الجرائم الإدارية ... إلى أين ؟!

07/09/2021 0
ندى الفايز

أنتجت رؤية المملكة 2030م حراكا تنمويا طموحا غير مسبوق وعليه تعمل الجهات الحكومية بأقصى فاعلية وتسابق عجلة الزمن للارتقاء بمستوى الإنتاجية ورفع مستوى كفاءة خدماتها وفق أعلى معايير مؤشرات الأداء بالقطاعين الحكومي والخاص وحتى الثالث غير الربحي, وعلية يعد من الأهمية مراقبة أداء ذات الأجهزة الحكومية لنفسها عبر مايعرف بالرقابة الداخلية (الذاتيّة) سواء من أسفل لأعلى ( bottom-up )  أو من أعلى لأسفل ( Top-down ) وذلك بنفس الكفاءة والإتقان عند مراقبة مجريات العمل والتنفيذ  بمختلف مستويات الهيكل التنظيمي, خاصة بعد صدور توجيهات كريمة بترسيخ النزاهة ومكافحة الفساد بكل الأجهزة, خاصة فيما يتعلق بالخدمات والمشروعات التنموية ومطالب الناس سواء من الصحية أو التعلمية وغيرها من الإحتياجات التنموية والإجتماعية.

وعلية من الأهمية تفعيل عمل إدارة الرقابة وإدارة إنفاذ القانون على مستوى كل جهاز حكومي حتى تسيران جنبا إلى جنب معا بهدف ترسيخ هيبة القانون والعدالة وأن تظل لأنظمة والأحكام والقرارات قيمة وأن لا يوجد فراغ إداري أو فراغ رقابي بالأجهزة الحكومية خاصة التي تتعامل مع جمهور المراجعين وذلك بهدف ترسيخ مبداء سيادة القانون بالمجتمع والمحافظة على هيبة النظام العام بالأذهان وحتى لا يسمح للفساد بالبداء بالانتشار وأن لا يكون أمرا إعتياديا من ضمن ثقافة المجتمع, مع التنوية بأن الفساد لا يعتمد على وظيفة معيّنة بل على طبيعة الشخص ذاته ومن ضمن ما يستدل به على سبيل المثال لا الحصر : التقصير والتأخير في العمل أو عدم إنجاز المعاملات عبر تأجيل العمل بها أو حفظها دون مباشره والأخطر من ذلك كله تغير حالة القضايا عبر العبث بسياق الأحداث وطمس الحقائق, وعليه يجب تطبيق عقوبات قانونيّة صارمة ومشددة بهدف تنفيذ الردع الفوري لمثل تلك الممارسات وحتى لا يتأصل الفساد بالمجتمع لا قدر الله .

كما من الضروري منذ بداية تعين الموظفين أن يتم إستقطاب من يمتلك المقومات والمؤهلات التى تتناسب  مع طبيعة ونوعية العمل, وبحديث متصل وبالوقت الذي يعاني فيه خريجين أقسام القانون من قلة فرص العمل وعدم توفر الوظائف وهم المتمرسين بقراءات المذكرات القانونية وإعداد الرد عليها وكذلك المتابعة, يوجد من يشغل وظائف تتطلب وبشدة خلفيات قانونية عميقة ومع ذلك تشغل من قبل من لا يمتلكون تلك المؤهلات وعلية يعطي الموظف إنطباع غير إيجابي عن الجهة التي يعمل فيها !!

ناهيك عن سهولة إستغفالة وتمرير التجاوزات من خلاله!! أضف إلى ذلك تدني الأداء وإنعدام  الكفاة !! مما ينتج عن ذلك تعطيل المعاملات أو إنحراف المعالجات عن المسار الصحيح الأمر الذي من شأنه المساس بالعدالة وبذلك تتعطل بل تضيع معاملات وحقوق العديد من المراجعين خاصة بإدارات الشكاوي والإلتزام والرقابة التى أحيانا لا تقوم بما يتطلبه صميم عملها من معالجة وإنفاذ فورى ناهيك عن الطلب من المراجعين بالتوجه للمحاكم أو الشرطة وعدم قيام ذات الجهاز المختص بالمعالجة !!

مسألة إنفاذ القرارات على الأشخاص ممن أصدرت إليهم أو ضدهم السلطة أو عدة سلطات سواء كان ذلك أمرا أو قرارًا صادر من محاكم القضاء مباشرة أو حتى من اللجان القانونية أو من مأموري الضبط القضائي التابعين للجهات الحكومية, يتعين أن يتزامن مع قيام إدارة الرقابة والإنفاذ بكل جهاز  بممارسة مهامها بفاعلية للحد من إرتفاع نسبة المخالفات والتجاوزات خاصة وأن من أمن العقوبة من المتوقع أن يسئ الأدب, لكن بعض الموظفين يعطلون الإنقاذ الجبري لأنظمة القانونية التي تقع ضمن نطاق عملهم !! 

ولأسف الشديد هناك من يلمح بطريقة مبطنة أن في مجرد إنفاذ النظام خدمة وعمل معروف !! ولسان حاله مثلما يطلب " ما يدهن به سيرهم " حتى يسير ويمضي بالإنجاز والتنفيذ !! أو يتم حفظ المعاملة أو كما يقال باللهجة المحكية " يدفنون المعاملة " وإذا المراجع حاول إعادة فتح أو تحريك المعاملة من جديد يقمون بتغير لمجريات وسياق الأحداث ومن ثم يتم عمل مخارج قانونية محكمة للتنصل من مسؤلية مايقع ضمن صميم عملهم وحدهم, وهنا تبرز خطورة التفرد وإحتكار الصلاحيات لدي موظف إحادي لا يملك حتى إدني مقومات أو مؤهلات الوظيفه !! وضعف الرقابة والتفتيش الدوري على سير العمل من حين لأخر !!

 يوجد حسب الأنظمة موظفون بعدة قطاعات حكوميه لديهم صلاحية مايعرف بالضبطية القضائية وآخرون لهم صفة التفتيش ومتى منح الموظف صلاحية الضبطية  القضائية أصبح له الحق في التحقيق وإيقاع العقوبة على المخالفين وذلك بحسب  الصادر من مقام مجلس الوزراء الموقر :- أن يتولى موظفون من وزارة الصحة ووزارة الشؤون البلدية والقروية، والهيئة العامة للغذاء والدواء , ووزارة الطاقة يصدر بتعيينهم قرار من الوزير بعد موافقة جهاتهم سواء مجتمعين أو منفردين , ضبط مخالفات أحكام هذا النظام وإثباتها، ويعدون من مأموري الضبط القضائي، ويكونون تحت مسؤولية وإشراف وزارة التجارة.

‏ولإحاطة كلا من وزارة الشؤون البلدية والقروية, هيئة الغذاء والدواء,وزارة الطاقة,وزارة التجارة, وزارة الصحة يملكون صلاحية الضبط والإنفاذ القضائي دون الرجوع إلى المحاكم التي بدورها لا تقبل حتى النظر بالدعاوى التي تخص تلك الجهات نظرا لوجود أنظمة صادرة من مجلس الوزراء واجبت النفاذ الجبري بالحق العام والحق الخاص من قبل تلك الجهات التى يقع على عاتقها وحدها مسؤلية التنفيذ أو أغلاق وسحب رخص المخالفين .

‏ومما أسترعي إنتباهكم إليه - هنا - خطورة التجاوز أو حتى الإلتفاف علي أنظمة الدولة سواء عبر منع تطبيق أو تخفيف آليات القوانين وعلية عند منح وزير البلدية صلاحية التنبية بالمرة الأولى قبل إيقاع العقوبات, صدر بذلك القرار من مقام مجلس الوزراء الموقر بشأن ذلك ووفق شروط أهمها أن لا تكون تلك المخالفات مما يستوجب الإيقاف أو تمس الحق الخاص .

ومن المفارقات هنا أن وزارة البلدية يشتكي البعض من حين لأخر شدة المراقبة الدائمة وسرعة تحرير المخالفات وإيقاع العقوبات وللتخفيف علي المواطن تم منح "البلدية" صلاحية إصدار تنبيه أولي وفق شروط قبل فرض العقوبات وبالمقابل المواطنين يشتكون إلى حد الإستغاثه من ضعف الرقابة والفراغ الحاصل وغير مسبوق بوزارة الصحة التي لا تخفي كتابة هذه السطور صدمتها من جراء تعامل سابق ومعاينة العديد من الحالات على أرض الواقع.

وبالعودة للحديث عن مأموري الضبط القضائي بالأجهزة حكومية سواء مجتمعين أو منفردين حيث يتمتعون بصلاحيات تعد نافذة بقوة القانون منها التنفيذ الجبري للعقوبة ضد الجهة أو الأشخاص  المخلفين وعلية بحسب الأنظمة آما الإنقاذ (أو) أغلاق الموقع بالكامل أو سحب التراخيص, لكن هناك من يعطل أو حتى يمنع سير مجريات المعاملات ويحيل دون وصولها لإدارات المختصه وإن وصلت قد يتعمد الإمتناع عن معالجة القضايا وإيقاع العقوبات, من جهة أخرى وثيقة الصِّلة بالموضوع يجب معالجة ثغرة إحتكار الصلاحيات والتفرد بها من جانب إحادي عبر إعطاء ومنح صلاحيات مشتركة مع أجهزة حكومية أخرى لمنع الإنفراد أو إحتكار الصلاحيات وبالأخص فيما يتعلق بعمل الإدارات التاليه:-الشكوى والبلاغات, إدارة التفتيش والضبط, وإدارة قضايا, إدارة قانونية, إدارة الرقابة .

كما يجدر التفريق - هنا- بين جهاز إنفاذ القانون ( و) جهاز الشرطة وذلك لأهمية التمييز بينهما, في حين قد يكون هناك إغراء للاعتقاد بأن المفهومين هما نفس المعني الواحد لكن في حقيقة الأمر هناك اختلاف, رغم استخدام مصطلحات إنفاذ القانون والشرطة بالتبادل على الرغم من أن المفهومين قد يبدوان متماثلان دون تمييز حيث يعتبر إنفاذ القانون بمثابة ردت فعل للمخالفة دون النظر في الأسباب والدوافع بخلاف الشرطة التي تدل على المنهج الشمولي حيث يتم البحث والتحري حتى حول دوافع الجريمة والأطراف المحرضة عليها بصورة أشمل وأعمق عند مباشرة ومعالجة القضايا .

ختاما ..  وللحد من إرتفاع مستوى الجرائم الإداريه ‬يتوجب تفعيل لائحة العقوبات التأديبية ضد موظفي الأجهزة الحكومية المفرطين في أداء عملهم عبر تطبيق الغرامات الماليه والجزائية أو حتى الفصل من الخدمة العامه إذا تتطلب الأمر ذلك, مع التأكيد على أن الغرض من تلك الجزاءات هو رفع معدلات الامتثال للأنظمة واللوائح وما في حكمها لدى كافة الأطراف ويأتي بمقدماتها الموظف الحكومي المفرط في أداء عمله.

 

خاص_الفابيتا