تلقيت تساؤلات عديدة حول البتكوين والتي تجعلني أحاول أن أقدم صورة أكثر عدالة ودقة بين مهتم ولديه قناعة قد لا تكون واقعية والعكس أيضاً، فكثير من الرافضين لفكرة البتكوين قد لا يكونون منطقيين، حيث هناك مخاطر لا يراها المستثمرون في البتكوين، وأيضاً دواعٍ تفسر شراء البتكوين، لذلك أبدأ بمناقشة القناعات حول البتكوين بحكم أن عددها محدود لن يتجاوز 21 مليوناً، وأنها نظام رقمي غير مركزي بخلاف جميع العملات الرقمية الأخرى، ومن جهة أخرى أقدم الدواعي التي أظنها هي السبب للاستثمار في هذا (الكائن) الرقمي.
أولاً أبدأ بقناعات المؤيدين، بعض المستثمرين في البتكوين لديهم قناعة بأنها ملاذ آمن موازٍ للنظام البنكي (المركزي) الذي تعرض لاهتزاز عام 2008، والضخ الكمي للعملات النقدية والذي يمكن أن يخلق مشكلة تضخم ولا يخلو من الفساد والتلاعب. ثانياً، حصول مفهوم الندرة وقلة المعروض الذي يعطي البتكوين قدرة على حفظ القيمة.
بالنسبة للنقطة الأولى أحب أن أذكر بأن هذه البنوك المركزية الكبرى في دول مؤسسات راسخة في مدنيتها، وهذا ما أكسبها ثقة واستقراراً مثل الولايات المتحدة ودول اليورو وبريطانيا واليابان وغيرها، التي شكلت مجتمع الدول المتقدمة وتأصيل مفهوم المؤسسات، حيث هذه البنوك المركزية لها استقلالية عالية نسبياً، والقرارات في داخلها ليست فردية بل بالتصويت كأنها برلمان، بالإضافة إلى أن محافظ البنك المركزي عليه تقديم وجهة النظر لبرلمان الدولة والإجابة على تساؤلات الأعضاء، هذا لا يعني أنه لا تحدث أخطاء، لكن المهم إمكانية طرح الحلول وإنقاذ المؤسسات كما حدث عام 2008، والذي حقق نمواً استمر لسنوات، أعاد خفض قيمة النقد المصدر قياساً بالناتج المحلي الأميركي، ولم يرتفع التضخم كثيراً برغم انخفاض نسبة العاطلين لمستوى قياسي، ولو نعود للتاريخ كان لهذا النظام النقدي الذي تحرر عن الذهب - المحدود الكمية مثل البتكوين - عام 74 فضل في نمو الاقتصادات النامية في ذلك الوقت مثل اليابان وألمانيا وموجة الدول النامية الآسيوية لاحقاً بفضل مرونة هذا النظام الذي يعطي الإنسان بشكل متعدد وبدون سلطة مطلقة مثل البرلمان قدرة الابتكار والمعالجة. ثانياً، السياسة النقدية هي إحدى أدوات المدرسة (الكنزية) للتدخل والتحفيز وإنقاذ المؤسسات الإنتاجية، والأهم خلق الثقة في المجتمع، وتدخل الدولة في أوقات تاريخية حرجة بشكل استثنائي، لذلك فالبنوك المركزية المرتبطة بدول مؤسساتية أكثر استقراراً. أخيراً، يوجد تطور رقمي كبير في الصين ومخاوف من خلق نظام رقمي يلتف على الدولار وغيره من العملات السيادية، وهذا ما ذكره peter thiel في منتدى الرئيس نكسون موخراً، وهو من كبار المستثمرين في البتكوين، واعتبرها من الأسلحة التي يمكن أن تستخدم ضد دول المؤسسات، بمعنى أن كبار المستثمرين ورجال التقنية لديهم وعي بضرورة بقاء العملات السيادية خوفاً من الصين من باب أخلاقي دفاعاً عن الحريات والحقوق.
ما هو واضح أن العملات الرقمية يمكن أن تؤثر على النظام البنكي وليس أن تحل محل عملات الدول، في ورقة بحث قدمها (فابيان ساشر) من فيدرالي لوزيانا أن تقنية سلسلة الكتل blockchain وارد جداً أن تغير النظام البنكي، وأن تأسس لنظام لا مركزي مالي DEFI يساعد في رفع درجة الأمان للحوالات والحسابات والشفافية وانخفاض التكاليف وظهور خدمات آلية من منتجات تأمين ومشتقات مالية لكن تحت إطار محدد وواضح، حيث سيتطلب ذلك اختيار عملة مشفرة مستقرة السعر stablecoin fiat ثابتة السعر وليس البتكوين المتذبذب، مثل ما قررت visa مؤخراً إصدار عملة رقمية ثابتة السعر للدولار، وأيضاً تحت إطار رقابة مكتب FinCEN الذي يقترح فرض قوانين أكثر صرامة على العملات الرقمية من ضمنها البتكوين لرفع الشفافية والمعلوماتية لقبولها في النظام النقدي، في موازنات البتكوين تستطيع رؤية الحوالات المالية لكن لا تستطيع معرفة من هم أصحابها، وأثر متطلبات مكتب الرقابة المالية غير معروفة انعكاساته، لكن يمكن أن يعيق دخول البتكوين أكثر في الحياة اليومية، عموماً حتى الآن حجم الصفقات للبتكوين في الثانية الواحدة يقابله 4800 صفقة من Visa وهذا مؤشر للاستخدام المحدود للبتكوين.
القناعة الثانية، هل البتكوين مصدر لحفظ القيمة؟ هنا لو استخدمنا قاعدة العرض والطلب، وحسب ما توضح المقدمة فإن الطلب عليها للاستخدام محدود، ولكن الطلب للاستثمار ينقسم إلى قسمين: الشراء من المؤسسات احتمال كبير أن لا يكون واعداً في ظل استخدامها القليل، والتذبذب العالي للبتكوين والذي لا يجعلها مقابلاً للذهب حسب سياسات الحوكمة التي تلتزمها كثير من هذه الصناديق، حيث أقصى تذبذب للذهب كان 30 % عام 2013، وهو تصحيح بعد ارتفاع كبير بعد الأزمة المالية بينما البتكوين انخفضت 80 % عام 2014 و2017 وعند ظهور الوباء انخفضت 29 % ولم ينخفض الذهب أكثر من 12 % لذلك فسر تقرير jpmorgan بأن دخول الصناديق في البتكوين مؤقت وانتهازي، المشكلة الثانية أن الانبعاث الكربوني للتعدين في ظل معادلة خوارزمية معروفة وتقنية تستهلك كمية كهرباء عالية يقدر أنها تعادل دولة نيوزلندا، فهي تتطلب مصادر كهرباء رخيصة والتي تنتج من الوقود الأحفوري، وأن أكبر الدول المعدنة هي الصين 65 %، وروسيا 6.9 %، وإيران 3.8 % (حسب بيانات Cambridge Bitcoin) يمكن أن تفرض قوانين تمنع استثمار الصناديق في البتكوين لأسباب بيئية مثل ما يفرض على الشركات ذات الانبعاث الكربوني العالي. الطاقة التي تستهلكها البتكوين في الصفقة الواحدة تخلق انبعاثاً كربونياً يعادل 700 ألف لـVisa حسب تقديرات Digiconomist، وهذا يمكن أن يجبر الصناديق أن تفرض على حكومتها عدم الاستثمار في البتكوين وبالتالي تفقد مستثمراً يمنحها الاستقرار بخلاف المستثمر الفردي الذي بطبيعته أكثر تذبذباً ومدة استثماره أقل زمانياً مع مراعاة أن 1000 شخص فقط يمتلكون 40 % من كل البتكوين، وهي أصول لا تدر عوائد، لذلك تماسكهم هو محل تساؤل خصوصاً لو تعرض أحدهم للإفلاس لأسباب شخصية أو استخدم رافعة مالية مقابل هذه الأصول أو شعر أن البتكوين وصلت لارتفاعات لن تستمر أو لن تصل لمستوى أعلى.
لكن ما الدواعي لشراء البتكوين إذا افترضنا أنها لن تحل بدل النظام النقدي والبنكي ولا تحافظ على القيمة بشكل أقل تذبذباً، أعتقد أن لهذا الكائن الرقمي استخداماً مهماً لم نفهمه، وسأسميه (الاستثمار البديل للمخاطر المرتفعة) لكل أنواع المستثمرين، بمعنى برغم تذبذبها العالي فهي ادخار واستثمار مقبول لفرد يعيش في دولة تعاني الاضطرابات والتضخم المفرط مثل فنزويلا أو نيجيريا واللتين تفتقدان الأمن، ويخاف أهلها من اكتناز الذهب بخلاف شفرة البتكوين أو في الدول خارج النظام البنكي والتي تفرض عليها عقوبات مثل إيران، وفي الدول الغنية في حالة ارتفاع الفوارق الطبقية مع عدم إيمان بعضهم بأسواق المال، فالبتكوين مخاطرة مقبولة له (أفضل من شراء ورقة اليانصيب)، ومؤخراً مع ارتفاع العائد على السندات يمكن أن يرى فيها المستثمرون المؤسساتيون بديلاً لأسهم ذات مكررات عالية يتوقع السوق أن تتعرض لتصحيح كبير، مثلاً منذ بداية التذبذب انخفض سهم عالي المكررات مثل "تسلا" 14 % وارتفعت البتكوين 5 % كذلك قطاع التقنية كان أقل عوائد خلال نفس الفترة بسبب المكررات العالية، ويظل حتى الآن حجم البتكوين من حجم الاقتصاد العالمي للعام الماضي 1.2 % لذلك البتكوين كاستثمار بديل عالي المخاطر يتأثر بالمخاطر الجيوسياسية والأزمات الاقتصادية وحركة الأسواق، عموماً هذه ملاحظة وليست دليلاً قاطعاً.
أخيراً أختم حديثي بأن البتكوين هذا الكائن الرقمي الحديث كانت هناك مبالغة في دوره الاقتصادي وأيضاً هناك مبالغة في إلغاء أهميته وتجاهل إضافته، حتى الآن أراه استثماراً بديلاً ذا مخاطر عالية لن ينتهي تذبذبه العالي، ويمكن أن يكون له آفاق أكثر أو أقل، لكن ماذا عن الغد؟ قد تكون هناك متغيرات عديدة، فقد أكتب شيئاً آخر بعد سنوات.
نقلا عن الرياض
البتكوين مثل الدولار قادم بتشوفه فوق 100 الف دولار للعلم توجد عملات غير البتكوين ممتازه افهم بعمق كيف تعمل التقنية وكل عمله لها مشروع منها الجيد والممتاز ومنها الفشنك لاشي بقية العملات مرتبطه بلبتكوين كمقياس مثل الدولار سوف ينتهي البتكوين عند 21 مليون ويتضخم سعره لانه مقياس للمعلات الاخرى وسوف يقاس كل ساتوشي بقيمة العملات الرقميه الاخرى توجد عملات افضل تقنيا من البتكوين واسرع فى النقل والامان شكرا
اللي افهمه ان العملات بألاساس مقياس قيمة بعد عصر المقايضة استخدم البشر الذهب و الفضة والنحاس كمعيار لتقييم السلع ثم اخترعوا البنكنوت كبديل اسهل للنقل والتخزين لكن مضمون بالذهب او الفضة مثلاً الريال السعودي الورقي كان مكنوب فيه تعهد باستبداله بريال فضة حين الطلب ثم الغيت هذه التغطية لكن الدولار ونسبياً عملات اخرى اصبحت معيار للقيمة واداة للتبادل السلعي والخدماتي حتى الآن. السؤال هل البيتكوين و اخواتها تقوم بهذا الدور او ستقوم به مستقبلاً؟ البتكوين تذكرني بهوجة مكاين الخياطة هل تتذكروها؟