في المقال السابق استعرضنا أهمية حوكمة الشركات العائلية. حتى تكتمل الفكرة يمكن أن نطلع على أهم التحديات التي قد تواجه الشركات العائلية وتتسبب في فشلها من منظور حوكمة الشركات العائلية. من خلال اطلاع وقراءة وبحث عن أهم التجارب التي أدت إلى سقوط الشركات العائلية وفشلها، وربطها بمفاهيم وقواعد حوكمة الشركات، يمكن أن نقول: إن التحديات التي تواجه الشركات العائلية كثيرة ومستويات الخطورة فيها متنوعة، وطرق التعامل مع هذه الأخطار مختلفة وقد تأتي بنتائج عكسية. في هذا الزمن تأتي التنافسية Competitiveness والاحترافية Professionalism على قائمة المخاطر التي يجب أن يعيها مالكو هذه الشركات، للتعامل بشكل سليم في عالم متموج وفق المصالح.
من أهم المخاطر أن يظل المؤسس منغمسا في الأعمال الروتينية في سبيل بناء إمبراطورية تجارية، دون التنبه لعامل الزمن وضرورة إعداد خطة للتعاقب الوظيفي succession planning وتجهيز الصف الثاني من القيادات التي ستواصل المحافظة على الكيان وبنائه بالتوجه نفسه. وفي حال انتقال الإدارة لأي سبب يبدأ السقوط إلى الهاوية. ومن المخاطر كذلك الاعتقاد بعدم أهمية الفصل بين الملكية والإدارة The separation of ownership and management فيظل مؤسس المشروع هو المتحكم في كل شيء، ومع تطور الأعمال وظهور أشكال جديدة من التحديات، يفشل مالك المشروع في مواكبة التطورات فتسقط تلك الكيانات وتضمحل. من المخاطر أيضا، الاعتقاد أن أبناء المؤسس قادرون على إدارة المشروع مثل والدهم، والاتكالية لحين الاضطرار لإشراكهم في صنع واتخاذ القرار، فتبدأ قصص الخيال بالظهور، ويبرز كثير من التصرفات غير الواقعية التي تنم عن إهمال وفشل في إعداد قيادات متوائمة لخدمة الكيانات العائلية.
بحسب رئيسة كرسي أبحاث الشركات العائلية في كلية الأعمال في جامعة Navarra الإسبانية والمؤسس منذ عام 1978، لدعم الشركات العائلية، فإن أهم خمسة أخطاء يجب ألا تقع فيها الشركات العائلية تتمثل في: أولا: افتراض أن العمل يسير داخل العائلة وبسببها فقط. وهنا دائما ما تكون الأخطاء التي لا يشعر بها الملاك، وهي تفضيل الأبناء على الكيانات، فتكون النتيجة مدمرة لجميع الأطراف، فلا بد من استكشاف مواصفات كل فرد في العائلة ومعرفة قدراته، والتمييز بين أن يتم التعاقب من داخل العائلة أو من الأفضل اللجوء إلى إدارة محترفة.
ثانيا: الخلط بين العلاقات الشخصية والعلاقات الأسرية. الفصل بين العمل والعلاقات العائلية أمر مهم في إدارة الشركات العائلية، فمجلس المستشارين أو مجلس إدارة الشركة ليس منتدى أو ملتقى أسريا، بل هو جزء من الإدارة المحترفة ويجب التمييز بين الاثنين.
ثالثا: الاعتقاد بأن قواعد السوق لا تنطبق. الشركات العائلية جزء من المحيط الاقتصادي، وتواجه ما تواجهه سوق الأعمال، ووجود امتيازات أو تفضيلات لا تتوافق مع قواعد سوق قد يكون من أكبر الأخطاء التي تقع فيها الشركات العائلية.
رابعا: تأجيل التخطيط للتعاقب الإداري. فكرة أن يتخلى المؤسس عن العمل ويسلم الدفة لغيره، قد تكون من أصعب ما يواجه ملاك الشركات العائلية، وقد تكون سببا في فشل الشركة في الاستمرار أو مواكبة المتطلبات. وبحسب دراسة أجراها كرسي الأبحاث مع كل من KPMG وRussell Reynolds Associates وجدت أن أكثر من نصف الشركات العائلية يفتقر إلى وجود خطة للتعاقب الوظيفي على مستوى القيادات.
خامسا وأخيرا الاعتقاد بأن الشركة لن تواجه ظروفا صعبة. الاعتقاد بأن الشركة لن تصطدم بمعوقات بسبب ضعف حوكمتها، اعتقاد خاطئ، ويمكن أن يتسبب في نهايتها. لذلك الوقاية خير من العلاج، وتأتي من خلال التخطيط الجيد والعمل باحترافية.
ولتستمر هذه الكيانات لا بد أن تتنبه إلى هذه المخاطر والعمل على حلها مبكرا.
نقلا عن الاقتصادية
الخلط بين العلاقات الشخصية والعلاقات الأسرية. الفصل بين العمل والعلاقات العائلية