خلال الأسبوع الماضي، كشفت تقديرات وكالة الطاقة الدولية، ومنظمة أوبك، للعام الجاري عن نظرة إيجابية بشأن الطلب العالمي على النفط. حيث توقعت منظمة أوبك في تقريرها الشهري لنيسان (أبريل) أن الطلب سيرتفع بنحو 5.95 مليون برميل يوميا في 2021، بما يعادل 6.6 في المائة، وذلك بارتفاع 70 ألف برميل يوميا عن تقديرات الشهر الماضي، مدعوما بالتفاؤل بشأن نمو الاقتصاد العالمي وتخفيف إجراءات الإغلاق. وقالت "أوبك" في التقرير: "في ظل التوقعات بانحسار انتشار جائحة كوفيد - 19 مع استمرار برامج التطعيم، من المرجح تقليص متطلبات التباعد الاجتماعي وقيود السفر، ما يفسح المجال لمزيد من التنقل". وتتوقع المنظمة الآن أن يبلغ متوسط الطلب العالمي على النفط في هذا العام نحو 96.46 مليون برميل يوميا. وارتفع هذا الرقم من 96.27 مليون برميل يوميا في تقرير الشهر الماضي، وبارتفاع عن رقم الطلب المقدر حديثا لعام 2020 البالغ 90.51 مليون برميل يوميا. في تقرير الشهر الماضي، قدرت "أوبك" الطلب العالمي على النفط لعام 2020 عند 90.39 مليون برميل يوميا.
وفي بداية هذا الشهر، قررت المنظمة رفع إنتاج النفط تدريجيا بدءا من أيار (مايو) 2021 بناء على هذه الأرقام، التي لم تفصح عنها في ذلك الوقت. مهما كان الوضع، فإن التوقعات المتفائلة للطلب على النفط من قبل "أوبك" لا بد أن يكون لها تأثير إيجابي في الأسعار.
وأشارت "أوبك" في تقريرها إلى "انتعاش اقتصادي أقوى مما كان متوقعا الشهر الماضي". قالت المنظمة: إن برامج التحفيز وتخفيف إجراءات الإغلاق وتسريع طرح اللقاح، ولا سيما في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية دعم هذا الانتعاش الاقتصادي. على صعيد اللقاحات، التي تعدها المنظمة سببا للتفاؤل بشأن الطلب على النفط تم تطعيم ما يقدر بنحو 20 في المائة من سكان الولايات المتحدة بشكل كامل. لكن بشكل عام، تلقى أقل من 10 في المائة من سكان العالم جرعة واحدة. لا يتوقع أن يصل بعض الدول إلى عتبة 20 في المائة بحلول نهاية عام 2021. رغم أن المنظمة عدلت توقعاتها للطلب على النفط بالرفع للعام بأكمله، وعدلت إنتاجها ليتوافق مع هذا التعديل إلا أنها عدلت توقعاتها للطلب بالخفض للنصف الأول من هذا العام. يبدو أن أسباب تخفيضها لتوقعات النصف الأول تحاكي الأسباب التي أدت إلى رفع توقعاتها للطلب على النفط للعام بأكمله: تدابير الإغلاق في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا، وبيانات الطلب البطيئة الفعلية للربع الأول من عام 2021 في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
في الوقت نفسه رفعت "أوبك" علامات تحذيرية أخرى في تقريرها: "ستظل المخاطر مرتفعة خلال عام 2021، رهنا بتطورات جائحة كوفيد - 19 ووتيرة الوصول إلى أهداف المناعة المطلوبة". كما أشارت المنظمة إلى مخاطر إضافية تشمل سياسات الطاقة الجديدة وفاعلية إجراءات التحفيز النقدي والمالي الواسعة النطاق، وجميعها سيؤثر في الطلب على النفط على المدى القصير.
من جانبها، عدلت وكالة الطاقة الدولية أيضا توقعاتها للطلب على النفط لهذا العام بالزيادة، لكنها حذرت من المخاوف المستمرة بشأن قوة الانتعاش في الاستهلاك. قالت في تقريرها عن أسواق النفط لنيسان (أبريل): إن "الأساسيات تبدو أقوى بالتأكيد" مقارنة بنيسان (أبريل) من العام الماضي عندما تراجعت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها على مدى عقود. تتوقع الوكالة الآن أن يرتفع الطلب العالمي على النفط بمقدار 5.7 مليون برميل في اليوم في عام 2021 إلى 96.7 مليون برميل في اليوم، بعد انهيار 8.7 مليون برميل في اليوم العام الماضي. وبدعم من طرح سريع للقاحات وحزمة تحفيز اقتصادي ضخمة، قالت الوكالة: إنها رفعت توقعاتها للطلب على النفط في الولايات المتحدة للنصف الثاني من العام بنحو 365 ألف برميل في اليوم. كما تم رفع توقعاتها لاستهلاك النفط في الصين لعام 2021 بمقدار 160 ألف برميل في اليوم.
وأضافت الوكالة: "أساسيات أسواق النفط تبدو أقوى بالتأكيد". "إن الزيادة الهائلة في مخزونات النفط العالمية التي تراكمت خلال جائحة كوفيد - 19 وانهيار الطلب في العام الماضي يتم استنزافها، وحملات اللقاحات تتسارع ويبدو أن الاقتصاد العالمي في وضع أفضل." وقالت الوكالة: إن مخزونات الصناعة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تراجعت للشهر السابع على التوالي في شباط (فبراير) بانخفاض 55.8 مليون برميل أو نحو مليوني برميل يوميا بقيادة سحب حاد في مخزونات المنتجات. في نهاية شباط (فبراير)، بلغ إجمالي مخزونات النفط 2.977 مليار برميل، انخفاضا من ذروة بلغت 3.216 مليار برميل في أيار (مايو) 2020. بالفعل، بعد توقعات الطلب التصاعدية هذه تجددت الآمال بارتفاع الأسعار. حيث ارتفع خام برنت في الأسبوع الماضي بنسبة 5.5 في المائة إلى 66.77 دولار للبرميل وخام غرب تكساس الوسيط تقريبا بالنسبة نفسها إلى 63.13 دولار للبرميل. ورغم تزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا في أوروبا وكذلك الهند والبرازيل، لا يزال الطلب قويا ومتزايدا. لا تزال وكالة الطاقة الدولية و"أوبك" على ثقة بأن برامج التطعيم في المنطقة ستتسارع في الأشهر المقبلة، ما يسمح بتعزيز التنقل في النصف الثاني من العام.
على جانب العرض، ارتفع إنتاج "أوبك" الفعلي للربع الأول لعام 2021، رغم أن بيانات الجزء الأول من عام 2021 أظهرت طلبا أسوأ على النفط مما كان متوقعا في السابق. وبلغ إنتاج "أوبك" في الربع الأول هذا العام 25.14 مليون برميل يوميا مقارنة بـ 24.94 في الربع السابق بناء على أرقام المصادر الثانوية للمنظمة. والدول التي تظهر زيادات في الإنتاج تزيد على 100 ألف برميل في اليوم فصليا هي جميع الدول المعفاة حاليا من اتفاقية مجموعة "أوبك +" لخفض الإنتاج. ارتفع إنتاج إيران، وليبيا، وفنزويلا نحو 558 ألف برميل يوميا في الربع الأول من عام 2021 مقارنة بالربع الأخير من عام 2020. كما زادت الإمارات إنتاجها بمقدار 96 ألف برميل في اليوم على أساس ربع سنوي. ويمثل العراق خامس أكبر زيادة عند 64 ألف برميل يوميا.
لكن لحسن حظ المنظمة، أنتجت المملكة التي تعد المنتج المتأرجح ما معدله 522 ألف برميل يوميا أقل في الربع الأول من عام 2021 مقارنة بالربع الرابع من عام 2020. إجمالا، كان إنتاج "أوبك" في آذار (مارس) أعلى بمقدار 201 ألف برميل يوميا عن شباط (فبراير)، عند 25.042 مليون برميل يوميا. ويقارن هذا بمتوسط 25.645 مليون برميل يوميا في عام 2020 بأكمله.
من المتوقع أن يرتفع إنتاج "أوبك" في الأشهر المقبلة بعد أن وافق اجتماع مجموعة "أوبك +" الأخير على تخفيف حصص خفض الإنتاج. في الدفعة الأولى من الزيادات، من المتوقع أن تصل الأسواق 500 ألف برميل إضافية يوميا - نصفها من "أوبك +" والنصف الآخر من التخفيضات الطوعية للسعودية. ومع ذلك، طمأنت المملكة أسواق النفط أن المجموعة ستكون مرنة فيما يتعلق بحصص الإنتاج لتلبية الطلب، أينما كان.
نقلا عن الاقتصادية