ما زال المستثمرون في حالة من عدم اليقين في ظل بقاء التوقعات الاقتصادية على حالها غير المستقرة وبقاء مشكلة الديون السيادية دون حل. فَقَدَ الاتجاه الصاعد لسعر صرف الدولار زخمه خلال الأيام الأولى من الأسبوع الماضي عندما قرر المتعاملون البيع لجني بعض الأرباح قبل صدور تقرير البطالة الأمريكية الشهري. وقد أدى الارتفاع القياسي في عمليات بيع اليورو على المكشوف إلى زيادة احتمالات حدوث ارتفاع سريع في تغطية المراكز المكشوفة. وحتى الآن، فإن سعر صرف اليورو البالغ 1.3740 دولار أمريكي منع اليورو من تحقيق أي مزيد من التقدم وبرز مشترو الدولار الأمريكي عقب صدور التقرير الذي أكد حدوث إغلاق قوي نسبيا خلال هذا الأسبوع.
وقد تمكن مكتب الدين اليوناني أخيراً من بيع سندات خزانة لأجل عشر سنوات بقيمة 5 مليار يورو، حيث شهد هذا الإصدار اكتتاباً مكثفاً. ولكنه مع ذلك جاء بسعر مرتفع جدا، إذ يزيد قرابة 2 في المائة عن البرتغال كما يساوي ضعف سعر الفائدة التي تدفعها ألمانيا. وفي ظل وجود مبلغ 20 مليار يورو آخر في صورة سندات يحل أجلها خلال الأسابيع المقبلة، سوف نجد المستثمرين يراقبون عن كثب التزام أثينا بسياسة التضييق المالي.
وعلى مدى الأسبوع الماضي، تم التعامل في النفط الخام بسعر يقترب من 80 دولاراً أمريكياً للبرميل، حيث كان النفط يبحث عن عامل مساعد يمكنه دفعه عالياً في اتجاه الذروة التي بلغها في يناير الماضي عند 84 دولاراً أمريكياً للبرميل. أما مستويات المخزون فهي ثابتة إلى حد كبير، ومن المتوقع أن تظل هكذا خلال الأسابيع المقبلة.
ومن البوادر التي تثير القلق تلك الأنباء الواردة من الصين والتي تفيد بأن مصافي النفط هناك سوف تقوم بتقليص فترات التشغيل ومعالجة النفط الخام خلال شهر مارس، وهي الخطوة التي عُزيت إلى التراكم الكبير في مخزونات المنتجات غير المباعة، وذلك مثل زيت التدفئة والبنزين، حيث فاقت الإمدادات النمو في الطلب. ويأتي هذا التراكم في المخزونات في وقت نجد فيه مخزونات المنتجات في العالم الغربي عند مستويات مرتفعة من قبل. وإلى أن يبدأ السحب من هذه المخزونات كما ينبغي، فإن نطاق التعاملات الحالي لبرميل النفط الخام يبدو أنه جاهز للاستمرار، في حين أن التحركات في سعر صرف الدولار الأمريكي هي مصدر التحفيز الرئيس.
وقد تحركت أسعار الذهب ارتفاعاً خلال الأسبوع الماضي، وساعدها في ذلك انعكاس مؤقت في الارتفاع الأخير الذي شهده سعر صرف الدولار الأمريكي مصحوباً بالأنباء التي أفادت بأن البنك المركزي الروسي سيسعى إلى تحويل موارد إضافية إلى المعدن الأصفر. وقد ارتفع الطلب على صناديق الذهب المتداولة في البورصة في الفترة الأخيرة مما يدل على استمرار دعم قطاع التجزئة للسوق وأن الارتفاع الكبير في مراكز المضاربة الطويلة في قسم كومكس من بورصة نيويورك التجارية قد تراجع. وكما هو واضح فإن المستوى التالي المستهدف صعوداً هو الذروة التي بلغها المعدن الثمين في يناير الماضي عند مستوى 1162 دولاراً أمريكياً للأوقية، ويمكن الحصول على الدعم عند مستوى 1125 دولاراً أمريكياً للأوقية يعقبه مستوى 1107 دولاراً أمريكياً للأوقية.
أما الفضة فقد حلقت عالياً في الفترة الأخيرة، حيث بلغت أعلى مستوى لها منذ 22 يناير وبدأت من جديد تظهر وكأنها تسير على خطى الذهب، ولكنها عادة ما تفوقه أداءً في كلا الاتجاهين. أما نطاق التعاملات الحالي فهو بين 17.05 دولاراً أمريكياً للأوقية و17.55 دولاراً أمريكياً للأوقية.
وفي الوقت الحالي نجد أن نسبة سعر الذهب إلى سعر الفضة شهدت انخفاضا من 71 إلى 65.70، مما يعطي الفضة صدارة على الذهب بنسبة 7.5 في المائة خلال الشهر المنصرم. ونحن نتطلع الآن إلى الدعم على تلك النسبة انخفاضاً في اتجاه 65، وعندها سوف نترقب بدء الذهب جولةً جديدة من الأداء المتفوق على الفضة، مما سيدل عموماً على حدوث انعكاس في الانتعاش الأخير الذي شهده كلاهما.
تسبب الزلزال المأساوي الذي ضرب تشيلي مطلع الأسبوع الماضي في حدوث ارتفاع حاد في أسعار النحاس على خلفية المخاوف من إمكانية تأثر المناجم -ومن ثم الإمدادات- على المدى القريب، حيث تستحوذ تشيلي على ثلث الإنتاج العالمي من النحاس، ولكن نظراً لأن المناجم موجودة في شمال البلاد بعيداً جداً عن مركز الزلزال، فقد تبين في النهاية أن هذه المناجم لم تتأثر. وحسب التقديرات التي أعلنتها شركة كوديلكو، وهي أكبر شركة منتجة للنحاس في العالم، فإن إنتاجها سوف يتأثر بدرجة تقل عن 0.5 في المائة من إنتاجها السنوي.
ورغم البيع المكثف الأولي الذي جرى في أعقاب الارتفاع الحاد، ظلت الأسعار ثابتة، وهي الآن تزيد بنسبة 20 في المائة عن أدنى مستوياتها منذ شهر مضى. وما زالت المخزونات تشهد ارتفاعاً، وإن كان ذلك بوتيرة أبطأ، في حين أن شهادات تخزين النحاس الملغاة في بورصة لندن للمعادن ما زالت مرتفعة، مما يشير إلى أن نشاط السوق الفعلية بدأ يشهد انتعاشاً.
على المدى القصير، نحن نترقب أن يتم التعامل في هذا المعدن ضمن نطاق يتراوح بين 329 دولاراً أمريكياً و350 دولاراً أمريكياً للعقد، مع اعتبار أن مؤشرات النشاط الاقتصادي والدولار هما المحركان الرئيسان.
أما أسعار الذرة فقد واصلت ببطء تعافيها من أدنى مستوى لها وصلته في أوائل شهر أبريل الماضي عند 359 دولاراً أمريكياً للطن. ومنذ شهر يناير الماضي والذرة تحاول التعافي من البيع المكثف الذي شهدته بنسبة 16 في المائة بعد التقرير الخاص بتقديرات العرض والطلب العالميين على المنتجات الزراعية الذي أظهر زيادة غير متوقعة في الإنتاج. ومن منظور تقني، ما زالت تعاني السوق من فجوة يجب سدها بين مستويي 396 دولاراً أمريكياً للطن و403 دولار أمريكي للطن للعقد تسليم شهر مايو في بورصة شيكاغو التجارية.
سوف يشهد يوم 10 مارس 2010 صدور تقرير إنتاج الحاصلات الزراعية، وهناك بعض التكهنات بأن وزارة الزراعة الأمريكية سوف تخفض أرقام الإنتاج عما أوردته في وقت سابق في شهر مايو، مما سيعطي بالتالي دعماً للأسعار. وهناك عوامل أخرى عديدة فيما يبدو تدعم الأسعار في الأسابيع المقبلة، من ضمنها قوة الطلب على الإيثانول، والمخاوف بشأن الجودة، والمشكلات المحتملة فيما يتعلق بالتأخر في الزراعة في أعقاب الشتاء البارد، وأخيراً وليس آخراً النمط التاريخي الذي تميل الذرة فيه إلى التحرك ارتفاعاً خلال موسم الزراعة في الربيع. من منظور تقني، نجد أن عقود الذرة تسليم شهر مايو يجري التعامل فيها ضمن نطاق منحدر صعوداً فيما بين 372 دولاراً أمريكياً و394 دولاراً أمريكياً. ونحن ندعم الاتجاه الصعودي وننصح بالشراء عند انخفاض الأسعار في محاولة أخيرة لسد الفجوة التي ذكرناها فيما سبق. ويبدو النمط التقني للقمح مماثلاً، ولكن الصورة الأساسية تميل في صالح الذرة، ومن ثم فإن اتباع استراتيجية مركز طويل في الذرة ومركز قصير في القمح يمكن أن تكون بديلاً جيداً.
تقارير رائعة عن اسواق العملات والسلع مقدمة من ساكسو بنك..شكرا لمن قام باعداد هذه التقارير وترجمتها..اتمنى الاستمرار