منصة مدرستي.. واقتصاديات التعليم

08/09/2020 0
فضل بن سعد البوعينين

التعليم قاعدة التنمية الشاملة، والتنمية الاقتصادية على وجه الخصوص. نجحت كوريا الجنوبية في حفر اسمها على خارطة الدول الصناعية المتقدمة برغم ضعف مواردها الطبيعية، باعتمادها على التعليم الحديث كقاعدة لتحقيق التنمية المستدامة؛ ما ساعدها على تحقيق التنمية الاقتصادية، والتحول نحو الاقتصاد المعرفي معتمدة على نظامها التعليمي المعزز للبحث العلمي، الابتكار، الإبداع والتطوير، والتقنيات الحديثة.

للتعليم جوانب اقتصادية مهمة، وتأثير كبير على نواحي الحياة عموماً، ومع التطور الكبير الذي طرأ على الاقتصادات العالمية والانفتاح على الثورة الصناعية الرابعة، أصبح التعليم النوعي أساس التطور والنمو، ومع ظهور جائحة كورونا، اعتمد العالم على الخدمات الإلكترونية لإنجاز أعمالهم، وتلبية احتياجاتهم، بما فيها التسوق الإلكتروني. والتعليم جانب رئيس من الاحتياجات المهمة، حيث أسهمت البرامج التقنية في إيجاد بدائل للتعليم التقليدي الذي توقف قسراً، خشية انتشار الوباء.

اعتمدت وزارة التعليم على منصة مدرستي لضمان استمرارية العملية التعليمية، وبدء العام الدراسي، وهي جزء من منظومة متكاملة تستهدف تطوير التعليم بشكل عام؛ والتي كان من المفترض إطلاقها رسمياً في السنوات القادمة كجزء من أهداف رؤية المملكة 2030، إلا أن تداعيات جائحة كورونا فرضت تقديم موعد إطلاقها لضمان بدء الفصل الدراسي الحالي.

منصة مدرستي من الحلول البديلة التي سمحت باستمرار العملية التعليمية، وتطبيق آلية التعليم عن بعد، وفق منظومة متكاملة، توفر الحصص الدراسية المعتادة بشكل افتراضي عن طريق البث الإلكتروني. لم يخل إطلاق المنصة من التحديات، كما أن التحيات طالت الطلاب والطالبات خاصة من لا يمتلكون الحواسب الآلية أو الأجهزة اللوحية، والذين لا يحظون بتغطية شبكة الإنترنت. لذا قامت الوزارة بإطلاق 23 قناة تلفزيونية تعليمية تتيح للجميع الاستفادة منها، إضافة إلى رفع محتواها على اليوتيوب لتمكين أولياء الأمور العودة لها في أي وقت. الأكيد أن منصة مدرستي من الحلول البديلة العاجلة ما يعني مواجهتها بعض التحديات التقنية التي يتم التغلب عليها تباعاً، وهو أمر متوقع مع كل الأنظمة حديثة التطبيق. أسست منصة مدرستي على قاعدة تقنية حديثة ووفق رؤية مستقبلية، وهي في أمس الحاجة للدعم وتعزيز ثقافة التعلم عن بعد لدى الأسر التي ستكون شريكة رئيسة في العملية التعليمية.

تتصف عمليات تطوير أدوات التعليم عن بُعد بالاستدامة، وهي جزء من تطوير شامل للمنظومة التعليمية، ما يتطلب الكثير من الدعم الرسمي والمجتمعي وتعزيز المكاسب ومعالجة التحديات ووقف عمليات الترصد وتضخيم الأخطاء. تعمل الوزارة على محاور مختلفة لتحقيق هدف تطوير المنظومة التعليمية، وفق إستراتيجية وطنية شاملة، وتجاهد من أجل تقليص الفاقد التعليمي ورفع كفاءة مخرجات التعليم، ومستوى القياس العالمي للطلاب والطالبات، وتحسين مناهج التعليم، وإعادة تصميم المحتوى التعليمي ليتحول إلى محتوى رقمي متوافق مع متطلبات العصر، وهو عمل مبارك تستحق عليه الشكر والتقدير.

برنامج تطوير منظومة التعليم أحد أهم البرامج الوطنية التي اهتمت بها رؤية2030 والتي تعمل الوزارة على تحقيق أهدافها، ومن الظلم مواجهة هذا المشروع الضخم بسلبية وترصد من بعض مكونات المجتمع، أو بعض المسؤولين غير المؤمنين بعملية التطوير الوطنية، أو من غير المدركين لأهمية التطوير ومواكبة المتغيرات العالمية. تصيد الأخطاء وتضخيمها واستهداف المعلمين والمعلمات، وتجييش الرأي العام ضد كل عملية تطوير مستقبلية أمر يجب أن يتوقف لمصلحة الوطن ومستقبل أبنائه الباحثين عن كفاءة التعليم العالمي في وطنهم، وبالسواعد الوطنية الكفؤة. هناك خطط طموحة للارتقاء بالتعليم ومخرجاته، ومواكبة السباق العالمي نحو الريادة المعرفية التي تعد قاعدة التنمية البشرية والاقتصادية الحديثة.

 

نقلا عن الجزيرة