خلال الاثني عشر شهراً الماضية، زادت قيمة «بتكوين» بأكثر من 350 في المائة، وتعدى سعرها 49 ألف دولار، ووصلت القيمة السوقية لعملات بتكوين أكثر من 870 مليار دولار، أي أكثر من ضعف قيمة «جي بي مورغان»، أكبر بنك في الولايات المتحدة من ناحية القيمة السوقية. هذه حقائق لا يمكن إنكارها عن أشهر وأقوى العملات الرقمية، التي شهدت تقلبات كثيرة خلال الأربع سنوات الماضية، لتحقق الآن أعلى سعر لها منذ استحداثها عام 2008.
ومع تحقيق «بتكوين» هذه الارتفاعات خلال أشهر، وليس بشكل فجائي، إلا أن ما أعادها لتتصدر الأخبار مرة أخرى هو استثمار أثرى أثرياء العالم (إيلون ماسك) بشرائه عملات بتكوين بنحو 1.5 مليار دولار من احتياطيات شركة «تيسلا». صاحب هذا الشراء ارتفاع صاروخي بأسعار العملة الرقمية. وقد سبق لـ«بتكوين» أن شهدت الارتفاع نفسه خلال عام 2017 حين وصلت لقرابة 19 ألف دولار، قبل أن تهبط بعد ذلك بأكثر من 70 في المائة لتصل إلى نحو 3 آلاف دولار. إلا أن الارتفاع هذه المرة يبدو مختلفاً، ومدفوعاً بأسباب لا تتشابه مع تلك التي سببت الارتفاع نهاية عام 2017 وبداية عام 2018.
أبرز هذه الأسباب هو اختلاف نوعية المستثمرين التي بدأت في الاستثمار في «بتكوين»، ففي حين كان أغلب المستثمرين قبل 3 سنوات من الأفراد، شهدت الأشهر الأخيرة دخولاً واضحاً من المؤسسات الاستثمارية، ولم يكن دخول إيلون ماسك مفاجئاً للكثير من المتابعين لهذه العملات، فقد بدأت مؤسسات كثيرة في الإعلان عن الاستثمار في عملات بتكوين كان من أشهرها «بي إن واي ميلون»، وهو أقدم بنك أميركي. كما أعلنت «ماستر كارد» عن قرب دعم اختيار العملات الرقمية في شبكاتها مما يعني إمكانية شراء العملاء من المتاجر باستخدام العملات الرقمية.
وقد أكدت دراسة أن دخول المستثمرين - لا الأفراد - سبب رئيس في ارتفاع أسعار «بتكوين» هذه المرة، مستدلة بعدد تكرار البحث عن «بتكوين» في محركات البحث، ففي حين اقترن ارتفاع «بتكوين» عام 2017 بزيادة عدد الباحثين عنها في محركات البحث، لم يقترن الارتفاع في الأشهر الأخيرة بارتفاع مشابه، وهو ما يعني أن ارتفاع 2017 تسبب فيه عدد كبير من صغار المستثمرين، بينما الارتفاع الأخير تسبب به عدد قليل من كبار المستثمرين.
ويبدو أن المؤسسات الاستثمارية بدأت في التفكير في «بتكوين» على أنها «أصول رقمية» من باب التنويع في الأصول المستثمرة، وهو مفهوم جديد لا يبدو أنه تبلور بشكل كافٍ، إلا أن استثمار شركات ضخمة في هذا النوع من الأصول يعني أنها أصبحت بالفعل أصولاً رقمية. وما دفع المؤسسات الاستثمارية إلى الاستثمار في «بتكوين» - وهو أيضاً دافع لكثير ممن استثمروا فيها خلال الأشهر الأخيرة - هو التخوف من التضخم المتوقع الذي قد يحدثه دعم البنوك المركزية للاقتصادات المحلية بسبب جائحة «كورونا». حيث يرى الكثير من الخبراء أن هذا التضخم مسألة وقت، وأن البنوك المركزية فقدت ثقة المستثمرين مع إصرارها على خفض سعر الفائدة.
وارتفاع «بتكوين» - كما في المرة السابقة - مصحوب بجدل بين المحبين والكارهين لها، والتعبير بكونهم محبين وكارهين قد يكون مستغرباً في عالم الاقتصاد، إلا أنه أمر واقعي في حالة «بتكوين». فالمستثمرون في «بتكوين» وصلوا مرحلة من الهيام بها، وأصبحوا يرون فيها نوعاً جديداً من الذهب، وأنها قد تصبح الاحتياطي الرئيسي في العالم، وأنها قد تصل إلى نحو 400 ألف دولار في حال أصبحت كذلك. أما الكارهون فهم يرون فيها بُعداً عن المنطق، وخروجاً عن المألوف في عالم المال، ولم تختلف انتقاداتهم منذ أن لمع نجم «بتكوين»، فهي في نظرهم أنها لا تستند على احتياطي واقعي، وغير مدعومة ببنك مركزي - وهي ميزة في نظر المحبين لها - ومتقلبة دون مبرر، وهي مدعومة من الممثلين والمشاهير الذين يدفعون بها للارتفاع بتغريداتهم وإعلاناتهم.
إن ارتفاع «بتكوين» لهذا المستوى غير مستغرب في ظل فقدان الثقة بالاقتصاد التقليدي مع أزمة «كورونا»، ودخول المؤسسات الاستثمارية فيه تسبب في ارتفاعها مع أن غالبية هذه المؤسسات لم تدخل إلا بنسبة بسيطة من أصولها لم تتعد في كثير من الأحيان 2 في المائة. إلا أن هذه النسبة من هذه المؤسسات الضخمة أثرت على العرض والطلب فيها، وأضافت ثقة لمستثمرين جدد بالاستثمار في هذه العملة، وهو ما يعني بكل تأكيد أن إنكار «بتكوين» - سواء بصفتها عملة رقمية أو أصلاً رقمياً - أصبح شديد الصعوبة، وأن خطر وصول سعر العملة إلى الصفر لم يعد خطراً حقيقياً على هذه العملة.
نقلا عن الشرق الأوسط
من وجهة نظري ان الذي اختلف هو ارتفاع معدل الهوس ببلوغ السراب
البيت تكوين هل لها مركز رئيسي او بنك مركزي يدعمها ويصدرها ولماذا اغلب البنوك المركزيه تمنع التعامل فيها؟