى أن وصل اليوم تنظيم البيانات بطريقة جذابة وحديثة آليا عبر برنامج انفوجرافيك Infographic الذي ذاع صيته بعد اعتماد الصحف العالمية الكبري علية وهو عبارة عن مجموعة من الصور والمعلومات أو البيانات التي تظهر في مخطط أو رسم بياني حيث يسهل فهمها من خلال تمثيل مرئي لأي نوع من المعلومات أو البيانات ببساطة بما يوفر نظرة عامة سهلة الفهم .

هامش:

للراغبين بالتدريبات علي طرق استخدام صحافة البيانات يمكن الاستفادة من البرامج التاليه:

- “صحافة البيانات“، وهي سلسلة من الجلسات التدريبية المُقدَمة من “جوجل نيوز إنِشيتف”. 

- “البدء مع صحافة البيانات“، وهي سلسلة فيديوهات تعليمية يُقدمها “أليستير أوتر” على “ميديا هاك” (2017).

- تُقدم أكاديمية “كود” سلسلة من التدريبات التفاعلية المجانية المعنية بأساسيات HTML، وCSS، وچافا سكرِبت، وبايثون، وروبي، وPHP.

- يُقدم معهد “ماسوشوستس” للتكنولوچيا سلسلة من الدورات التدريبية المتاحة مجانًا على الإنترنت، والمتخصصة في برمجة الحاسب  باستخدام بايثون وجافا و++C.

 

 

خاص-ألفابيتا