استبدال الدين بأسهم ملكية لمعالجة التعثرات المالية

08/08/2021 2
د. فهد الحويماني

ما الحل لشركة تكاثرت عليها الديون وتراكمت عليها الأقساط المستحقة دون وجود سيولة نقدية لديها؟ مثل هذه الحالة تحدث بين الحين والآخر للشركات المدرجة، وتختلف الحلول وفقا لهيكل الشركة المالي ومكانتها التجارية وحالة السوق المالية ومرونة الدائنين. هذا ما تمر به حاليا شركة إعمار المدينة الاقتصادية، المدرجة في سوق الأسهم السعودية، ولديها ديون ومطلوبات بأكثر من عشرة مليارات ريال، منها 5.8 مليار ريال مطلوبات طويلة الأجل، ومبلغ 4.8 مليار ريال مطلوبات قصيرة الأجل "متداولة".

قبل الحديث عن الحل الذي قامت به شركة إعمار، كانت هناك حالة مشابهة إلى حد ما، حين قامت شركة زين السعودية العام الماضي بسداد ديون لشركة زين الكويتية من خلال منح الشركة الكويتية أسهما جديدة بالقيمة الاسمية البالغة عشرة ريالات. عندما قامت شركة زين السعودية برفع رأسمالها بمقدار 4.5 مليار ريال، تم منح زين الكويتية أسهما بما يعادل 1.7 مليار ريال كانت زين السعودية اقترضتها من الكويتية، لكن كما سنرى هناك اختلاف مهم عما سيحدث مع شركة إعمار.

الاختلاف في حالة شركة إعمار هو أولا: أن القروض التي على الشركة هي لمصلحة وزارة المالية السعودية، وليست لشركة خاصة أو بنك تجاري، وهي بمقدار خمسة مليارات ريال، إضافة إلى مستحقات خدمة الدين منذ عام 2019، ليبلغ الإجمالي بعد جدولة الدين 5.4 مليار ريال. الشركة حصلت على القرض من وزارة المالية في 2011 كون الشركة مسؤولة عن تطوير مدينة الملك عبدالله الاقتصادية بالقرب من مدينة جدة، وتمت إعادة جدولة الدين عدة مرات.

أول الحلول التقليدية هو أن تقوم الشركة بالاقتراض من البنوك أو بطرح سندات، لكن هنا قدرة شركة إعمار على القيام بذلك محدودة جدا لوجود عدة قروض متعثرة لديها من بنوك تجارية، حيث تمت إعادة جدولتها كذلك عدة مرات.

الحل الثاني هو أن تقوم الشركة برفع رأسمالها عن طريق حقوق أولوية، حيث تتحصل على كمية كافية من النقد للوفاء بالتزاماتها ولدعم رأس المال العامل لديها، وهذا الحل لم تأخذ به الشركة ربما بسبب ضخامة الخسائر المتراكمة التي تقارب ثلث رأسمال الشركة حاليا، منها نحو مليار وربع المليار ريال خسائر 2020، ونحو 200 مليون ريال خسارة الربع الأول من هذا العام. عندما تكون نتائج الشركة المالية غير مشجعة يصبح من الصعب على الشركة رفع رأسمالها، وبذلك تحتاج إلى اللجوء لطرق أخرى.

الطريقة التي اتبعتها شركة إعمار هي مبادلة الدين بأسهم ملكية، وتتم بمنح الدائنين أسهم ملكية تصدر خصيصا لهم مقابل شطب جزء من الديون المستحقة لهم بمقدار قيمة الأسهم التي ستمنح لهم. في هذه الحالة سيتم شطب 2.8 مليار ريال من الديون المستحقة لوزارة المالية البالغة 5.4 مليار ريال، وسيتم منح الأسهم الجديدة لمصلحة صندوق الاستثمارات العامة.

ماذا يعني ذلك لمساهمي شركة إعمار؟

قبل إعلان خبر التوصل إلى اتفاق مع وزارة المالية، كانت القيمة السوقية للشركة 6.9 مليار ريال، وكان سعر السهم 8.07 ريال، لذا، فإن العملية تعني أن هناك من سيشتري أسهم الشركة بسعر عشرة ريالات، وهذا أعلى من سعر السوق، وهذه نقطة إيجابية بحد ذاتها. لكن ألا يؤدي إصدار أسهم جديدة لطرف معين دون بقية المساهمين إلى تآكل ملكية المساهمين الحاليين؟

لاحظ أنه دائما عندما تقوم الشركة برفع رأسمالها، فإن العملية تكون متاحة لجميع المساهمين، حيث إن من يرغب في الحفاظ على نسبة تملكه كما هي، يستطيع المشاركة بعملية رفع رأس المال ولا يكون هناك تآكل لحصته. بينما في حالة شركة إعمار، فإن عملية رفع رأس المال بمقدار 2.8 مليار ريال، ستكون فقط لصندوق الاستثمارات العامة. ولذلك، سيكون هناك تآكل لحصة الملاك الحاليين، لكن من الواضح أن هذا التآكل لم يؤثر في سعر السهم، أي أن الملاك الحاليين غير مكترثين لهذا الأمر، لماذا؟

كما ذكرنا، فإن ملاك الأسهم استفادوا مباشرة من تخفيف الديون على الشركة التي تحسب على أن القيمة السوقية للشركة سترتفع بمقدار الديون المشطوبة، وعند حسابها سنجد أن سعر السهم في اليوم التالي للإعلان مفترض أن يرتفع إلى 8.55 ريال، من 8.07 ريال، وهذا على أسس حسابية بحتة. لكن هناك أمور أخرى لا بد أن ملاك السهم نظروا إليها، وهي أن دخول جهة كبيرة مثل صندوق الاستثمارات العامة قد يساعد على توجيه الشركة إلى طريق النجاح وتذليل ما قد تواجهه من صعوبات.

من ناحية أخرى، عندما تنخفض ديون الشركة بهذا القدر تكون هناك تغيرات إيجابية في بعض المؤشرات المالية، أولها صافي الدخل الذي سيرتفع بمقدار ما تم تخفيضه لمصلحة خدمة الدين، حيث تم خصم أكثر من 300 مليون ريال كخدمة ديون في 2020 من 547 مليون ريال مبيعات، وهذا مبلغ كبير بلا شك.

المؤشرات الأخرى التي تتحسن نتيجة شطب جزء كبير من الدين هي الرافعة المالية للشركة، التي تحسب بقسمة إجمالي المطلوبات على حقوق الملكية، التي ستنخفض بشكل كبير بعد العملية. لذا، فإن تحسن الرافعة المالية إلى جانب انخفاض نسبة الدين - الدين على الأصول - وتحسن صافي الدخل وارتفاع رأس المال وغيرها، ستجعل الشركة في مركز مالي أفضل يساعدها على الحصول على قروض في المستقبل. وبالمناسبة، تعد القروض في بعض الهياكل المالية، مثل هيكل شركة إعمار، أمرا ضروريا لنمو الشركة وارتفاع أرباحها المستقبلية.

ختاما، لعملية شطب الديون من خلال استبدالها بأسهم ملكية، جوانب سلبية كذلك، منها أن أي أرباح موزعة مستقبلية ستوزع على عدد أكبر من المساهمين، وقد يرتفع مكرر الربحية بشكل كبير بسبب انخفاض ربحية السهم الواحد، إلا إن كان هناك ارتفاع مقابل في سعر السهم.

 

نقلا عن الاقتصادية