شركات البترول الدولية (الأميركية بالتحديد) هي مؤشر مهم لمستقبل صناعة البترول، الأسبوع الماضي برغم خسائر أكسون موبيل (XOM)، إلا أن الشركة أعلنت أنها تنظر لمستقبل البترول بتفاؤل يفوق منظمة أوبك، وتتوقع أن يبلغ الطلب العالمي 111 مليون برميل العام 2040، ورفع إنتاجها من الوقود الأحفوري بأكثر من 30 % خلال الأربع السنوات المقبلة، برغم التحول العالمي في مزيج الطاقة، وبرغم وضع الشركة السيئ ماليًا.
أهمية النظرة الاستراتيجية لهذه الشركات تعود لعدة أسباب، أولاً: أنها شركات عريقة تأسست منذ أكثر من قرن، وعاصرت طفرات وأزمات بترولية متنوعة، منذ أن كان قطاع الطاقة هو الأضخم بقيمته السوقية حتى سبعينات القرن الماضي، وهذا ما جعلها تطور تنقية دراسة السوق ومهارة قراءة المستقبل، ثانياً: تنوع حقولها حول العالم، مما أكسبها قدرات تقنية وبحثية لمعرفة حدود التقنية وقدرات الإنتاج، ثالثاً: والأهم هو تنوع حقولها بين العالم، خصوصًا بين الدول النامية مثل العراق، وروسيا، ونيجيريا، أجبرها على فهم المخاطر الجيوبوليتيكية وكيفية التعامل معها، وهذا ما يفسر أنك تجد دخل رئيس شركة XOM أو شيڤرون يعادل دخل رئيس أرامكو ثلاث مرات (حسب دراسة لبلومبرغ العام 2016)، برغم أن إنتاج أرامكو يعادلهم مرتين مجتمعين، والسبب هو المجهود الدبلوماسي والسياسي الذي يقومون به، كيف استطاع (تلرسون) رئيس XOM التوغل وصنع علاقات قوية في روسيا؟لدرجة أن الشركة استمرت في العمل حتى بعد العقوبات الأميركية العام 2014 بفترة وبحجة أسباب تقنية، وكان هناك شكوك حول الحجة أدت لغرامة ضدها العام 2017 لكنها لم تكن كبيرة وردت بقضية قانونية مضادة.
(بايدن) إذا فاز، وعد بإقاف التكسير الصخري في الأراضي الفيدرالية، وستنعكس بهبوط الإنتاج سنوياً 3 %، لكن الأسوأ هو عودته للاتفاق مع إيران والتي سوف تعيد 1-1.2 مليون برميل إيراني العام 2021 حسب تقديرات (JP Morgan -GS)، وهذا يزيد التحديات على المدى القصير، لكن على المدى الطويل هناك أبعاد كثيرة، أيضاً BP البريطانية وهي شركة دولية تنوي الخروج من عالم البترول، برغم من تقارب عمر احتياطياتها المثبتة وحجمها قياساً مع XOM وشيفرون، لماذا هذا الاختلاف الاستراتيجي؟
أولاً: الشركات الأميركية ملحوظ أن نفوذها قياساً أكبر في الدول النامية، خصوصاً إذا وجد خلاف مع الحكومة الأميركية، مثلاً Shell أجبرت على بيع أصولها في حقول (سخالين) الروسية بخلاف XOM، ثانياً: تداخل رجال الأعمال والسياسة أعلى في الولايات المتحدة.
وأخيراً: وهو المهم للولايات المتحدة حجم تجارة السلع ومنها البترول، وهو ما يعطي الدولار حجماً ضخماً في التجارة العالمية يصل إلى 45 % من تجارة العالم ويعزز حضوره العالمي، أتذكر أحد منتقدي السياسات البيئية في إحدى الدول النامية يقول: إنهم لا يكرهون البترول بل الدولار، عملة وأحياناً (ڤيتامين) الاقتصاد الأميركي.
نقلا عن الرياض