تشرق شمس كل يوم على وطننا العظيم، وقد حصد أبناؤه وبناته منجزا جديدا في سلم النهضة بوطنهم، ولا تغرب تلك الشمس حتى يولد مزيد من الطموحات والآمال نحو قمم جديدة للمجد والإنجاز، لا يقف أمام توقهم الشديد لأجل الوصول إليها أي عائق، يرون ثقة بالله ثم بأنفسهم أنهم قادرون على إتمامه وتحقيقه بتوفيق الله جل جلاله، يشجعهم في ذلك المضمار التنافسي، التقدم المتسارع الذي بدأت تشهده بيئة الأعمال المحلية منذ انطلاق رؤية المملكة 2030 حتى تاريخه، وسيستمر تسارع وتيرة تطورها - بإذن الله تعالى - إلى ذلك التاريخ، حتى ما بعده من عقود زمنية مجيدة من عمر هذا الوطن العظيم.
نحتفي جميعا في بلادنا بعيدها الوطني المجيد الـ 91، وقد اجتزنا تحديات تنموية عديدة، مثل الإصلاح الاقتصادي جوهر جهودها الدؤوبة دون كلل أو ملل، ولم تتجاوز الآثار العكسية التي نتجت عن تفشي الجائحة العالمية لكوفيد - 19 إلا محطة اختبار مرحلية لما تم إنجازه طوال رحلة الإصلاح والتطوير الواسعة التي شهدها الاقتصاد الوطني منذ منتصف 2016، وفي الوقت ذاته دافع جديد للمضي قدما في طريق الوصول إلى المستقبل المنشود، وطموحات الإنجاز لم ولن تتوقف عند ما تحقق إلى اليوم، بل ما زالت للمجد بقية، وما زالت لطموحات الإنسان السعودي؛ ذكرا كان أو أنثى، قوائم طويلة من الآمال والتطلعات، التي تفوق سقف كثير من التوقعات بلغة أرقام العالم المعاصر اليوم.
كما أن الله - جلت قدرته - وهب هذه البلاد الغالية وحباها بكثير من الخيرات والنعم التي لا حصر لها، فقد وهبها أيضا قيادة رشيدة وضعت بعد ثقتها برب العزة والجلال، ثقتها أيضا بأبناء وبنات هذا الوطن الخير المعطاء، ودأبت في جميع البرامج والمبادرات التنموية التي لم يتوقف قطارها الإصلاحي والتطويري منذ أكثر من خمسة أعوام، على أن تضع المواطن في صدر تلك البرامج والمبادرات التنموية، ومنحته الثقة الكاملة بأنه الأكثر أهلية لتنفيذها وتولي مهام تحقيقها على أرض الواقع، وهو ما مثل جوهر الطاقة اللازمة والأقوى لتقدم قطار ترجمة تلك المبادرات واقعا، وتحولها فترة بعد فترة إلى حقائق ومنجزات لفتت اهتمام المجتمع الدولي، وما النجاح اللافت الذي تحقق للمملكة إبان توليها قيادة مجموعة العشرين في العام الماضي، إلا أحد الشواهد الدولية على نجاح مسيرة الإصلاح والتطوير التي شهدتها بلادنا بحمد الله.
يحتل الإنسان مكانة فريدة في بلاد كبلادنا، تشكل الشرائح الشابة والفتية من المجتمع فيها نحو ثلاثة أرباع السكان، وهو ما يفسر إلى حد بعيد تركز أغلب الإصلاحات وبرامج التطوير على هذا الجانب المجتمعي والمحوري أكثر من غيره، وأن الإنسان السعودي بفضل ما أصبح متوافرا لديه من مؤهلات تعليمية رفيعة، وخبرات عملية متراكمة ومتنوعة، لا بد من فتح أوسع أبواب التمكين التنموي أمامه، والعمل على تسخير كل الإمكانات المتوافرة لأجل منحه مزيدا من فرص المشاركة والمساهمة في تنمية مقدرات وطنه، والارتقاء بها إلى مستويات أعلى من كل ما تم الوصول إليه طوال العقود الزمنية الطويلة الماضية، وما البرنامج الذي أقره ولي العهد الأمين - حفظه الله - أخيرا المتمثل في برنامج تنمية القدرات البشرية، إلا تأكيد جديد على جدية هذا التوجه التنموي العملاق، وأن الإنسان السعودي يوما بعد يوم، ومرحلة بعد مرحلة، يتم العمل وبذل الجهود اللازمة وبصورة دؤوبة على فتح جميع قنوات زيادة مساهمته ومشاركته في البناء والتطوير والتقدم، وأنه الأول من حيث الثقة والتمكين اللازمين في نظر قيادته الرشيدة.
الرسالة اليوم إلى الشرائح الشابة والفتية تحديدا، أن يتذكر كل فرد منهم المبادئ الراسخة التي قامت عليها بلادنا منذ تأسيسها، وحملها جيل المؤسسين على عواتقهم لحظة بلحظة، وأنها انطلقت رغم كل مظاهر العدم والجوع والخوف التي أحاطت بهم من كل صوب، أؤكد أنها انطلقت من التمسك القوي بالدين الإسلامي العظيم، والاقتداء بهدي رسول الرحمة - صلى الله عليه وسلم - إلى العالمين، ورغم كل تلك المصاعب والتحديات التي مرت بهم، لم يثنهم أي منها عن التخلي عن طموح تحقيق وحدة البلاد والعباد، والتمسك الصادق والحقيقي بتعاليم الدين السمحة، وأنها رأس المال الحقيقي لإنسان هذه البلاد العظيمة، وهي الوقود الذي به أنارت أرجاء العالم عدلا وسماحة وتقدما وحضارة، وهي أيضا الوقود ذاته الذي هم بحاجة إليه اليوم وغدا، الذي باقترانه مع التمكين القائم لأجلهم سيمكنهم الارتقاء في سلم الطموحات والإنجازات المتتالية مرحلة بعد مرحلة، والوصول - بمشيئة الله تعالى - إلى مستهدفات رؤية المملكة 2030، وتجاوزها فيما بعد ذلك التاريخ، استمرارا لجهود التنمية والتطوير والإصلاح وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني على المستوى الدولي.
ختاما: في هذه المناسبة الوطنية الغالية باليوم الوطني، فإن من أكبر نعم الله التي لا تعد ولا تحصى على بلادنا الغالية، أن حفظ لها أمنها واستقرارها في خضم كثير من الاضطرابات والتقلبات المحيطة إقليميا ودوليا، ورغم كل ذلك لم تتأخر المملكة وقيادتها الرشيدة في يوم من الأيام عن مد يد العون والدعم لأشقائها وأصدقائها من حولها، سعيا منها إلى إعادة وترسيخ الأمن والاستقرار والسلام في الدول الشقيقة والصديقة على حد سواء، وهو الدور المسؤول الذي ما فتئت قيادة بلادنا - حفظهم الله - منذ التأسيس عن المبادرة به دائما وأبدا لأجل إرساء السلام والتقدم في جميع أنحاء العالم.
نقلا عن الاقتصادية