تم التركيز في المقالين الأخيرين، إضافة إلى ما بدأت وزارة الموارد البشرية بتنفيذه على أرض الواقع، متمثلا في خطوتها الناجحة وتفويضها تنفيذ برامج التوطين للأجهزة الحكومية حسب النشاطات الاقتصادية المختلفة، على أهمية أن تتبنى تنفيذ مشروعين آخرين للتوطين، سيؤدي إضافتهما إلى المنهجية الجديدة لسياسات التوطين الراهنة لتحقيق مزيد من النجاحات على طريق رفع معدل التوطين، وخفض معدل البطالة بوتيرة أسرع، ويتمثل المشروعان في: (1) تأسيس برنامج لتوطين الوظائف القيادية والتنفيذية في منشآت القطاع الخاص، وتركيز تنفيذه على المنشآت العملاقة والكبيرة خلال الأعوام الخمسة المقبلة. (2) يجب أن تتركز برامج التوطين خلال الفترة نفسها على المنشآت العملاقة والكبيرة، ورفع معدل التوطين المطلوب منها تدريجيا حتى يصل إلى 70 في المائة بنهاية الفترة الذي لا يتجاوز المتحقق منه حتى تاريخه ثلث العمالة في تلك المنشآت. إن من أهم النتائج المتوقع كسبها في هذا الاتجاه، أنه سيسهم في توفير نحو 1.3 مليون وظيفة للموارد الوطنية الباحثة عن عمل خلال الأعوام الخمسة المقبلة على أقل تقدير.
يعني ما تقدم ذكره أعلاه أن تخفف برامج التوطين على المنشآت المتوسطة والصغيرة والأصغر حجما، ومنحها فرصا أوسع لتتمكن من الوقوف على أقدامها، والنمو والوصول إلى مستويات أكثر استقرارا وقدرة وحجما، ما سيؤهلها إلى الانضمام إلى شرائح المنشآت الكبيرة والعملاقة في الأجل الطويل، وبالنظر إلى ما كان يخشى من زيادة تغلغل أشكال التستر التجاري في تلك المنشآت خلال الأعوام الماضية، يمكن التأكيد أن التقدم الحازم للبرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري، وتكفله بالقضاء على هذا الداء الاقتصادي بالغ الخطورة، والمتوقع أن تتم تنقية بيئة الأعمال المحلية بنسب كبيرة في الأجلين المتوسط والطويل، فإننا وفق هذا الإطار على مواعيد متتالية من تنامي نشاطات تلك المنشآت، وزيادة مساهمتها في الاقتصاد الوطني والتوطين تدريجيا، وتحقيق مكاسب عديدة أكبر وأهم، من أهمها اكتساب بيئة الأعمال المحلية منشآت أكبر حجما في الأجل الطويل، وعدا زيادة مساهمتها في النمو وتنويع قاعدة الإنتاج المحلية، فإنها أيضا ستكون أكثر تأهيلا لاجتذاب مزيد من الموارد البشرية الوطنية، ولديها القدرة اللازمة على زيادة وتوسيع قنوات توفير فرص العمل الأكثر ملاءمة أمام تلك الموارد، وهذا على عكس وضعها الراهن بنسبة كبيرة، سواء من حيث ضعف قدرتها على التوطين، أو من حيث انخفاض جاذبيتها لدى الباحثين عن عمل من المواطنين والمواطنات.
ذلك أن أغلب المؤهلات اللازمة لشغل وظائف تلك المنشآت، إضافة إلى مستويات أجورها الشهرية المدفوعة، والمزايا الوظيفية الأخرى، تستقر جميعها في مستويات أدنى مقارنة بما هو متوافر لدى المنشآت الكبيرة والعملاقة، وأدى عدم الاهتمام بهذا الجانب المهم جدا إلى ارتفاع معدلات عدم استقرار العمالة الوطنية في تلك المنشآت، وزيادة معدلات الدوران الوظيفي، في الوقت ذاته الذي زاد من الأعباء المالية على تلك المنشآت، واضطرارها إلى رفع أسعار ما تقدمه من منتجات وخدمات، وانتقال أثره العكسي إلى المستوى العام للأسعار "التضخم". لهذا أصبح من الضرورة بمكان بعد تجربة طويلة امتدت إلى أكثر من عقد زمني مضى، أن يتم العمل على تغيير سياسات التوطين الخاصة بتلك المنشآت، وأن تتسم بمزيد من المرونة الكافية مقارنة بالمنشآت الأكبر منها، ووضعها في مسار يسمح لها بالنمو والتوسع، وزيادة فرص انضمامها إلى شرائح المنشآت الكبيرة والعملاقة في الأجل الطويل.
وتأكيدا على أهمية هذا الجانب يظهر أحدث بيانات الهيئة العامة للإحصاء المتعلقة بتوزيع المتعطلين من المواطنين، حسب المستوى التعليمي، أن نسبة حملة الشهادة الجامعية فأعلى من إجمالي المتعطلين وصلت إلى نحو 55 في المائة، وتزداد النسبة إلى 90.3 في المائة من إجمالي المتعطلين بأخذ حملة الشهادة الثانوية فأعلى، في الوقت ذاته نجد أن أغلب الوظائف القائمة في تلك المنشآت لا تتطلب هذه المؤهلات، ولهذا تتسع الفجوة هنا بين الاحتياجات الوظيفية لتلك المنشآت من جانب، ومن جانب آخر الرغبات الوظيفية لدى الباحثين عن عمل قياسا على مؤهلاتهم التعليمية، في الوقت ذاته تكاد لا توجد تلك الفجوة أو تعد أصغر بكثير في حالة المنشآت الكبيرة والعملاقة، إلا أن معوقات الوصول إليها من قبل الموارد الوطنية الباحثة عن عمل تعد أكبر، من هنا تأتي أهمية تبني المشروعين المشار إليهما أعلاه "تركز التوطين على المنشآت العملاقة والكبيرة، توطين الوظائف القيادية والتنفيذية".
ختاما: أقدم خالص الشكر والتقدير لوزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، لقاء تفاعله ومتابعته الدقيقة لكل ما من شأنه دعم برامج وسياسات التوطين وزيادة معدلاته، وأن ما تفضل بإيضاحه تعليقا على المقالين الأخيرين، يزيد بكل تأكيد من التفاؤل بمستقبل سوق العمل المحلية، وزيادة فرص الموارد البشرية الوطنية، حيث أوضح في تعليقه الكريم: "تسعى الوزارة من خلال إطلاق البرامج والمبادرات إلى تمكين أبناء وبنات الوطن من الفرص الوظيفية، وخفض نسب البطالة للسعوديين، ودعم برامج التوطين المتنوعة تماشيا مع رؤية المملكة 2030، ونحن على ثقة بالكوادر البشرية الوطنية في كافة المستويات الوظيفية، وأنهم بقدر عال من الكفاءة، لذلك نحن مستمرون في التوسع في برامج التوطين في كافة مساراتها المستهدفة، وبلا شك أن بعض برامج التوطين التي أطلقناها، قد استهدفت بعض تلك المهن القيادية والإشرافية، وما زلنا نتوسع في ذلك وهناك عديد من قصص النجاح التي أثبت فيها الكادر السعودي كفاءته في شغل تلك المهن، ومن أهمها مهنة (مدير إدارة الموارد البشرية في القطاع الخاص)، إضافة إلى المهن المستهدفة في برنامج توطين قطاع الإيواء السياحي والبرامج الأخرى. إن تناولكم لمثل هذه المواضيع وبرامج التوطين تحديدا، ومشاركتنا وضع الحلول والاقتراحات البناءة، ومنها مقترح (تركيز التوطين حسب حجم المنشآت وتوطين الوظائف القيادية والتنفيذية)، ليزيدنا ثقة بإعلامنا وما يقدمه من آراء تصب في مصلحة سوق العمل لتحقيق تطلعات قيادتنا الرشيدة".
نقلا عن الاقتصادية
هذاما كنا نقوله منذ زمن ( تنظيف السلم من اعلاه ) ...مع الاسف تم اضاعة وقت طويل على توطين بائع وكاشير وماشابه من وظائف ليس لها وزن حقيقي في المنشآت ولكن ان تأتي متأخرا خير من لا تأتي ابدا !! ... هذه واحده .. النقطه الاخرى بالنسبه للمنشآت الصغيره لم تراعي البرامج ظروفها من ناحية طبيعة العمل وضعف المداخيل وتم تحميلها ضرائب ورسوم فوق طاقتها وقدرتها ... لعودة الحياه لهذه المنشآت لابد من اعفائها من الرسوم والضرائب بشرط قيام اصحابها بالعمل بأنفسهم والاستعانه باقاربهم او توظيف سعوديين فقط اذا احتاجوا ... اعفائهم من الضرائب والرسوم يجعل لديهم ميزه تنافسيه مع المنشآت المماثله والتي توظف وافدين وتدفع ضرائب ورسوم ... ربما هذا حل لاعادتها الى الحياه والوقوف على قدميها مره اخرى ... والله الموفق والمعين ...
اذا كانت النظره همها وهدفها هو التحصيل الضرائب والرسوم جميعها فهذا يضعف المنشأه الصغيره والكبيره ويجعلها غير قادره على الوقوف وستنهار وتقفل وسيتضرر الأقتصاد وخطط التنميه والتوظيف --بمجرد هذه النظره التي لاتبني بل تهدم في النهايه --لابد من تشجيع القطاع الخاص بحزم أعفائات عده منها الضرائب والرسوم التي أنهكت صاحب العمل وزادت من تكلفه المنتج لأكثر من 80% على كاهل الزبون علما بأن معدل الرواتب هابط ولايتحمل ذلك العبء وعلى الأقل لابد من دعم الرواتب التي قابعه من 35 سنه فقط 4 الآلآف ريال --- واليوم حتى 8 الآلآف ريال لاتكفي واصبح المواطن مثل حصاله جمع الفلوس أكثر من 70% من راتبه يصرف على الخدمات التي سيئه ومتهالكه وغاليه ولاتستاهل سعرها --لابد من النظر الى الرواتب المتدنيه ولا كيف يعيش هذا الموظف !!
مازلت أؤمن أن المواطن المؤهل الكقؤ والجاد لا يحتاج لحكومة لتوظيفه. إنتهى