ذكرت هيئة الاحصاءات العامة أن البطالة سجلت انخفاض من 12.8 إلى 12.7%، في علاقة بهذا الشأن ذكر سمو ولي العهد الامير محمد بن سلمان حفظه الله و سهل خطاه في آخر حديث تلفزيوني بما فحاوه ان هناك نوعان من الوظائف، نوع مقبول الدخل و نوع قليل الدخل، وهذا مؤشر على وعي قيادي بطبيعة البطالة. اصبحت البطالة عنيدة واستمرت عند هذا الرقم أو قريبة منه لفترة طويلة بالرغم من التذبذب في النمو و اسعار النفط، و لذلك اصبح هناك مستوى من البطالة اقرب الى الهيكلية منه للدورية. البطالة الهيكلية تفسر الصعوبة في محاولات تخفيضها من قبل الجهات ذات العلاقة و هي كثيرة. الكثير من الدول تعاني منها لأنها تجمع بين الواقع الاني و الهيكلي في عالم متغير، التشخيص الصحيح ربما يدلنا على خارطة طريق للخروج من نفق البطالة الطويل. يصنف الاقتصاديون عادة البطالة بأنها دورية أو هيكلية. الدورية تخضع عادة للدورة الاقتصادية ، والهيكلية و التي هي الأصعب حين تكون طبيعة الاقتصاد ليست في تجانس مع السياسةالبشرية(طبيعة اهم النشاطات الاقتصادية و الاستقدام و سياسة العمل و التعليم) ما يجعل هناك مقاومة عنيدة لخفض البطالة. و لكن الأمور دائما أصعب من هذا التصنيف لأن الدورة الاقتصادية تعتمد نظريا على أسعار النفط و لكننا نحاول بموضوعية مفهومة الحد من حدة الدورة من خلال الآليات المالية المتوفرة ، الحد من الدورة أو على الأقل تخفيض حدتها يجعل الاقتصاد يدور في التحدي الهيكلي غالبا على حساب مرونة الدوري. لذلك يصبح تحدي البطالة في غالبه الواضح هيكلي. انقسام الاجور و عدم تدرجها يدل على الطبيعة الهيكلية.
التحدي الهيكلي يركز الاذهان على السياسة البشرية و التي تختلف عن السياسة العمالية و إن كان هناك تطابق في بعض النواحي، البشرية تشمل أنظمة الاستقدام وسهولة حصول الوافد نسبيا على عمل و احيانا حتى وسيط و التعليم و الرسائل الظاهره و الضمنية في الأجهزة العامة و المجتمع. طبيعة المرحلة تتطلب وافد ولكن توفر الوافد يعوق الاستبدال و حتى الاستثمار في الإلات و التقنية. السهولة التي تعود عليها الجميع بالاستعانة بالوافد و يرى أن الحد منها يضر الاقتصاد و هذا صحيح جزئيا على حساب نظره شمولية للاقتصاد بما ذلك التكوين المهاري و المعرفي في المجتمع و الدولة. كذلك تشمل التعليم و هياكله و دوره المحوري في السياسة البشرية اذ أن هناك مقاومة مشتركة لا تساعد في اعادة هيكلة التعليم ليكون في وفاق مع اقتصاد تنافسي. و أخيرا هناك شق عمالي تنظيمي يلتقي في حاجة المملكة الواقعية للاستقدام الذي ينسجم مع الرغبة في تأسيس اقتصاد حديث و دور فاعل مباشر للمواطن. الجمع بين دور المواطن و الرغبة الانية في البناء محفوف بالاحتكاكات التي تجر أحيانا لأنظمة لا تخدم الاقتصاد أو المواطن في المدى البعيد لذلك تجد ان هناك خلل مزمن في الرسوم و التوطين بالرغم من طول التجربة، اذ لا يمكن التنازل عن دور المواطن حتى لو تم إعادة جدولة بعض المشاريع، و احيانا العكس ما يدل على مدى صعوبة الخيارات. كذلك من الناحية البشرية هناك جانب ترتيبي و معنوي يتضح في بعض نواحي الأجر العالي المقدم للبعض، فهناك ظاهره حديثة بدفع رواتب عالية لعدد لاباس به دون مردود اقتصادي يمكن الدفاع عنه او تجانس مع تكاليف القطاع الخاص او حتى العام ما يعمق الجوانب الهيكلية. لهذه الاجور العالية الجديدة في القطاع العام دور في الرسائل التي تشكل تصرفات الناس و الشركات. بل ان هذه من اسباب و اعراض التحدي الهيكلي. فمثلا هناك العديد في الأجهزة البيروقراطية يحصلون على دخل لا يتناسب مع تعليمهم الاكاديمي و لا تجاربهم العملية ما يعطي رسائل غير اقتصادية للكثير. كذلك هناك نقص في التركيز على بعض المهن الاساسية مثل المهندسين و الممرضين والفنيين لصالح استشاريين و طبقة ادارية أحيانا غير محددة الادوار و المهام بدقة، وظائف اغلبها ليست ذات تعليم اكاديمي مميز وليست أساسية للتقدم المعرفي و المهاري للدفع بالاقتصاد الى مراحل اكثر تقدم و تنافس. بل إن بعض الاجور فيها تجعل التفاعل العملي بين القطاع الخاص و العام اقل.
البطالة الهيكلية تحتاج حلول هيكلية مرادفة اقتصاديا. الاشكالية في المسائل الهيكلية أن الحلول طويلة الاجل و يصعب قياسها و تتطلب درجة عالية من التنسيق وكفاءة تكنوقراطية و حتى قبول اجتماعي عريض بينما اغلب الناس و خاصة طالبي العمل يرغبون في حلول عامة سريعة غير اقتصادية من زاوية المصلحة العامة الاقتصادية في المدى البعيد. من الجانب الأخر لابد من التعامل مع التحديات الهيكلية لأن لها طابع تراكمي لا يمكن التنبؤ بنتائجه. غالبا أطول الطرق و هو اقصرها! .الاحرى ان وزارات الاقتصاد ( الفكرية و السياسات العامة) و الموارد البشرية ( المعلومات و التجارب و التقريب ) و المالية( اعادة هيكلة التكاليف في الحكومة)و التعليم ( تغيير هيكل التعليم ليقترب من تجانس اكثر مع حالة و متطلبات الاقتصاد). ليس لدي حلول معلبة لمسائل هيكلية و لكن حاولت فقط توضيح طبيعة التحدي والتعريف بمكامن التحدي و المخاطر و فرزها و مدى ترابطها. ربما حان الوقت للتفكير في الاقتصاد التنموي من ناحية بشرية أولا و مادية ثانيا بعد ما جربنا تقديم المادي على البشري.
كلام سليم ...طبيعة البطالة لدينا هيكلية ....وتحتاج إلى حلول طويلة الامد لانها تشكلت خلال عقود من الادمان على العمالة الرخيصة ....ويبدو لي ان تحويل موظفي الدولة إلى عقود بهدف السيطرة على عجز الميزانية وخفض عجز ميزان المدفوعات وايضا تخفيف الفروقات بين القطاعين العام والخاص ........الاسباب التي سقتها في مقالك في معظمها وجيهه لكن هناك سبب لا عتقد في واجهته اطلاقا الا وهو سبب التعليم . لقد مكثت في مقعد الدراسة فترة 26 سنة منها 17 سنة في السعودية انتهت بتخرجي من هندسة الملك سعود ....ومن بعدها اكمال درجتي الماجستير والدكتوراة في الولايات المتحدة في احد الجامعات المتميزة ..........واستطيع القول بان الفوارق بين التعليم في السعودية وامريكا ليس بذلك الفارق الشاسع كما يحلو للبعض ذكره .....الفرق بيننا وبينهم هو ان ماتحصل عليه لديهم يتناسب بشكل او اخر مع ادائك الوظيفي وقدراتك لذلك اوقدوا حمى المنافسة في سوق العمل مما دفعوا الجميع للعمل الجاد والتحصيل الجاد للحصول على مايريدونه ....................اما في وطننا العزيز فالوضع يعتمد بشكل كبير على الاسباب غير المهنية مثل ( الواسطة والمعارف ) وما إلى ذلك مما اعدم المنافسة تماما ........اذا لديك واسطة فالباقي تفاصيل ليس إلا .........اما اذا لم يكن لديك الواسطة فلاعزاء لك .......لذلك قضينا على الاجتهاد لان معظم الناس بما فيهم الصغار يؤمنون بان اجتهادهم لن يفضي إلى شيء !!......وكثير من الطلاب سواء في الجامعة او حتى في سنين مبكرة يقولون لك ذلك ........عندما كنت بالثانوية قبل عقود لم يكن لدينا هذه الذهنية ابدا وكانت المحسوبية في نطاق ضيق ولا تقارن باستشرائها الان خصوصا وان مستويات الشفافية في شغل الوظائف لدى القطاع العام وشركاته ( ارامكو ...الكهرب ، سابك ....) وغيره يكاد يكون معدوم .......وانت تعرف ماهي مؤهلات من يتسنم الشركات في سابك وامثالها وانهم من طيف واحد خصوصا في قمة الهرم !!!........سابك منذ تاسيسها رؤسها إلى الان من منطقة واحدة مما دعا ابو حمد للهروب منها كما يقال ............والله اعلم .
شكرا لك على المداخلة ، لا أعتقد أنم هناك مبالغة في دور الواسطة كسبب رئيسي لان الغالبية يتم توظيهم في القطاع العام. كما ذكرت التعليم بدرجة من التفصيل في الاسباب و الحلول.
المقصد ان هناك مبالغة في دور الوساطة ،
استاذ فواز بالنسبه لمعضلة الوظائف في القطاع الحكومي والاداء والانتاجيه فهي ربما ستنتهي مع ( التخصيص ) بالاضافه الى ان التوظيف بالقطاع الحكومي شبه متوقف منذ زمن الا في نطاق ضيق وفي وزارات قليله ويبدو ان توجه الدوله ايدها الله هو ان تجعل القطاع الخاص يتحمل الجزء الاكبر من التوظيف او بالاحرى ان يتحمل التوظيف بالكامل ...لكن هذا القطاع الخاص ونقولها بكل صراحه محتل منذ انشائه من الوافدين ( هم من انشأه وهيكله من ناحية الوظائف والرواتب ) منذ الخمسينات من القرن الماضي ! ....و دخول السعوديين لهذا القطاع كان في وقت متأخر جدا وفي وظائف غالبا هامشيه ... وبعد ان بدأت وزارة العمل بسن التشريعات والانظمه والضغط على هذا القطاع لتوظيف السعوديين بدأت مع الاسف بدون استراتيجيه واضحه للتوظيف ...كان الهم هو توظيف السعوديين كيفما اتفق وبأي وظيفه المهم ان يتم توظيف سعودي ...كان التركيز على الكم وليس الكيف !!...السلم دائما يتم تنظيفه من اعلى ولكن وزارة العمل سابقا ( وزارة الموارد البشريه حاليا ) ارتأت ان يتم تنظيفه من اسفل !!......مع الاسف .
القرار الاساسي حكومي تخصيص او دون تخصيص. التخصيص بحد ذاته ممكن يساعد او يضر بالتوظيف طبقا لأنظمة حماية المواطن من الوافد.
يبدو ان كلامي غير واضح لك !..مشكلة القطاع الحكومي هو تضخم الكادر وضعف الاداء والانتاجيه ... فبالتخصيص مؤكد ان كلا المشكلتين سوف تحل باذن الله .... انا اتحدث عن القطاع الخاص ( التجاري ) الذي يعده الوافد جزءا من ممتلكاته !!...هذا القطاع معضله حقيقيه بناءا على ماذكرت من تاريخ هذا القطاع ...والله اعلى واعلم ...
مؤشرات البطالة لدينا خاطئة حيث أن الوظائف المهنية والحرفية والتى تشكل 80% من سوق العمل فى القطاع الخاص تدخل فى هذا التقييم رغم أن السعودى لا يقبل العمل فى هذه الوظائف !!! إنتبهوا ياقوم !
اتفق معك ان اسلوب القياس يحتاج مراجعه بما في ذلك تعريف البطالة ، و لكن لا يمكن مراجعه كل شي في عمود واحد . و المسائل الاقتصادية عادة تبدا بما يسميه الاقتصاديون الحالة السائده، initial conditions