مراجعة التشريعات التجارية والأنظمة وتحديثها بما يتوافق مع المتغيرات العالمية ومتطلبات مرحلة التحول الاقتصادي وبناء المؤسسات وفق رؤية حديثة محققة للكفاءة والإنتاجية من الأمور الرئيسة التي اهتمت بها الحكومة. «نظام الغرف التجارية» من بين الأنظمة المهمة التي تمت مراجعتها مؤخرًا؛ إذ اعتمد معالي وزير التجارة الدكتور ماجد القصبي اللائحة التنفيذية الجديدة والتي تضمنت تعديلات جوهرية تهدف لتحقيق الكفاءة والاستفادة من البنى التحتية الرقمية المحققة لجودة المخرجات وتيسير المعاملات وتعزيز الرقابة، إضافة إلى تحديد رسوم الاشتراكات وفرض اعفاءات جديدة لدعم رواد الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة.
تعاني المنشآت الصغيرة والمتوسطة من تحدي التكاليف المؤثرة سلبًا على ربحيتها وإستدامتها، وبخاصة في السنوات الخمس الأولى من إنشائها، ما حَمِلَ الحكومة على سن تشريعات داعمة لها، وتقديم الدعم اللازم لمواصلة أنشطتها وضمان بقائها في السوق، تحقيقا للأهداف الإستراتيجية التي تضمنتها رؤية 2030. كما حرصت الحكومة على التعامل مع المتغيرات الاقتصادية الطارئة للحد من الانعكاسات السلبية على القطاع، ولحماية المنشآت وتوفير حزم الدعم اللازمة لها، كما حدث خلال جائحة كورونا التي كشفت عن جهود حكومية متميزة لحماية الاقتصاد عمومًا والمنشآت الصغيرة والمتوسطة على وجه الخصوص. ومن خلال الرؤية الإستراتيجية الحكومية أطلقت وزارة التجارة عدد من برامج الدعم الموجهة لرواد الأعمال و للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، بما فيها إعفاءت من رسوم حكومية ثقيلة، وتقديم حزم تحفيزية لتعزيز دورها في الاقتصاد، ورفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي.
الأكيد أن تحفيز المنشآت الصغيرة لا يمكن تحقيقه من خلال قرار أحادي، بقدر حاجته إلى منظومة دعم متكاملة تأخذ في الاعتبار جميع التحديات، ومدخلات التكاليف الحكومية المتضمنة الرسوم بأنواعها، ما يتطلب جهود مكثفة للإحاطة بها أولاً، ثم الشروع في معالجتها، وهذا ما تقوم به وزارة التجارة بكفاءة.
إعفاء الراغبين في إصدار سجل تجاري جديد من المقابل المالي للاشتراك في الغرف التجارية لثلاثة أعوام، إضافة إلى التخفيض الذي تصل نسبته 96 % للعامين التاليين، من القرارات المهمة الداعمة لدعم رواد الأعمال والمنشآت، وخصوصًا الصغيرة والمتوسطة منها، حيث يوفر قرار الإعفاء على القطاع الخاص مبالغ مالية كبيرة ويقلل تكلفة بدء العمل التجاري الذي يعد من التحديات.
ومن معوقات النمو وتنوع أنشطة رواد الأعمال، فرض اشتراك جديد لكل فرع من فروع المنشأة، دون أن تكون هناك حاجة فعلية لذلك، غير تحصيل الرسوم من المشتركين. إلغاء تعدد الاشتراكات في الغرفة الواحدة مهما كان عدد الفروع، من إيجابيات اللائحة التنفيذية الجديدة، ومن أدوات الدعم المباشر للمنشآت عمومًا، كما أنه يعيد تشكيل العلاقة بين الغرفة ومشتركيها وفق منهجية داعمة للنمو وتعدد الأنشطة، بدل التركيز على جباية الرسوم.
الاستفادة من وسائل التقنية الحديثة في الانتخابات والتصويت قد تسهم في تفعيل دور المشتركين الذين يتقاعسون عن الإدلاء بأصواتهم بسبب المشقة والازدحام، كما إنها توفر آلية تقنية آمنة وسريعة ومتوافقة مع التحول الرقمي الذي تسعى الحكومة لترسيخه في جميع القطاعات. التصويت للمجموعات يمكن أن يأتي بفريق عمل متجانس لمجلس الإدارة وهذا سيعزز من كفاءة مخرجات الغرف متى ما استثمر الاستثمار الأمثل القائم على الكفاءة والمعرفة والخبرات التجارية والاقتصادية.
ومن المهم الإشارة إلى إقرار اللائحة لضوابط حوكمة الغرف التجارية، وهو ما كان شبه غائبًا من قبل، وإن إدعت الغرف تحقيقه. تعزيز الشفافية، خاصة في الجوانب المالية أمر غاية في الأهمية، كما أن وضع آليات قياس سيسهم في تحسين الأداء وتقويم الأخطاء وتحقيق الكفاءة المنشودة.
أختم بالإشارة إلى أهمية اختيار المعينين في مجالس الإدارة، وانعكاس ذلك على أداء الغرف من جهه، وتحقيق عدالة التعيين وفق توزيع جغرافي يأخذ في الاعتبار حقوق الفروع التابعة للغرفة الرئيسة، في وجود من يمثلها في المجلس، من جهة أخرى.
نقلا عن الجزيرة