عن فاعلية الإقتصاد الإسلامي نتحدث

15/08/2021 0
عادل عبدالكريم

بدأت المؤسسات التي تقدم الخدمات المالية الإسلامية في الظهور في الستينيات الميلادية من القرن العشرين، ولكن بدأت الحركة الحقيقية للمصارف الإسلامية و التمويل الإسلامي مع تأسيس بنك توفير ميت غمر بمصر وبنك دبي الإسلامي بالامارات العربية المتحدة و بنك التنمية الإسلامي في المملكة العربية السعودية بجدة عام 1975م.

في خضم عملية التطور، كان النموذج النظري الأول والوحيد هوا المضاربة ثم تطورت بعد ذلك لنموذج متنوع يسمح للمؤسسات المالية الإسلامية باستخدام منتجات مثل التداول و الإجارة لتحقيق أرباح، ولتمرير جزء من الأرباح للمستثمرين أيضا.

ثم تبعت هذه النهضة المالية الوليدة بعد ذلك، مؤسسات تقدم خدمات التكافل حيث بدأت في الظهور في عام 1979م كبديل لنظام التأمين التقليدي.

ولحوالي نصف قرن، كانت أهم أهداف السياسات الاقتصادية هي تحفيز النمو كجزء من السعي لتقديم نموذج رعاية إجتماعية عادلة، حيث تشكل هذه الرعاية بدورها ابسط النظم للرفاهية الاجتماعية.

ومن الجدير بالملاحظة بأن تزايد حالات عدم المساواة، القى بظلاله على فعالية المؤشرات المستخدمة لقياس النمو، حيث ان النمو كمؤشر أصبح لا يُعتمد عليه لقياس مدة التطور الاجتماعي و الاقتصادي نتيجة حالات تشوه التنمية الحاصلة. 

وبالرغم من ان معدلات النمو في اجزاء عديدة من العالم شهدت ارتفاعات حادة في بعض الاحيان، إلا ان الكثير من افراد هذه المجتمعات ما زالُ يفتقدون للوظائف، التغذية الجيدة و المعاملة العادلة بسبب غياب التحكم او الاشراف المركزي في قوى العرض والطلب للأسواق.

تجدر الاشارة بأن النماذج الاقتصادية ذات المستويات الثابتة للنمو و ما يعرف أيضا بنظرية "الانسياب للأسفل أو الاقتصاد المتدرج" (trickle-down theory) أظهرا بما لايدع مجالاً للشك قدرتهما على رفع حالات عدم المساواة في توزيع الموارد وذلك عن طريق تسريع نمو الجهات و الأفراد الأقوى والأغنى في المجتمع، والإبتعاد وترك الجهات الأكثر عددا والأكثر احتياجا في حالة أكبر من الإحتياج.

 ومن الملاحظ أيضا وجود عدة اقتصادات ناشئة تظهر بدورها معدلات نمو عالية، ولكن هذا النمو الاقتصادي تحت المظلة "النيوليبرالية" (Neoliberalism) لا يخدم المصلحة العامة للجمهور، وفي المقابل نجد بأنه يعزز من ارتفاع معدلات الفقر لأن المنفعة المتحققة لا تظهر بشكل صحي نظرا للتشوهات الناتجة عن المصالح الكامنة في الأسواق الحرة التي تعمل بدرجات رقابية منخفضة أو معدومة ان صح التعبير وبعيدة عن مفهوم الإفصاح و الشفافية، والذي يعزز بدوره هذه التشوهات في النسق الخاص بتوزيع الدخل بطرقة عادلة، فنجد أن الصين على سبيل المثال، ومع أنها أحدى أسرع الاقتصادات نمواً في العالم تواجه نفس المعضلة، حيث ان العديد من فقراء الصين، و خاصة في المناطق الريفية النائية، ازدادت حالتهم سوءاً حيث أن النظام "الشيوعي او الماركسية الماوية" إن صح التعبير ضمن ووفر الحاجات الأساسية المحددة وهي الغذاء، الرعاية الصحية و التعليم الأساسي.

وبالنظر الى النهضة الحالية لمجالات الصيرفة والتمويل الإسلامي في اكثر من 75 دولة حول العالم، مع وجود حوالي 550 مؤسسة مالية إسلامية في القطاع، نجد بإن العديد من المؤسسات المالية العالمية و مراكز مالية إقليمية أصبحت تلعب دور هام في تقديم حلول مالية إسلامية، حيث ان السواد الأعظم من المؤسسات المالية التقليدية متعددة الجنسيات أصبحت توفر منتجات مالية إسلامية عن طريق شركات فرعية أو نوافذ إسلامية بصورة مباشرة، حيث ان هذه النهضة تعتبر علامة صحية لنمو قطاع التمويل الإسلامي او التمويل الأخلاقي في المستقبل، مما سيزيد من هامش الرفاهية و العدالة الاجتماعية لملايين من الأشخاص حول العالم.

المصادر:

1- أيوب، محمد. فهم التمويل الإسلامي. المملكة المتحدة: الناشر جون وايلي، 2007.

2- بيركنز، جون. اعترافات قاتل اقتصادي. الولايات المتحدة الأمريكية: الناشرين بيريت-كوهلر، 2004.

 

خاص_الفابيتا