تعمل الدولة على زيادة نسبة توظيف النساء. طبعا هناك فئة من النساء لديهن ظروف مادية صعبة تجعلهن بحاجة إلى وظائف، وهناك من ليست لديها تلك الظروف وهناك حالات بين بين.
من المهم التدرج في التطبيق. ذلك أن ضعف توظيف النساء ليس حصيلة أوضاع تطورت في سنة أو سنتين، بل هو محصلة تغيرات كبيرة من جهة، ومحصلة عوامل تعودنا عليها عبر السنين من جهة أخرى. أذكر من هذه العوامل التستر والاعتماد المبالغ فيه على الاستقدام خلال عشرات السنين.
التدرج في زيادة نسبة توظيف النساء لا علاقة له بأمور حفظ الحقوق ولا بتحسين وضع تشريعات وتنظيمات لدعم توظيف النساء للحرص على أن تعمل المرأة في بيئة عمل تتميز بالخصوصية والاستقلالية.
طبعا يعرف المسؤولون في الجهات الحكومية ذات الاختصاص أهمية أن بناء سياسات وقوانين توظيف وما يبنى على التوظيف يراعى فيها التدرج في التطبيق والانسجام مع طبيعة النظام الاقتصادي في بلادنا. بمعنى إتاحة فرص متساوية مع الرجال لتوظيف المرأة طالما لا توجد معوقات معتبرة. ولا يخفى على أولئك المسؤولين أهمية تقليل الميزات التي تجعل أصحاب الأعمال يفضلون توظيف جنس بعينه، طالما أن الوظيفة متاحة للجميع.
وما سبق يعني ضمن ما يعني أن السياسات المتبناة في التوظيف لا تدعم توظيف جنس بدلا من جنس. لأن الهدف تحسين الدخل ضمن ترتيبات لا تؤثر سلبا في طرف. والمقصود ليس الوظائف الخاصة بكل جنس، بل الوظائف التي يمكن للجنسين شغلها. وإن أكبر جهتين موظفتين هما التعليم والصحة. ولا مشكلة في التعليم حيث مدارس البنين منفصلة عن مدارس البنات. ومن ثم تظهر لدينا مسألة في التوظيف الصحي.
قطاع الخدمات الصحية الخاصة كبير ومتنوع ومتفاوت في أمور كثيرة كحجم منشآته وطبيعة المهارات والخبرات المطلوبة، وساعات دوامه.
لكن الرغبة للعمل في القطاع الخاص لأغلب الأطباء السعوديين بصفة عامة خاصة حديثي التخرج الرغبة أقل من الرغبة في قطاع الخدمات الصحية الحكومي. أي أن الخريجين يفضلون الوظيفة الحكومية تفضيلا شديدا. ولا تخفى على المسؤولين هذه المشكلة. والأسباب كثيرة أهمها ثلاثة: انخفاض الرواتب مقارنة بالحكومة، وساعات العمل المتأخرة مقارنة بساعات عمل الأجهزة الصحية الحكومية، وكون الوظائف في أماكن لا يرغبها الخريج. وهنا لوزارتي الصحة والموارد البشرية التدخل بما يخفف المشكلة تخفيفا ملموسا.
أساسيات:
1. التدرج في التطبيق لا يعني التساهل في جدية التطبيق.
2. الضغط تجاه تقليص تدريجي للفروق بين القطاعين، في الرواتب والدوام.
3. مراجعة السياسات بهدف التقليل قدر الإمكان من تضرر أحد الطرفين (أصحاب الأعمال والموظفين) من الآخر من التنفيذ. مثلا يمكن دعم بعض تكاليف تدريب السعوديين وتوزيعها.
وهنا تطبيق على مهنة طب الأسنان.
توطين طب الأسنان يصطدم بالرواتب والدوام والمكان. أغلبية أطباء الأسنان في الأجهزة الحكومية سعوديون، ولكن السعوديين أقلية في القطاع الخاص، حتى بعد زيادة نسبتهم إلى مجموع أطباء الأسنان من 5 في المائة في عام 1437 إلى 15 في المائة في 1439 – المصدر الهيئة العامة للإحصاء. وحتى لا يساء الفهم، تركز الارتفاع في أماكن دون أماكن. ولم يكن الارتفاع بسبب إحلال سعوديين مكان غير سعوديين، فقد زاد عدد أطباء الأسنان غير السعوديين في القطاع الخاص 10 في المائة خلال الفترة نفسها.
من الملاحظ أن عدد الخريجين كاف وزيادة لشغل الوظائف الجديدة في القطاعين في الأعوام الأخيرة. وهذا يعني حاجة مستقبلا إلى سياسات وتنظيمات تراعي هذه النقطة. والموضوع يتطلب تفاصيل لا يتسع لها المقال.
من جهة أخرى، معروف أن البنات وبصفة عامة أعلى في المعدلات الدراسية من الأولاد. الأسباب كثيرة منها أسباب موضوعية كتعود المجتمع على إسناد بعض الأعمال خاصة خارج البيت إلى الذكور، وكون قيادة المرأة للسيارة حديثة عهد في بلادنا ما أعطى البنات وقتا أفضل للمذاكرة مقارنة بالبنين.
التوظيف على أسس ربما كان أهمها المعدلات الدراسية. وهذا سيؤخر فرصة التحاق نسبة كبيرة من الأطباء الذكور بوظيفة حكومية. وهذا أمر لا يخفى على الجهات المعنية. ولعلهم وصلوا أو في طريقهم للوصول إلى حلول تعطي بعض الاعتبار للظروف الأخرى إضافة إلى المعدل الدراسي.
نقلا عن الاقتصادية