نطاقات المطور

26/05/2021 0
عبد الحميد العمري

أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، مطلع الأسبوع الجاري، برنامج نطاقات المطور، ويعد تطويرا جديدا لبرنامج نطاقات الذي بدأ العمل به منذ 2011، واستمرت عمليات تطويره طوال تلك الفترة، منطلقا في تصميمه الأول من تحفيز توطين الوظائف، ثم وضع حد أدنى للأجر لاحتساب العامل السعودي في برنامج نطاقات في 2013، وخلال 2014 تم إطلاق النسخة الثانية من البرنامج، ثم قامت الوزارة بزيادة تصنيف الأنشطة وأحجام المنشآت خلال 2016، وخلال 2017 تم العمل على تعديل نسب التوطين، وخلال 2020 تم رفع الحد الأدنى للأجر إلى أربعة آلاف ريال للاحتساب في البرنامج، وخلال العام الجاري سيبدأ العمل بنسخته المطورة.

تركزت إعادة هيكلة برنامج نطاقات في نسخته الجديدة المطورة علـى ثلاثة تعديلات رئيسة، جاءت على النحو التالي: التعديل الأول: دمــج الأنشطة الاقتصادية الصغيرة ومتناهيــة الصغــر وضمهــا مــع بقيــة الأنشطة الاقتصادية. التعديل الثاني: تقديم خطة توطين ثابتة للأعوام الثلاثة المقبلة لتوفير الاستقرار التشريعي. التعديل الثالث: تحسـين العلاقـة الطرديـة بيـن عـدد العامليـن ونسـبة التوطيـن المطلوبـة كبديـل عـن النسـب المبنيـة علـى أحجـام محـددة وثابتـة للمنشـآت. وتلخصت أهم الأهداف التي دفعت إلى إقرار البرنامج المطور لنطاقات فيما يلي: أولا أنه يدعم مبادرات التحول الاستراتيجي التي تعمل وزارة الموارد والتنمية الاجتماعية على تنفيذها خلال الفترة الراهنة ومستقبلا. ثانيا رفع جودة تحسين العلاقة الطردية بين عدد العاملين ونسبة التوطين المطلوبة. ثالثا: سيسهم البرنامج في توفير وظائف جاذبة للباحثين عن عمل من المواطنين والمواطنات. رابعا: لدوره المأمول في زيادة مساهمة العمالة الوطنية في منشآت القطاع الخاص. خامسا: استهداف البرنامج لمعالجة نسب التوطين القائمة على حجم وكم المنشآت. سادسا: سيقدم خطة توطين واضحة ومستمرة طوال الأعوام الثلاثة المقبلة. سابعا: تحسين بيئة العمل وجعلها أكثر جاذبية للقوى العاملة الوطنية. وثامنا: يتوقع أن يسهم البرنامج في توفير نحو 340 ألف وظيفة حتى نهاية 2024.

تقوم آلية عمل البرنامج المطور على النطاقات المعمول بها سابقا نفسها (أحمر، أخضر منخفض، أخضر متوسط، أخضر مرتفع، بلاتيني)، حسب النشاط الاقتصادي الذي تنتمي إليه المنشأة، الذي يعتمد بناء عليه نسبة توطين في أول العام ونسبته في نهاية العام حسب كل نطاق، ومن ثم ترتفع تلك النسب تدريجيا في العامين الثاني والثالث، بمعنى أن على المنشأة أن تعمل بصورة مستمرة على زيادة توظيف العمالة الوطنية لديها طوال فترة العام الواحد (بداية العام، نهاية العام)، وأيضا عاما بعد عام، وإلا وجدت نفسها قد انخفضت نسبة التوطين لديها حسب النطاق الذي وصلت إليه إلى نطاق أدنى في العام التالي، في حال لم تستطع مجاراة التحرك المتصاعد لنسب التوطين اللازمة، ولإيضاح تلك التفاصيل سيكون مفيدا استعراضها بمثال، منشأة تعمل في نشاط "المقاهي ومحال تقديم المشروبات" لديها 20 عاملا، ونسبة التوطين لديها تبلغ 30 في المائة، وبافتراض أن هذه المنشأة لم تقم بأي زيادة في التوظيف طوال الأعوام الثلاثة المقبلة، سواء عمالة وطنية أو وافدة، فإن وضعها وفقا للبرنامج المطور سيكون حسب التالي: في العام الأول ستكون في نطاق الأخضر المرتفع لوقوع نسبة التوطين لديها بين حدود نسبه المحددة وفق البرنامج (بداية حد نسبة النطاق 27.24 في المائة، نهاية حد نسبة النطاق 32.37 في المائة)، لكنها ستنخفض في العام الثاني إلى نطاق الأخضر المتوسط الذي حدد البرنامج المطور حدوده (بداية حد نسبة النطاق 29.26 في المائة، نهاية حد نسبة النطاق 33.53 في المائة)، ثم ستنخفض في العام الثالث إلى النطاق الأحمر، لأن نسبة التوطين (30 في المائة) لدى تلك المنشأة ولم تعمل طوال الفترة على رفعها، أصبحت أدنى من نهاية حد نسبة النطاق البالغة في العام الثالث 31.59 في المائة.

يبرز المثال أعلاه جزءا كبيرا من الآلية التي يعتمدها البرنامج المطور لنطاقات، وأن المنشآت إذا ما أرادت المحافظة على موقعها في النطاقات الأعلى (الأخضر المرتفع، البلاتيني)، فلا بد من أن تسبق بخطوة أو أكثر ديناميكية البرنامج، التي تقوم عاما بعد عام برفع نسب التوطين حسب النطاقات، وتقوم أيضا بتلك الخطوة خلال العام نفسه، ولهذا تعتمد الإفصاح عن نسب التوطين المتحققة بشكل دوري أثناء فترات العام الواحد. إن محافظة المنشأة على تحقيق نسب توطين عالية بصورة دورية، يعني بدوره حصولها على مزايا النطاقات الجيدة التي تتوصل إليها، ويعني أيضا تجنبها في الوقت ذاته الأعباء والتكاليف الزائدة بحال تراجعت في سلم النطاقات إلى مستويات متدنية.

يتوقع أن يسهم البرنامج المطور لنطاقات في ارتفاع نسب التوطين بوتيرة أسرع من السابق، وأن ينعكس ذلك بدوره على معدل البطالة بمزيد من التراجع، وهي النتائج الأكثر أهمية على المستويات كافة (اقتصاديا واجتماعيا بالدرجة الأولى)، وهي النتائج التي سيوفر البرنامج قياسها ومراقبتها بناء على الإعلانات الدورية للأجهزة المعنية عن نسب التوطين، والتأكد في ضوء ذلك من الالتزام الجيد بسياسات وبرامج التوطين المعمول بها، إضافة إلى أن استقرار آلية البرنامج ووضوحها لمنشآت القطاع الخاص طوال الأعوام الثلاثة المقبلة، سيوفر لها رؤية واضحة طوال الفترة.

 

 

 

نقلا عن الاقتصادية