15 تريليون دولار: هذا هو حجم المبالغ التي سيتم استثمارها في طاقات توليد جديدة على مستوى العالم خلال العقود الثلاثة المقبلة. سيصب معظم هذه المبالغ - 80 في المائة - في مصادر الطاقة المتجددة. هذا بالتأكيد يجعل التحول في نظام الطاقة العالمي مكلفا، لكن لم يتوقع أحد أبدا أن يكون التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة رخيصا. ومع ذلك، فإن حجم الاستثمارات التي سيتم توجيهها نحو توسيع أنظمة طاقة الرياح والطاقة الشمسية والأنظمة المرتبطة بها لن تكون هي التكاليف الوحيدة التي سيتم تحملها أثناء الانتقال إلى نظام جديد. قد تكون هناك أيضا تكاليف بيئية باهظة.
تقرير "بلومبيرج" لتمويل الطاقة الجديدة الذي يقدر حجم الاستثمار لمدة 30 عاما في الطاقة، ذكر أيضا أنه بين عامي 2020 و2050، سيتم استثمار 14 تريليون دولار أخرى في الشبكة الكهربائية، التي من المرجح أن تتكيف مع التوسع في استخدام الطاقة الشمسية والمتجددة، ووفقا للتقرير، ستشكل 56 في المائة من إجمالي طاقة التوليد العالمية بحلول عام 2050. هذه الاستثمارات من المتوقع أن تحدث طفرة في مجال التعدين. حيث تتطلب طاقة الرياح، مثل الطاقة الشمسية، كثير من الفلزات والمعادن الأخرى لإنتاج المكونات الأساسية للمنشآت. لذلك، مع زيادة الطلب على توربينات الرياح والريش يزداد الطلب على المعادن التي تصنع منها. الأمر نفسه ينطبق على الفلزات والمعادن اللازمة لإنتاج الألواح الشمسية.
نذكر هنا مثالا واحدا فقط يوضح هذا الاتجاه: لقد توقع تقرير صادر عن البنك الدولي عام 2017، أن يرتفع الطلب على الفضة من 24 ألف طن سنويا في ذلك الوقت إلى أكثر من 400 ألف طن سنويا. وهذا في أفضل سيناريو. في ظل السيناريو الأسوأ، قد يتجاوز الطلب على الفضة 700 ألف طن سنويا.
هذه زيادة كبيرة ستتطلب توسعا كبيرا في عمليات التعدين، التي تعد كثيفة الاستخدام للطاقة، وليست صديقة للبيئة بشكل خاص للحصول على موارد محدودة من الأرض. أضف الآن إلى الفضة مجموعة من المعادن الأخرى المستخدمة في منشآت الطاقة المتجددة، ما يتطلب توسعا أكثر في عمليات التعدين، ما يضيف تكاليف اقتصادية واجتماعية وبيئية إلى عملية التحول في نظام الطاقة.
ثم هناك تخزين الطاقة، التي بدونها لن يحدث التحول في نظام الطاقة العالمي. في الواقع، يتساءل البعض عما إذا كان بالإمكان أن يحدث التحول في ظل مرحلة التطور الحالية في تقنيات تخزين الطاقة. قبل عامين، شكك مقال نشر في مجلة التكنولوجيا لجامعة ماساتشوستس في جدوى التحول في نظام الطاقة على وجه التحديد بسبب تخزين الطاقة، حيث ذكر المقال أنه لا يزال باهظ التكلفة في ضوء حجم التطور الذي يحتاج إليه هذا القطاع ليواكب عملية التحول.
في هذا الجانب، قدر البنك الدولي عام 2017 أن سعة التخزين على نطاق الشبكة ستحتاج إلى الارتفاع من 100 جيجاواط عام 2015 إلى 305 جيجاواط. في حين قدم تقرير الوكالة الدولية للطاقة لعام 2014 تقديرا أعلى، حيث ذكر التقرير من الضروري توفير ما يصل إلى 500 جيجاواط من طاقة التخزين بحلول عام 2050. في عام 2015، تقريبا كان جميع مخزونات الطاقة المتاحة - 99.3 في المائة - على نطاق الشبكة من المساقط المائية. ومع ذلك، لا يمكن الحفاظ على هذه النسبة المئوية، لأن مساقط المياه لها حدود. يبدو أن البطاريات هي البديل، لكن بتكلفة أعلى.
في وقت مبكر من هذا الشهر، أعلنت شركة تسلا ونيوين الفرنسية أنها ستصنع بطارية بطاقة 300 ميجاواط (450 ميجاواط - ساعة) في مدينة فيكتوريا في أستراليا. سيكون حجم هذه البطارية ضعف الرقم القياسي السابق، وكان أيضا في أستراليا بطاقة 100 ميجاواط (أي 129 ميجاواط - ساعة). ومع ذلك، فإن طاقة التخزين في حد ذاتها لا تعطي تصورا واضحا للشخص العادي. في هذا السياق، ستكون المنشأة التي تبلغ قدرتها 300 ميجاواط قادرة على تخزين ما يكفي من الطاقة المتجددة لتشغيل نصف مليون منزل لمدة ساعة واحدة فقط. سيكلف المشروع 84 مليون دولار. هناك بطاريات يمكنها توفير الطاقة للمنازل لأكثر من ساعة، ويجري تطوير مزيد منها. لكن قدرتها لا تزال محدودة لبضع ساعات، ما جعل بعض المراقبين يقارنونها بما يسمى محطات الذروة المستخدمة أثناء زيادة الطلب على الطاقة. في الواقع، لم يتم التوصل بعد إلى بطاريات يمكن من خلالها الحصول على مصدر طاقة ثابت يعتمد بشكل أساس على الطاقة المتجددة.
في الشهر الماضي، قدرت "وود ماكينزي" أن تحول نظام الطاقة سيتطلب تريليون دولار من الاستثمارات في عديد من المعادن الرئيسة. بعبارة أخرى، سيحتاج العالم إلى ما يقرب من ضعف الاستثمار في معادن حيوية لتحول نظام الطاقة على مدار الـ 15 عاما المقبلة مقارنة بما استثمر على مدار 15 عاما الماضية. وبعد ذلك، بنحو 20 إلى 25 عاما، سيتعين إيقاف عديد من المعدات المصنوعة من هذه المعادن. هذا يعني دفنها في مكبات النفايات، لأنه لا يمكن إعادة تدوير جميع معدات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
على سبيل المثال، لا يمكن إعادة تدوير ريش الرياح. حيث إنها مصنوعة من الألياف الزجاجية، وبالتالي يتم إلقاؤها في مكبات النفايات، وإرسالها إلى ما يسمى مقابر ريش الرياح، أو في بعض الحالات، يتم حرقها في أفران التعدين، ما يؤدي إلى انبعاثات. الألواح الشمسية قابلة لإعادة التدوير في الأغلب، لكن العملية ليست مربحة بشكل خاص، وهو ما يمثل رادعا للشركات: غالبا ما يتم التغاضي عن حقيقة أن عملية إعادة التدوير هي عمل تجاري بحت مثل أي عمل آخر، وإذا لم تحقق ربحا، سيتحول المستثمر إلى شيء آخر. نتيجة لذلك، يتجه عديد من الألواح نحو مدافن النفايات، ما يزيد التكاليف البيئية لتحول نظام الطاقة لأنها تحتوي على مواد سامة.
إن تحول نظام الطاقة العالمي، بقدر ما هو ملح، وفقا لبعض المصادر، إلا أنه لن يكون رخيصا. لكن إضافة إلى التكاليف الواضحة لتوسيع سعة توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، التخزين، وتكييف الشبكة مع زيادة مشاركتها في مزيج الطاقة، يبدو أن هناك تكاليف أخرى نصف مخفية ليست اقتصادية فحسب بل اجتماعية وبيئية أيضا. لذلك عند التحدث عن التحول في نظام الطاقة العالمي، يجب أن ننظر بواقعية أكثر إلى متطلبات وتكاليف هذا التحول.
نقلا عن الاقتصادية
كل مايجري بالاساس والبدايه ماهو الا محاوله من الغرب للابتعاد عن ( نفط الشرق الاوسط ) تحديدا ..... وكانت البدايه منذ حظر النفط العربي عام 1973م !!... والا فإن تكاليف كل انواع الطاقه سواءا الماليه او البيئيه لن تكون بحال اقل من تكاليف استخدام النفط ومشتقاته .... والله اعلى واعلم .