نتيجة للتقدم العلمي ووفرة الموارد أصبح العالم يتسابق نحو المستقبل. ما كان خيالا علميا في السابق سيصبح حقيقة ملموسة قريبا. نتيجة للتقدم التقني الذي يشهده العالم حاليا، سيتبدل كثير من مكونات الحياة، أنظمة الاتصالات، النقل، التعليم، الصحة، العملات وكل ما يحيط بنا. وأصبح الانسان أكثر قدرة على الاستفادة من الموارد المتاحة، مع فكر متقدم يسهم في ترشيد الانتفاع وتحقيق التنمية المستدامة.
يعيش العالم عصر الثورة الصناعية الرابعة التي يسيطر عليها الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence كأحد أهم محاور المستقبل. وبدأت ثقافة العيش على كوكب الأرض تتبدل نحو تطبيقات الجيل الخامس الذي سيسيطر على الحياة، ويعزز النمو والتنمية المستدامة التي تحافظ على موارد الطبيعة وتنميها. يعزز ذلك التقدم العلمي والتقني الهائل المتمثل في تقنيات الجيل الخامس للشبكات، وتقنيات الإنترنت وإنترنت الأشياء IOT والذكاء الاصطناعي AI.
المدن الذكية Smart city كما عرفها الاتحاد الدولي للاتصالات، هي مدن مبتكرة توظف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحسين نوعية الحياة، وكفاءة العمليات والخدمات الحضرية، والقدرة على المنافسة. وينبغي أن تلبي احتياجات الأجيال الحالية والمقبلة فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية.
تتعدد تعريفات المدن الذكية، وحسب (Frost & Sullivan 2014) ثمانية جوانب رئيسة تحدد المدن الذكية، تشمل: الحوكمة الذكية، والطاقة الذكية، والمباني الذكية، والتنقل الذكي، والبنية التحتية الذكية، والتكنولوجيا الذكية، والرعاية الصحية الذكية والمواطن الذكي. وهذا يشمل الحوكمة الذكية: للخدمات العامة والشفافية، الاقتصاد الذكي: لتشجيع الابتكار والريادة والإنتاجية، الحركة الذكية: لتوفير البنية التحتية الذكية للنقل العام والاتصالات، البيئة الذكية: وتعني الحماية من التلوث وإدارة الموارد الاقتصادية، الإنسان الذكي: من خلال الاستثمار في بناء الإنسان القادر على مواكبة التطورات، الحياة الذكية: بكل ما تشمله من ثقافة وصحة وسكن وأمن.
بدء اهتمام دول العالم بتنمية المدن الذكية والتحول نحو مدن ذكية تحافظ على التنمية المستدامة وتقلل من مخاطر الحياة على البيئة منذ مطلع هذا القرن. وأصبحت دول العالم تملك استراتيجيات للتحول نحو المدن الذكية، وكثير من التجارب بالتعاون مع الاتحاد الدولي للاتصالات تسعى لتحقيق هذا التحول مع الارتباط بتحقيق أهداف التنمية المستدامة SDGS. ومن الأمثلة نحو هذا التحول رؤية لندن الذكية نحو استخدام الطاقة الإبداعية للتكنولوجيا الحديثة لتحسين وخدمة ظروف المعيشة فيها، سنغافورة الذكية حققت المركز الأول بين المدن الذكية في عام 2009 حسب تصنيف Forbes.
رؤية المملكة 2030 تسعى لتحقيق التميز العالمي، ومن هذا المنطلق فقد أعلن ولي العهد، إطلاق "ذا لاين" The Line المدينة الذكية السعودية في نيوم NEOM لتكون نموذجا مبهرا لما يمكن أن تكون عليه المجتمعات الحضرية مستقبلا، ومخططا يكفل إيجاد التوازن للعيش مع الطبيعة. وستسهم المدينة في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 من خلال التنويع الاقتصادي، وستوفر 380 ألف فرصة عمل، إضافة 180 مليار ريال إلى الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030.
وقال الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، رئيس مجلس الإدارة: على مدى العصور بنيت المدن من أجل حماية الإنسان بمساحات ضيقة. وبعد الثورة الصناعية، بنيت المدن لتضع الآلة والسيارة والمصنع قبل الإنسان. المدن التي تدعي أنها هي الأفضل في العالم، يقضي فيها الإنسان أعواما من حياته من أجل التنقل، وستتضاعف هذه المدة في 2050، وسيهجر مليار إنسان بسبب ارتفاع انبعاثات الكربون وارتفاع منسوب مياه البحار".
ستكون "ذا لاين" مشروع المدينة الذكية الأولى في العالم، وتبنى لتكون ذكية ومصدرا لتحقيق التنمية المستدامة للأجيال.
نقلا عن الاقتصادية