خلال عام 2020، تصدرت طاقة التوليد من مصادر الطاقة الشمسية والرياح النمو في مصادر الطاقة، رغم جائحة كورونا، ما أثار الثناء من الحكومات وحماة البيئة، إضافة إلى الحث على تسريع وتيرة النمو حيث يمكن أن تصبح الطاقة الشمسية والرياح، خاصة الشمسية المصدر المهيمن للطاقة في العالم في وقت أقرب من عام 2030. بالفعل لقد تم تركيب أكثر من 100 جيجاوات من السعة الجديدة للطاقة الشمسية خلال 2020، ويخطط المطورون لزيادة السعة على مستوى العالم بنسبة 15 في المائة على الأقل هذا العام. وشهد العالم اتجاها متزايدا نحو استخدام الطاقة البديلة لتقليل انبعاثات الكربون، وقام عديد من الدول الكبرى بزيادة سعة مرافق الطاقة الشمسية والطاقة المتجددة خلال الأعوام الماضية.
لطالما اشتهرت الألواح الشمسية بأنها رخيصة، ولا يشكك في ذلك كثيرون على الإطلاق، خاصة عندما تعرض بيانات حول منحنى التكلفة المتدنية للألواح. وفقا لهذه الرواية، فإن الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية أرخص بالفعل من الكهرباء التي تنتجها المحطات التي تعمل بالغاز. لكن، ما تغفله هذه الرواية هو أن هذا ليس صحيحا على النطاق العالمي حتى الآن. الشيء الآخر الذي تغفله هذه الرواية، ربما بسبب الافتقار الحقيقي للمعرفة، هو أن منحنى التكلفة لأي منتج، سواء كان لوحا ضوئيا أو توربينا هوائيا أو برميلا من النفط الخام، يعتمد على عديد من العوامل. وبعض هذه العوامل ليست مواتية تماما في جميع الأحوال والمناطق.
رغم مزايا الطاقة الشمسية العديدة - طاقة رخيصة وخالية من الانبعاثات من مصدر لا نهاية له تقريبا باستثناء أثناء الليل وعندما يكون الجو ملبدا بالغيوم أو ممطرا أو تتساقط الثلوج - إلا أن لهذه التكنولوجيا بعض العيوب. في حين أن هذه هي الموضوعات المفضلة للمناقشة بين المتشككين في الطاقة المتجددة، إلا أنها عادة لا تجذب أي اهتمام من الصناعة نفسها. واحدة من أكبر مشكلات الطاقة الشمسية الآن هي استخدام الأراضي التي جذبت انتباه خصم غير محتمل: دعاة حماية البيئة.
في هذا الصدد، ذكرت مصادر صحافية في وقت سابق من الشهر الماضي أن مشاريع المزارع الشمسية على نطاق المرافق تجذب معارضة متزايدة من جماعات حماية البيئة، مستشهدة بمشروع Battle Born Solar الذي سيغطي بالفعل نحو 14 ميلا مربعا، أو ما يعادل سبعة آلاف مضمار كرة قدم. هذه مساحة كبيرة يجب تغطيتها بألواح شمسية، ما يجعلها غير مجدية لأي غرض آخر. معارضو المشروع ليسوا من بين المتشككين في الطاقة المتجددة الذين ينتقدون مزارع الطاقة الشمسية. بل هم، في الواقع، من علماء البيئة، ومع ذلك، فهم قلقون من أن مشاريع الطاقة الشمسية الضخمة ستفسد الأرض، وتخل بالنظم البيئية، وأخيرا وليس آخرا، ستجعل المناظر الجميلة أقل جمالا.
لقد كان من المتوقع أن يحدث ذلك. حيث إن رؤية مزارع الطاقة الشمسية على نطاق المرافق ليست أعمالا فنية يمكن للمرء الاستمتاع برؤيتها يوميا. يبدو أن المنطق، كما هو الحال مع عديد من الأشياء الأخرى يقول: إن مزارع الطاقة الشمسية العملاقة شيء رائع، لكن لا أحد يريده في فنائه الخلفي. ولا يتعلق الأمر فقط بالجماليات. بناء عدد من مزارع الطاقة الشمسية الضخمة، قد يشكل مشكلة مناخية، وفي الوقت نفسه ليس من المتوقع أن يحل مشكلات الطاقة في العالم.
في وقت سابق من هذا العام، حذر باحثان من السويد وأستراليا من أن مزارع الطاقة الشمسية تعاني مشكلة الحرارة، وكلما كبرت هذه المزارع، زادت المشكلة. من المتعارف عليه أن الألواح الشمسية تقوم بتحويل الضوء إلى كهرباء بمعدل متوسط بين 15 و20 في المائة. لذا، فإن 15 - 20 في المائة فقط من أشعة الشمس تمتصها الألواح الشمسية وتحولها إلى كهرباء. يبدو أن الباقي هو المشكلة، وفقا لما ذكره الباحثان. في هذا الصدد، يوضح علماء المناخ أن الطاقة التي لا تستطيع الألواح الشمسية تحويلها إلى كهرباء يتم إطلاقها مرة أخرى في البيئة على شكل حرارة. رغم أن تركيز العلماء ينصب على الصحراء، إلا أن الحقيقة هي أن الألواح الشمسية تطلق الطاقة مرة أخرى على شكل الحرارة بغض النظر عن كون البيئة صحراوية.
إلى جانب المعارضة الناشئة من قبل علماء البيئة، صناعة الطاقة الشمسية لديها مشكلة أكثر إلحاحا: التكاليف آخذة في الارتفاع. نظرا لاضطرابات سلسلة التوريد العالمية الناجمة عن الوباء، فإن تكلفة جميع المواد الخام تقريبا ترتفع بشكل كبير، ما يعكس الاتجاه الثابت لانخفاض التكلفة الذي شهدناه في الألواح الشمسية لأكثر من عقد من الزمان. وكان صانعو الألواح والمحللون قد توقعوا في كانون الأول (ديسمبر) 2020 استمرار النقص في الزجاج الشمسي الذي يعوق بالفعل إنتاج الألواح الشمسية في الصين خلال النصف الأول من عام 2021. في هذا الصدد، ذكرت وكالة "بلومبيرج" أن أسعار الوحدات الشمسية ارتفعت بنسبة 18 في المائة منذ بداية العام، بعد انخفاضها بنسبة 90 في المائة خلال العقد الماضي. إلى جانب هذه الأدلة لا ينبغي عد أي شيء مسلما به، حتى أسعار الألواح الشمسية، إن هذه الحقيقة تهدد ما يسميه كثيرون ثورة الطاقة المتجددة.
يحدث هذا في أسوأ وقت ممكن لتلك الثورة. حيث إن خريطة طريق وكالة الطاقة الدولية لصافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، تتطلب إضافة 23 ألف تيراوات - ساعة من الطاقة الشمسية من إجمالي 71 ألف تيراوات - ساعة سيحتاج إليها العالم بحلول عام 2050. لكن شركة Rystad Energy ذهبت إلى أبعد من ذلك. حيث قدرت الشركة الاستشارية أخيرا أن العالم يمكن أن يضيف نحو 50 ألف تيراوات - ساعة لأنها رخيصة جدا. حيث تقول الشركة، إن العالم سيحتاج إلى زيادة قدرته على توليد الطاقة بشكل أكبر من أجل تحقيق أهداف الكهربة في المباني والنقل والصناعة، وإن الطاقة الشمسية الكهروضوئية هي الطريقة الأرخص والأكثر ملاءمة.
لكن، لم يعد هذا هو الحال. فقد أشار تقرير حديث إلى أن أسهم شركات الطاقة الشمسية قد تراجعت بنحو 18 في المائة منذ بداية العام مع ارتفاع أسعار الصلب والبولي سيليكون والنقل. في هذا الصدد، يتوقع الرئيس التنفيذي لصندوق تمويل الطاقة الشمسية الأمريكي، أن تؤدي أسعار المواد الخام المرتفعة هذه إلى زيادة تكاليف مشاريع الطاقة الشمسية الجديدة بنسبة تصل إلى 20 في المائة. وحذرت جمعية الصناعات الشمسية الأمريكية من أن هذه ليست سوى البداية: "إن زيادة التكلفة عبر جميع المواد بدأت للتو في التأثير في القائمين بالمشاريع". بالفعل يبدو أن توافق الصناعة على أن الألواح الشمسية رخيصة قد تحول الآن، وأن الانخفاض الحاد في التكاليف الذي شهدناه على مدى العقد الماضي قد بدأ يتغير، من المتوقع أن تشهد صناعة الطاقة الشمسية الآن استقرارا بالتكاليف، بل حتى زيادة في بعض الحالات.
نقلا عن الاقتصادية