يزداد الحديث مؤخراً عن جودة الطاقة الكهربائية وموثوقيتها لا سيما وأن الموازنة بين تكلفة الجودة والعائد الاستثماري كانت وستظل لاعباً رئيسياً في معظم التصماميم لشبكات اليوم الحاضر. فبالرغم من وجود حلول جيدة لمشاكل الطاقة إلا أن الإهتمام بموثوقية الطاقة الكهربائية قد اخذ منعطفاً تصاعدياً في الوقت الراهن والذي يعزيه المختصون للتغير الهائل لنوعية الاستهلاك المجتمعي للطاقة والتطور الكبيرفي صناعتها خلال العقدين الأخيرين.
فلم تعد الشبكات الحديثة تبنى على الطراز القديم من خلال محطات مركزية تغذي مسافات شاسعة من المعمورة وإنما أصبحت تعتمد على شبكات صغيرة المدى (Micro grids) وخاصة تلك المعتمدة على الطاقة المتجددة. يضاف الى ذلك الانفجار الكبير في شراء واستخدام الأجهزة الإلكترونية المحموله والتي أصبحت ضرورة حتمية في مختلف ألوان الحياة من خدمات حكومية وخاصة وحتى التسوق الإلكتروني ووصل الحال إلى التعليم الإلكتروني كما حصل مؤخرا مع جائحة كرونا.
مجموعة كبيرة من الدراسات والتقارير التي أجريت في هذا المجال ولكن أهمها من وجهة نظري تلك التي أبرزت الأثر الاقتصادي لإضطربات الطاقة على القطاع العام والخاص. ومنها ما ذهب إليه معهد أبحاث الطاقة الأمريكي بالتعاون مع وزارة الطاقة الامريكية والذي وثق الآثار الاقتصادية والناجمة عن تشوهات الطاقة بمختلف أنواعها كهبوط الجهد وتضخمه والتوافقيات وغيرها أو ما نسميه تكلفة جودة الطاقة قد جاء بمستويات قياسية حيث يحدد التقرير الخسائر الناجمة عن انقطاع الشبكة نتيجة هذه التشوهات بين 26 مليار دولار وصولاً إلى 400 مليار دولار في السنة الواحدة وبمتوسط يبلغ 79 مليار دولار امريكي.
التقرير خلص إلى أن هناك حاجة ماسة إلى ضخ ما بين 50 إلى 100 مليار دولار للإستثمار في جودة الطاقة الكهربائية وتحديثها، وكان قد اعتمد في دراسته على عدد من المحاور أهمها: عدد المشتركين والفترة الزمنية للانقطاع، تكلفة وتأثير المشكلة.
وفي القارة العجوز فقد أصدر معهد كوبر الأوروبي تقديره لمشاكل الطاقة وكل فتها بحدود 4 مليار يورو على مستوى الاتحاد الأوروبي في عام واحد.
ختاماً: لا شك بأن الاستثمار في تطوير جودة الطاقة الكهربائية مبرر بشكل كبير ويظهر ذلك من خلال الاستثمارات الضخمة والمؤتمرات والدراسات وما يصاحبها من في هذا المجال من حلول فنية وتقنية مناسبة تخفف من ذلك الهدر المالي وترفع في نهاية المطاف من كفاءة الإنتاج. ولكن يظل التحدي على مستوى المنطقة العربية هو وجود استراتيجية طموحة لمواكبة هذه التطورات واستثمار جريء في حلول حديثة مبنية على أبحاث علمية ودراسات فنية دقيقة لمشاكل جودة الطاقة في المنطقة والخروج بأنسب الحلول المتاحة.
خاص_الفابيتا