في نوفمبر ١٩٨٩م انهار جدار برلين، الذي قسم برلين الشرقية الشيوعية عن برلين الغربية الرأسمالية، وقررت الحكومة بعدها كجزء من اجراءات التغيير الجديد وتوحيد الصف لدى الألمان بإنشاء مشروع كبير تفخر فيه المانيا امام العالم وتصبح فيه برلين محطة عالمية رئيسية تغطي على مدن كبيرة مثل باريس ونيويورك ولندن. وفعلا قرروا انشاء مطار براندنبرغ الدولي بالقرب من مدينة برلين.
استغرق التخطيط للمشروع ١٥ سنة، وبدأوا في تنفيذ المطار في سبتمبر ٢٠٠٦م وبميزانية تقريبا ٢.٨ مليار يورو. على ان سيتم تسليم المطار في اكتوبر ٢٠١١م.
ومع اقتراب الانتهاء، بدأت كثير من شركات الطيران تجهيز طاقمها وجداولها تزامنا مع التاريخ الجديد لافتتاح المشروع، وانتقلت الكثير من البنية التحتية من طرق ومحلات واحياء سكنية وشركات التأجير والشحن والسفر والسياحة وغيرها الى المنطقة المحيطة للبدء بالعمل.
المشروع جبار وسيغير الخريطة الاقتصادية ليس فقط في المانيا، ولكن في اوروبا بشكل عام، وقبل الانتهاء بشهور قليلة من بدء تشغيل المطار، اعلنت الشركة المالكة للمطار FBB تأجيل افتتاح المطار لمدة سنة بسبب افلاس المقاول الرئيسي للمشروع، وخرج عمدة برلين في ذلك الوقت واعطى تطمينات للجميع ان المشروع سينتهي في يونيو ٢٠١٢م.
وقبل الافتتاح بشهر، اتضح وجود خلل فني في انظمة سلامة المطار واتضح ان المهندس المسؤول عن تصميم انظمة السلامة شخص محتال وليس مهندساً اصلاً، واتضح كذلك ان الطاقة الاستيعابية لمكاتب اجراءات تسجيل وصول المسافرين لم تكن كما أعلن عنها، حيث ان الطاقة الاستيعابية المعلنة كانت ٦٠ شخص بالساعة للمنصة الواحدة بينما عند التجربة الفنية اتضح ان الطاقة الاستيعابية الحقيقية كانت ٣٠ شخص فقط. فتم تأجيل الافتتاح حتى تاريخ مارس ٢٠١٣م. وتسبب ذلك بحرج كبير للشركة المالكة وللحكومة الالمانية. بعد ذلك، تم اكتشاف عدة مشاكل فنية أخرى تسببت في تعطيل المشروع لعدة سنوات، فقد تم اكتشاف أن قنوات التكييف لم تكن معزولة وتحتاج الى هدم كثير من الجدران لعزلها، وعند نزول الامطار كانت فتحات التكييف تسمح بدخول المياه وصدر امر من الحكومة بوقف اعمال المشروع بسبب انه اتضح ان سقف المطار كان مهدد بالانهيار، وكثير من الاجهزة والشاشات والقطارات الداخلية كان يجب تغييرها وأن عمرها الافتراضي انتهى بسبب تركيبها منذ عام ٢٠١١م. وارتفعت تكلفة المشروع من ٢.٨ مليار يورو الى ٧.٣ مليار يورو.
في أكتوبر الماضي، تم أخيراً تشغيل المطار على استحياء وبسبب هذا الفساد، أصاب المشروع شرخاً لسمعة الهندسة الالمانية ومصداقية حكومتها ومثار للسخرية لدى الدول الاوروبية الأخرى اما عمدة برلين فتاريخه السياسي انتهى مع أنه كان من أبرز المرشحين لرئاسة ألمانيا.
الفساد .... تعطيل للتنمية
خاص_الفابيتا